أصدرت المحاكم فى الفترات الأخيرة عدة أحكام تبرئ أشخاصا ومسؤولين سابقين من تهم اتهموا بها وخاصة تهم إهدار المال العام أو الكسب غير المشروع والتربح من أعمالهم خلال توليهم وظائفهم ولكن بعد أن تم التشهير بهم والطعن فى السيرة والسمعة خلال فترة محاكمتهم وذلك سواء فى وسائل الإعلام أو على شبكات التواصل الاجتماعى أو النميمة فى جلسات السمر بين الناس وبلغت إلى حد الغوص فى الأعراض (أعوذ بالله) وهذه الصفات السيئة أصبحت منتشرة بصورة مرعبة ومخيفة فى الوقت الحاضر.
ويعانى هؤلاء الأشخاص وأسرهم الذين صدرت بحقهم أحكام البراءة بعد أمد طويل والحكم عنوان الحقيقة، كما أقر القانون، تشويه السمعة وتلويثها بما ليس فيها والتى يترتب عليها خراب البيوت وهدم الأسر وتدمير العائلات لأن تشويه السمعة من أسوأ الصفات التى تلتصق بالإنسان طيلة حياته وبعد مماته وعدة أجيال بعده وقد حرم الله الطعن فى الأعراض والخوض فى سمعة الناس وذلك فى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) وهناك من الأحاديث النبوية التى تنهى عن ذلك، حيث قال أبو ذر رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (من أشاع على مسلم كلمةً ليشينه بها بغير حق، شانه الله بها فى النار يوم القيامة) وأيضا هناك الحكمة الشهيرة للسيد المسيح عيسى عليه السلام من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر.
ولذا اتمنى على المختصين ووسائل الإعلام عدم نشر القضايا بداية من مرحلة القبض على أى إنسان وخلال مراحل التحقيق ونشر فقط الأحكام النهائية الباتة ولو اقتضت الضرورة يتم نشر مراحل القضية بدون ذكر أسماء وذلك منعا للتشهير وصونا للأعراض وحفاظا على السمعة لأن القاعدة القانونية تقول المتهم برىء حتى تثبت إدانته وهناك الكثيرون الذين ثبتت براءتهم بعد اتهامهم ولكن بعد أن دمرتهم الأمراض النفسية والجسدية هم وعائلاتهم بسبب تلويك سمعتهم بأفظع الصفات بألسنة الناس بعد أن كانوا محل تقدير واحترام فى المجتمع.