لماذا يجب أن يفخر الشعب المصري والشعوب العربية، وتصل الرؤوس قلب السماء في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ال 48، الإجابة لا تحتاج الكثير من التفكير، فتلك الانتصارات التي سطرها الأبطال، غيرت خارطة المنطقة، وعدلت فكر وخطط العالم تجاه العرب .
وإذا كانت التهنئة الأكبر الآن للقائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وجيش مصر العظيم الذي سطر البطولات والامجاد التى نفتخر بها الآن، فإننا يجب أن نؤكد أن هذا القائد وهذا الجيش مازالوا مصرين على الإنتصار في ميدان التنمية والبناء، كما انتصر الآباء المعلمون في ميدان الحرب، فالنصر موصول والأبطال لا يقبلون إلا الوقوف في الصفوف الأولى، لأنهم يدركون جيداً مدى قوتهم وعظمة بلدهم الذي علم العالم وأبهر الأعداء قبل الأصدقاء .
إن حرب أكتوبر المجيدة يجب أن تكون راسخة في أذهان كل الأجيال، خاصة تلك الأجيال التي لم تعيشها، فالإنتصار لا يكون إنتصارا إلا عندما نحافظ عليه، ونبنى على مكتساباته، وما يفعله الرئيس عبدالفتاح السيسي الآن هو إنتصار جديد، ولكن في ميدان البناء والتنمية، كما كان إنتصار أكتوبر نصرا عظيماً في ميدان الحرب، يجب أن نعلم أن سلسلة الانتصارات التي حققها الرئيس السيسي، حتى قبل أن يتولى منصب الرئاسة، إنما هي إكمال وتدعيم لانتصارات أكتوبر المجيدة فكما أنقذت انتصارات أكتوبر مصر والعرب من عار الهزيمة، أنقذت انتصارات 30 يونيو مصر من وباء وعار حكم الإخوان لبلادنا، وكما يقود الرئيس السيسي سفينة الوطن في مختلف الميادين خاصة ميادين البناء والتنمية وميادين العلاقات الإقليمية والدولية، ويحقق فيها انتصارات وإنجازات، كان إنتصار أكتوبر ميدانا واسعاً لانتصارات العرب قبل المصريين، فسلاح النفط الذى أستخدم في أكتوبر، ارتدا إلى العرب ثروات طائلة ومكانة إستراتيجية غير مسبوقة في تاريخهم، وما ننعم به الآن من سلام واستقرار، إنما هو مرحلة لاحقة جرى الحفاظ عليها بعد انتصارات أكتوبر المجيدة، فلولا الإنتصار في أكتوبر، وكونها آخر الحروب الكبرى في المنطقة، لكنا كمصريين وعرب نخوض حرباً تلو الأخرى، ولا يعلم إلا الله كيف كان من الممكن أن ندفع ثمن كل تلك الحروب، فتكلفة الحروب الباهظة تعنى أنه لا بناء ولا تنمية ولا إعمار، لأن كافة الأموال يتم توجيهها إلى المجهود الحربي، وتتوقف خطط التنمية، ويتوجه الجميع إلى ميدان الحرب، فلا ينعم بحياه، ولا ينعم باستقرار، فالحرب باهظة الثمن، والنصر فيها غالي وعزيز .
إن آثار حرب أكتوبر المجيدة تتعدد وتتجدد، الأمر الذي جعلها مادة للبحث والدراسة، كما تنبأ قائدها الرئيس الراحل أنور السادات، بأن العالم سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر، فتلك الحرب وهذا الإنتصار، بكل ما قدمه الأبطال من إنجازات ترقى إلى درجة المعجزات، أدت إلى سقوط أسطورة خط بارليف، الذى صدَّعوا رؤوس العالم كله بمدى مناعة حصونه، وإستحالة إختراقه أو إجتيازه، كما أسقطت أسطورة السلاح الجوى الإسرائيلى ذى الذراع الطويلة، التى تطال أى بقعة فى العالم العربى، والمزود بأحدث مافى الترسانات الحربية الغربية من طائرات الفانتوم والسكاى هوك والميراج، هذه الذراع الطويلة بترتها قوات دفاعنا الجوى والقوات الجوية .
إن أسطورة تفوق جهاز مخابراتهم ( الموساد)، التى أشاعوا عنها أنها تعلم مافى النوايا، سقطت هى الأخرى بعد أن تعرضت لمراحل مختلفة من الخداع الإستراتيجى المحكم، من تدبير المخابرات العامة المصرية، كما سقطت أسطورة (الجيش الذى لايقهر)، الذى نال سمعة عسكرية لا يستحقها، وأسطورة الجندى الإسرائيلى الخارق، وأكثر من ذلك أن تلك الحرب أسقطت للأبد، أسطورة أزلية التخلف العربى وعجز الجندى العربى عن إستيعاب التكنولوجيا الحديثة، بعد أن كادت أن تصبح من المسلمات الراسخة فى الضمير الجمعى للعالم الغربى كله، نتيجة سعى إسرائيل لتأكيد هذه الاكذوبة باعتبارها من المسلمات التي لا تقبل النقاش .
ولن ننسى أن نذكر أيضاً، سقوط أسطورة ما كان يعرف بالحدود الآمنة، ونظرية الأمن الإسرائيلى وأهمية شرم الشيخ لإسرائيل، ناهيك عن زوال أسطورة خلود العجز العربى الدائم عن عدم قدرتهم على توحيد خططهم وجهودهم، فى شن حرب مشتركة ضد إسرائيل، فضلاً عن إخفاء نواياهم وأسرارهم عن العدو الإسرائيلى، وذلك بشن الحرب بالتنسيق بين مصر وسوريا، ثم إشتراك العراق بعد ذلك ودخول سلاح البترول فى المعركة .
إن سقوط أكذوبة إنتصار إسرائيل فى الثغرة ـ أخر الأكاذيب ـ صار أمرا واقعاً مشهودا، بعد تلقى قواتها هزيمة ساحقة على أبواب مدينتى الإسماعلية والسويس، وفشلها فى القضاء على الجيش الثالث الميدانى أو حتى إخضاعه، وتعرض الوحدات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة لخطر الإبادة، أو الأسر على يد القوات المصرية المحاصرة لها، وإضطرارها فى النهاية إلى سحب قواتها عن غرب القناة أثر توقيع إتفاقية فض الإشتباك فى يناير 1974، وكانت الخطة شاملة لتصفية تلك الثغرة، التي حاولت إسرائيل ترويجها على أنها إنتصار مؤكد، إلا أنها سقطت كما سقطت مجمل الأساطير الوهمية، والخرافات الكاذبة، التى أزالتها حرب أكتوبر للأبد، بعد الخسائر الهائلة التى نزلت خلال حرب أكتوبر على رؤوس الاسرائيليين، الأمر الذي جعلهم عاجزين عن إحصاء الخسائر، لم يعد أحد هناك يسأل، لمن تدق الأجراس، التي تطلق للإعلان عن خطر أو كارثة، فقد كان الموت يشمل الجمـيع، بينما تحولت أعـياد ( كيبور ) إلى مأتم كبير . وليس ثمة شك في أن إحتفالات الدولة الوطنية الحديثة، التي يقودها الرئيس السيسي بانتصارات أكتوبر، تعيد الأمور إلى نصابها، وتنسب الفضل لأهله، بعد أن رسمت إحتفالات ٢٠١١ معالم كارثة بكل المقاييس، حيث حضر قتلة صاحب النصر الرئيس الراحل أنور السادات، وجلسوا مكانه علي المنصة، وكانوا شامتين وليسوا مهنئين، لذلك كانت كارثة، عندما أراد الإخوان الإرهابيون خلال الإحتفال أن يرسلوا رسالة، بأننا نحن الذين انتصرنا علي مصر وأهلها، أما الآن فهي إحتفالات شعب قبل أن تكون إحتفالات حكومة، وفوق كل ذلك إحتفالات أحد أهم القادة العسكريين في العالم، وهو الذي يحكم مصر، القائد والزعيم البطل عبد الفتاح السيسي، هذا الرجل الذي دائماً ما يسن لنا القواعد، وهذا ما شاهدناه خلال وقائع الندوة التثقيفية التي عقدت يوم الأربعاء، حيث أكد أن الوفاء والاعتراف بالفضل من شيم الرجال ومن أخلاق القادة، وأن لا شيئ يضيع فى هذا البلد، وكل ما يقدمه الأبطال والرجال من أبناء مصر، هو محفوظ ومشكور، وسوف يأتي اليوم الذى تتلى فيه كل سطور البطولات، التي كتبت بدماء الأبطال، وظهر واضحاً فى لمسة العرفان التى أبرزها الرئيس اليوم عندما ذكر أسماء قيادات لا يغيب ذكرها مهما مرت السنوات، الفريق عبد رب النبى حافظ الذي تولى أرفع المناصب في الجيش المصري، حتى وصل إلى منصب رئاسة الأركان، واللواء دكتور سمير فرج الذى احتفى به الرئيس كقائد سابق له، بداية التحاقه بالقوات المسلحة المصرية برتبة ملازم أول، ثم بعد ذلك عندما تولى رئاسة أركان الفرقة 33 .
إن ماجرى بعد انتصارات أكتوبر، هو تغيير لكل المخططات، وتغيير لخريطة المنطقة بالكامل، وتغيير لكل قواعد اللعب، وقواعد العلاقات الدولية، بالإضافة إلي تغييرات في موازين القوى، لأن ماجرى في حرب أكتوبر هو معجزة بكل المقاييس، تخطيطا وإدارةً وتنفيذاً، قواعد جديدة وضعت ليس في الحرب فقط وإنما في العلاقات السياسية أيضاً .
لقد كانت مصر هي المنتصر الأكبر من معاهدة السلام واتفاقيات كامب ديفيد، ويكفي استرداد الأرض كاملة والتواجد داخل سيناء، وما يجري الآن من عمليات إعمار بسيناء، ووصلها بالوطن الأم مصر، وحقيقة ماجرى سواء في الحرب أو بعد ذلك في اتفاقيات السلام، أو الاتفاقيات الفرعية، كان إنتصارا لمصر بكل المقاييس، فالشعب الوحيد الذي يخافه اليهود ويقدره، هو الشعب المصري لأنه الشعب الوحيد الذي استطاع أن يحصل علي حقوقه، واستطاع أن يغلب اليهود ليس فقط في الحرب إنما أيضاً في السلم .
فالقيادة المصرية الحكيمة تتبنى دبلوماسية البناء والتنمية، وليس إشعال الحروب، وكلنا رأينا كيف تمكنت مصر من إطفاء حرائق، كان لا يمكن أن تنطفئ بين الفلسطينيين وإسرائيل، لولا أن تدخلت مصر لما لها من القوة، وهي اليد العليا في أي علاقة سواء مع إسرائيل أو غيرها .
إن فخرنا بجيش مصر العظيم لا حدود له، هذا الجيش الذي نحن بفضل انتصارته نعيش في هدوء وأمان، وبعيداً تماماً عن أي تجاذبات أو أي حروب، الآن نبني بعد أن كانت كافة مجهوداتنا موجهة إلى الحرب وموجهة إلى المجهود الحربي، لأنه في النهاية كان هناك عدو يجب أن نستعيد أرضنا منه، ويجب أن ننتصر عليه، كما أن إعتزازنا بالرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا القائد العظيم الذي نفخر به، ونفخر في أي مكان من العالم أن هناك من يحكمنا، رجل يعرف قيمة بلده ويعرف قيمة شعبه، الرجل الذي يجعلنا نحظى بالاحترام في كل مكان، بسبب سياسته القائمة علي السلام والعدل والتنمية والبناء وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وضمن لمصرنا العزيزة التفوق وإبهار العالم، كما أبهرته دائمًا .