بدأ الصهاينة مرحلة المواجهة السافرة فى المسجد الأقصى بكل فجر، لم تعد لديهم حاجة للتجميل أو التأجيل، انتهوا من معركة القدس بإحكام القبضة عليها وتطويقها وخنقها وتقطيعها، وفرضوا عليها إجراءات التهويد بحكم الأمر الواقع فى ظل صمت عربى ودولى مريب، والآن صار طريقهم مفتوحا للاستيلاء على الحرم القدسى تمهيدا لتنفيذ مخططهم المعلن لهدم المسجد وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه .
أصدرت محكمة إسرائيلية قرارا يؤكد أحقية اليهود بالصلاة فى المسجد الأقصى، فى تحد سافر للقرارات الدولية الخاصة بحماية المقدسات الواقعة تحت الاحتلال، ومع ذلك يقف العالم مغلول الأيدى، أما العرب والمسلمون الذين يمثل الأقصى بالنسبة لهم أولى القبلتين وثالث الحرمين فهم مفككون مشتتون، ليس لهم كلمة ولا وزن، بعضهم يكتفى بتصريحات الإدانة والشجب، وبعضهم الآخر يهرول للتطبيع مع دولة إسرائيل، وهو فى الأصل لم يكن فى حرب ضدها .
ورغم الأنباء التى ترددت عن قيام محكمة إسرائيلية أخرى بإلغاء الحكم السابق إلا أنها مناورة مكشوفة، وحلقة من حلقات ” جس النبض ” التى تتوالى لكى يعتادها الناس، حتى إذا وقعت الواقعة وتم تأكيد الحكم وتنفيذه ذات يوم لايكون مفاجأة صادمة، وهو نفس السيناريو الذى تم تطبيقه مع قرارات ضم القدس لتكون مدينة موحدة عاصمة للدولة الصهيونية، وضم هضبة الجولان السورية، وتقسيم الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل بين المسلمين واليهود .
ومنذ هزيمة يونية 1967، واستيلاء اسرائيل على القدس، لم تتوقف جرائم التحرش بالمسجد الأقصى، كانت البداية بإحراقه فى أغسطس 1969، ولما لم يجد الصهاينة ردا عربيا وإسلاميا حاسما على فعلتهم توالت حرائقهم وحفائرهم لتخريب المسجد، وأخذوا يسيرون قوافل المتطرفين والمستوطنين لاقتحامه تحت قيادة وزراء وحزبيين، وفى حراسة قوات الاحتلال لإثبات مواطئ أقدام لهم ، ويفرضون فى المقابل على المواطنين الفلسطينيين إجراءات ظالمة لمنعهم من الصلاة فى المسجد بحجج واهية .
وبدلا من أن يقف المسلمون صفا واحدا لمساندة إخوانهم الفلسطينيين، ودعم نضالهم دفاعا عن الأقصى، اكتفوا بالفرجة، بل تورط بعضهم فى ترويج مزاعم باطلة لنزع القداسة عن أولى القبلتين حتى يسوغ التفريط فيه، وكلما تجرأت إسرائيل فى اعتداءاتها يبكى وجه الأقصى حزنا على مايحدث له، وماوصل إليه حالنا .
Xxx
وفى إقليم كشمير ذى الأغلبية المسلمة الذى تحتله الهند وجه آخر يبكى ويستغيث من الجرائم التى ترتكبها الحكومة الهندوسية المتطرفة ضد مواطنيه، والتى ترقى إلى جرائم الحرب، خاصة عمليات القتل الممنهج على الهوية الدينية، والتهجير الجماعى للمسلمين لتغيير الوضعية الديموجرافية، وتفريغ الإقليم من سكانه الأصليين، وخلق أغلبية هندوسية مصطنعة، تجعل من المستحيل تحقيق حلم شعب كشمير بالاستقلال والحصول على حق تقرير المصير مثل باقى الولايات المسلمة التى استقلت عام 1947 باستفتاءات عامة، وشكلت دولة باكستان .
وفى هذه الأيام تجهز الهند لارتكاب مذبحة جديدة ضد مسلمى كشمير تحت سمع وبصر العالم، فقد وجهت السلطات هناك تحذيرا لكل أهل الأديان ـ ماعدا المسلمين ـ للخروج فورا من كشمير استعدادا لحملة عسكرية ضد “الإرهاب”، وهو العنوان المبتذل الذى تستخدمه الحكومة الهندوسية للتغطية على حربها الدائمة للإسلام والمسلمين .
وتمثل الهند استعمارا استيطانيا فى كشمير يقتدى بالاستعمار الصهيونى الاستيطانى فى فلسطين، ويطبق سياساته الجهنمية خطوة خطوة، اعتمادا على فرض واقع جديد بالقوة، بينما المسلمون لاهون، منقسمون، متشاغلون عن قضاياهم الاستراتيجية الحقيقية، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
Xxx
خلال مؤتمر القمة الإفريقية الفرنسية يوم الجمعة الماضية رفض الرئيس الفرنسى مانويل ماكرون طلبا من شباب إفريقيا لتقديم اعتذار رسمى بشأن التاريخ الاستعمارى الفرنسى فى القارة الإفريقية، وقبلها بأيام رفض الاعتذار للجزائرعن الجرائم التى ارتكبتها بلاده إبان فترة استعمارها، ورد على ذلك ردا سيئا ادعى فيه أنه لم تكن هناك أمة جزائرية قبل دخول فرنسا إلى الجزائر، وفى نفس التوقيت تقريبا وجه رئيس الحكومة الانتقالية فى مالى اتهاما صريحا وعلنيا إلى فرنسا بتدريب وتسليح جماعات إرهابية فى شمال بلاده، ومنع الجيش من الوصول إليها .
ماكرون نموذج فج للزعماء الرعناء الذين يثيرون نوازع الشر والكراهية والتعصب فى عالمنا بسبب طيشهم وغطرستهم واندفاعهم، ولا يدركون أن الشعوب استيقظت، وصارت أكثر وعيا بحقائق التاريخ .
Xxx
حين فجعنا بالرسومات المسيئة لنبى الرحمة صلى الله عليه وسلم استكثر علينا أدعياء الحكمة أن نحزن وتنفطر قلوبنا، واستنكروا دعوات المقاطعة لمنتجات الدول التى روجت لهذه الرسومات فى صحفها، وعمدوا إلى تثبيط الهمم زاعمين أن أى رد من جانبنا لن يجدى شيئا، وأن العالم المتمدين نزع القداسة عن أى شيء وأى شخص، حتى الأنبياء، وأننا يجب ألا نقف فى وجه حرية التعبير.
وحين طالت يد الانتقام الإلهى الرسام السويدى صاحب الرسومات البذيئة، واشتعلت فيه النيران حتى تفحمت جثته مع اثنين من حراسه الأسبوع الماضى، وفرحنا بهذا الانتقام الذى شفى الله به صدور قوم مؤمنين، لأن القوانين البشرية قصرت عن معاقبة الرسام الأفاك وأشياعه، خرج أدعياء الحكمة يتهموننا بالشماتة والتخلف وانعدام الإنسانية، يريدون أن نكون دائما فى خنوع وضعف، ونخاف حتى من إظهار مشاعر السرور بموت الطواغيت الذين شوهوا ديننا وأهانوا نبينا .
أدعياء الحكمة عليهم أن يراجعوا إيمانهم، وصدق رسولنا الكريم : ” من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ” .
XXX