يتساءل الكثير من الناس عن الفائدة من خلق الحيوانات المفترسة والضارة المؤذية كالأسد والنمر والضبع والذئب والفيل والخنزير والأفاعى السامة والتماسيح والعقارب والبعوض والذباب والبوم والخفافيش وغيرها .وأكثر سؤال محير هو لماذا الخنزير وقد حرم الله أكل لحمه على الإنسان في القرأن الكريم بقوله :” إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ” (سورة البقرة/173 ) باعتبارها من خبائث اللحوم أي من اللحوم المضرة والمؤذية لجسم الإنسان وفق قوله تعالى :” ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ” (الأنعام /157)
الطيور: لقد خلق الله سبحانه وتعالى أنواع مختلفة من الطيور تصل إلى حوالي تسعة آلاف نوع. وتمتاز الطيور بأنها كائنات فقارية يغطي جسمها الريش، ومعظمها يستطيع الطيران ومنها الذي لايطير كالنعام، وتتكيف الطيور مع البيئة التي تعيش فيها. قال تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم)، صدق الله العظيم. تتميز البيئة الطبيعية بأنها تضم النباتات والحيوانات والطيور، وتتميز هذه البيئة بالتنوع الحيوي، للطيور أهمية كبيرة في حفظ التوازن البيئي. حيث تعمل الطيور على تنقية المزارع من القوارض والحشرات الضارة بالتربة. كذلك فإن للطيور دور إيجابي في الطبيعة حيث هناك “علاقة الافتراس والتطفل..” وما إلى ذلك
هناك طيور مثل ( أبو منجل، أبو قردان، الهدهد، أبو فصادة، الزرزور، الأبلق ). مثل هذه الطيور تقوم على تنظيف التربة الزراعية من الديدان الضارة بالتربة، فتنقي الطيور الآفات والحشرات والديدان الضارة بالتربة والتي تتلف المزروعات. كذلك هناك طيور وجدت لكي تعيد توازن البيئة، مثل النسر و الذي يتغذى على الجيفة أي الحيوانات الميتة. حيث يمتاز النسر بنظرة الحاد الثاقب، فيستطيع أن يرى من على بعد كبير فريسته، حيث نجد النسر يأكل الجيفة والفئران والزواحف. فنجدها تخلص الأرض من الأشياء التي تضر بها لتعيد التوازن البيئي.الخنزير: رغم منة الخالق ورحمته في الإهتمام بصحة الإنسان بتحريم مايضره وبالتالي تحريم أكل لحم الخنزير، وقد تبينت أضراره مع تقدم العلم ،إلا أن التساؤل يظل قائماً من قبل البعض ،ألا وهو لماذا خلق الخنزير إذا كان لحمه على هذه الدرجة من الضرر للإنسان ؟
ولمعرفة سر خلق هذا الحيوان بعد بيان ضرره وعندما نتعرف على مهماته ووظائفه البيئية التي خلق لأجلها ، وكأنه آلة مسخرة لنا ، فإننا سنمتنع أخلاقياً ، بما يتجاوز النهي ، عن أكله مع تحريمه على أنفسنا حفاظاً على تواجده في مكانه الملائم لتنفيذ واجباته التي خلق من أجلها لخدمة الإنسان وليس بسبب أضرار لحومه فقط ،.فالخنزير هو أقذر الحيوانات القمامة وفقاً لما يلتهمه ، إذ أنه مصمم بصورة رئيسية لأكل الجيف وأكل فضلات الحيوان والإنسان التي كان يخلفها في العراء قبل نشأة الحضارة ولايزال في بعض المناطق في العالم التي لم تلتحق بالحضارة المدنية وما تؤمنه من تسهيلات في خدمة الإنسان للمحافظة على الصحة العامة .الفيل : أما الفيل فإن أهميته بالنسبة للبيئة والإنسان والحيوان بالغة جداً ، إذ أنه هو الحيوان الوحيد البارع في شق الطرقات وسط الغابات ، كما الجرافه الآلية ، لضخامته وقوته بحيث يقتلع الأشجار التي تعترض طريقه لتسهيل مرور قطعانه .
كما وأن أهميته القصوى تبرز في معرفته مواقع المياه حتى في باطن الأرض ، حيث تتبعه الحيوانات والوحوش عن بعد وقت الجفاف لعشرات الكيلومترات ، لإنها تدرك تماماً حاجته للماء وتعرف مقصده في ترحاله السريع واندفاعه ، إلى أن يقف فجأة ليبدأ الحفر بقدمه وخرطومه لتنفجر المياه عن بركة واسعة ليشرب منها ويفسح المجال للآخرين بعد الإرتواء .كما وأن الفيل مهم جداً للآسيوين ، في الهند وكمبوديا وتايلاند وأندونيسيا ، كما بلدان أخرى مجاورة ، حيث يستخدمونه استخدام سيئ في النقل للأشياء الضخمة ، خاصة لجذوع الأشجار التى لاتستطيع السيارات حملها .
الوحوش المفترسة : أما الوحوش المفترسة من أكلة اللحوم ، كالأسود والنمور والفهود والذئاب والضباع ، فإن أهميتها تكمن في أنها تحافظ بما تصطاد من الحيوانات العشبية على توازن الطبيعة النباتي لكى لايحدث التصح0ر من الرعي الجائر إن كثرت أعداد هذه الحيوانات بما يفوق توفر النبات ، كما على الصحة العامة في أكلها الجيف .
الأفاعي والحشرات: أما أهمية الأفاعي السامة فتكمن في انها تحافظ على سلامة سهول الإنسان وزراعاتة من الفئران والقوارض التي تتلف المزروعات بشكل بالغ ؛ ودور الأفاعى هو مكافحتها وملاحقتها حتى القضاء عليها ؛ لذا فمن الضروري جداً تواجدها في الحقول والحفاظ عليها . وما على الإنسان سوى أخذ الحيطة والحذر منها في حقوله لتجنبها حتى لايضطر لقتلها لما في ذلك من ضرر على البيئة وعلى مصالحه الزراعية . لأنه لو خلت الحقول المزروعة للقوارض دون وجود الأفاعي لما نعم الإنسان بهذا الأمن الغذائي .وقد أثبت التقدم العلمي وتطوره بأن سم الأفعى مهم جداً لمعالجة الكثير من الأمراض المزمنة . وكذلك فإن كافة الحيوانات والحشرات السامة كالعناكب الكبيرة والعقارب على نفس الأهمية في حقل الطب والمعالجة الدوائية .
اما الحشرات المؤذية كالذباب والبعوض فإن وجودها ضروري مع ملامستها للإنسان لتمنحه المناعة من الأمراض منذ صغره أكثر الأحيان ، وقد خلق الله الطير للحد من تكاثرها .
التماسيح : أما التماسيح فإن أهميتها تكمن في أنها تأكل الجيف من الأنهار التي تتكائر في مياهها عند عبور الحيوانات من ضفة إلى أخرى ، خاصة الأيائل والبقر على أنواعه والحمر الوحشي سعياً وراء العشب حيث يهلك منها الكثير ، لتغرق في مياه الأنهر الجارية التي تشرب منها البشر عند عبورها لبلدانهم . والتماسيح عندما تأكل هذه الجيف فإنها تحافظ على نقاوة المياه ، ولولاها لأضحت المياه ملوثة غير صالحة للشرب .
البوم: أما البوم الذي يتشاءم منه الكثيرون في البلدان العربية دون مبرر ويعمدون إلى قتله . فإهميته تكمن في أن بعضه يعيش داخل المدن والقرى ، ، ليصطاد الفئران التي تستغل ظلمة الليل لتعيث الفساد والخراب حيث يكون البوم في انتظارها ليباغتها ويقضي عليها لسكون طيرانه .
الخفاش : أما الخفاش أو الوطواط هي الثدييات الوحيدة القادرة على الطيران. وإن غذائه الرئيسي هو البعوض والحيوانات التي يتم التعامل معها باعتبارها آفات أو كائنات مزعجة وخاصة الكائنات التي تنقل الأمراض. بحيث يعمل على التهامها بشكل دؤوب .ويعتبرعدو طبيعي للحشرات التي تطير ليلا فقد تستهلك الخفافيش التي تقتات علي الحشرات ما يعادل وزنها من الحشرات كل ليلة بما في ذلك البعوض الذي يحمل امراضا مثل فيروس زيكا ، حمي الضنك، و الملاريا. ولذلك يعتبر الخفاش احد عناصر التوازن البيئي أي كائن حي له مهمة في الطبيعة. لو تم القضاء علي الخفافيش سوف تظهر مشكلة اخري لآفات اخري. حيث يساهم الخفاش في خدمة النظام البيئي الحيوي، من حيث الملقحات فأثناء بحثها عن الغذاء ، تقوم الخفافيش بتلقيح حوالي 500 نوع من النباتات مثل الموز والجوافة والصبار وغير ذلك.
كاتب المقال د. عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية