هناك من الأخلاق غير الجيدة والسلوكيات السيئة فى بعض أفراد المجتمع منذ عشرات السنوات، تظهر فى نفوس أولياء أمور وطلاب، وهى لابد من وجود غش فى الامتحانات بأى صورة من الصور تسهيلا على الطلاب، خاصة فى امتحانات المراحل النهائية مثل الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية العامة، ويحدث ذلك بأسلوب فج وبالقوة، وهناك أيضا بالتراضى فى قرى ومراكز المحافظات، ومن يعترض على ذلك من أى مسئول يتعرض للوعيد والتهديد واحيانا للإهانة والضرب.
وهذا ما حدث مؤخرا لإحدى السيدات وهى رئيس لجنة امتحانات فى مدرسة بالدقهلية التى تعرضت للاعتداء من قبل أولياء أمور بعض الطالبات لحرصها على منع ظاهرة الغش خلال الامتحانات، وللأسف الشديد كان ذلك فى وجود بعض من أفراد الشرطة الذين قاموا بحمايتها وإخراجها من المدرسة، ولولاهم كان تم الفتك بها وإصابتها بكسور شديدة ووفاتها لا قدر الله من جراء هذا الاعتداء الأثيم، وقام وزير التعليم باستقبالها وتكريمها على التزامها بمنع الغش والذى هو من صميم عملها، ولم تزد عليه، وكان المفروض ايضا فى المقابل أنه يتم اتخاذ إجراءات قانونية تجاه أولياء الأمور الذين قاموا بهذا الفعل الغاشم، حتى يكونوا عبرة لمن يفكر أن يسلك هذا السلوك فيما بعد.
وللأسف أصبحت أخلاق الغش فى معظم الأمور هى السائدة فى مجتمعنا وهى بعيدة كل البعد عن تعاليم كل الأديان، وللأسف أيضا أصبحنا نتقبلها ولا نعترض عليها، وكأننا تعودنا على وجود هذه الآفات السيئة، وأصبح بيننا وبينها تعايش وتكامل، إلا من رحم ربي، ولابد من تعديل ذلك الاعوجاج السائد ولا تتغير أخلاقنا ونراها بعين الغرب نتيجة انتشار هذه الأفكار عن طريق وسائل الاتصال المختلفة التى بدورها أقنعت شبابنا بصلاحية الكثير من الأفكار الفاسدة، لدرجة أن الصفات والسلوكيات غير الحميدة والسيئة أصبحت الصفة السائدة والعادية بين بعض شبابنا وتغيرت بعض المفاهيم حيث أصبح العنف قوة والألفاظ البذيئة خفة دم والملابس الممزقة روشنة وموضة والغش هى اجتهاد.
وأصبحنا نبحث عن الأخلاق والالتزام عامة بين جيل كامل ولا نجده إلا قليلا، ويرجع ذلك فى المقام الأول الى ما يبثه بعض أهل الفن من أفلام هابطة تتضمن العنف والبلطجة والسلوكيات الرديئة والرذيلة، وما يشاهدونه على شبكات التواصل الاجتماعى وغياب دور الأسرة لظروف خاصة وانحسار دور المدرسة والجامعة فى بث القيم التربوية القويمة وقلة برامج التوعية الاجتماعية والدينية على شاشات الفضائيات فمتى يعتدل الميزان؟
إن ما وصل إليه بعض أولادنا يستحق أن نقف وقفه مع أنفسنا ونعيد النظر فى أسلوب حياتنا، سواء الأسرة كمجتمع مصغر والمدرسة والمجتمع كله، لأنها كلها كيانات تؤثر على أبنائنا ولابد من إعادة ترتيب أولويات حياتنا بحيث تكون الأولوية الأولى والأخيرة التى يجب غرسها فى نفوس أبنائنا هى الحلال والحرام.. والحق والصدق.. وإننا فى دنيا وهناك آخرة وحساب ذلك ما يجب أن ينمو بين شباب وبنات هذا الجيل والأجيال القادمة، وأن يكون هناك للباطل موقف ضده ورادع ومؤثر للقضاء عليه او تقنينه والحد منه على الأقل.