هللت بعض وسائل الإعلام لدفاع نقابة المهن التمثيلية عن أحد الأفلام الماجنة التي تدعو لإنتشار الرزيلة . وسارعت إلى نشر العنوان القائل: ” نقابة المهن التمثيلية في مصر تنتصر لحرية الابداع “. وكانت نقابة المهن التمثيلية قد تعللت في دفاعها بحرية الإبداع وقالت في نص البيان :” أن الحفاظ علي حرية الإبداع في دولة مدنية تؤمن بالحرية جزء أساسي من وجدان الفنانين المصريين تحميه النقابة وتدافع عنه”.
وارتدت نقابة المهن التمثيلية رداء القوة ،وتحدثت بعنترية -غير معهودة – بأنها لن تترك أبطال الفيلم وستدافع عنهم . وخاصة الفنانة منى ذكي التي تعرضت لهجوم واسع بسبب دورها الفج في الفليلم والتي تروج فيه باسلوب مبتذل للخيانة الزوجية . فقالت النقابة في بيانها : “ان النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام اي اعتداء لفظي أو محاولة ترهيب معنويه لأي فنان مصري أو النيل منه نتيجة عمل فني ساهم فيه مع مؤلفه ومخرجه ، وستقوم النقابة بدعم الفنانة مني ذكي حال محاولة البعض إتخاذ أي اجراء من أي نوع كان تجاه الفنانة عضو النقابة”.
ويجمع العقلاء والخبراء أن للفن دور رئيسي في غرس القيم الحميدة والمثل العليا وبث الطموح والإجتهاد لدى أفراد المجتمع، وذلك يتم باختيار أعمال فنية تعبرعن قيم وهوية المجتمع وتعبر عن آلامه وأماله ، وليس باقتباس أعمال فنية من مجتمعات اخرى تختلف عنا في الهوية والعقيدة وفي أسلوب الحياة .
وبالبحث عن أصل فيلم منى ذكي وشركائها تبين أنه مقتبس من الفيلم الإيطالي ( perfect strangers ) ومعناه بالعربي” غرباء مثاليون “.وهنا لا بد من طرح العديد من التساؤلات: هل قيم المجتمع الايطالي هي نفس قيم المجتمع المصري ؟!،هل عقيدة المجتمع الايطالي هي نفس عقيدة المجتمع المصري ؟!، هل أسلوب حياة الناس في مصر تتشابه مع اسلوب الحياة في ايطاليا ؟!.بالطبع لا.. وبالتالي هذا الفيلم يتعمد بث أشياء تتعارض مع قيمنا وهويتنا وعقيدتنا. وهناك تساؤل بارز آخر : لماذا يا أهل الفن تقتبسون الأعمال التي تروج للرزيلة والفجور وتدمير الأسر ، ولا نقتبس الأعمال التي تدعو للاجتهاد والتقدم العلمي وبث روح الطموح والتفوق ؟!.
أما اذا توقفنا عند عنوان الفيلم سواء في نسخته الأصلية أو المقتبسة فنجد أنه مضلل. فعنوان النسخة الأصلية هو ( غرباء مثاليون ) أي غرباء تمام أوجيدين ، رغم أن أحداث الفيلم تدور حول الخيانة والكذب والشذوذ . فكيف يكونوا مثاليون او جيدون؟!. أما عنوان النسخة العربية ( أصحاب ولا أعز ) ، أي أعز أصحاب ، وهو ما يتعارض تماما مع أحداث الفيلم ومع أداء ممثليه مما يعد تشويها للصداقة التي نعرفها .
وعلينا أن نتوقف أيضا عند المنصة الالكترونية التي تبنت الفيلم ،ولا أذكر اسمها ( للأنها لا تستحق ) يكفي ان نعلم أنها أمريكية (والتاريخ يؤكد أن أمريكا دائما لا تريد الخير لمجتمعنا) ، والتي تتباهى بأن فيلم منى ذكي وشركائها أول إقتباس عربي للفيلم الإيطالي . وأعتقد أنها إختارت مصر وممثلين مصريين لبث أول إقتباس عربي ، لأنها تعلم مدى ثقل مصر وتأثيرها الكبير في المحيط العربي والاسلامي .
فأي إبداع تنتفض نقابة التمثيليين وبعض الإعلاميين والفنانين للدفاع عنه؟!. راجعوا ضمائركم ، وعودوا إلى رشدكم ، فمصر والمصريين أكبر بكثير من تلك الأعمال الهابطة والساقطة.
أما الابداع الذي يتشدق به البعض دون معرفة معناه ، ويقصرونه على الأعمال الفنية والأدبية، رغم أن الابداع مفهومه واسع جدا ، فهو منهج للفلاح للبشرية جمعاء، ويكفي أن نعلم أن ” البديع ” أحد اسماء الله الحسنى؟. وسوف نتناول المفهوم الحقيقي للإبداع في مقال الأسبوع القادم إن شاء الله.
Aboalaa_n@yahoo.com