لو أننا أردنا أن نحسب المبالغ التى تنفق فى سبيل تجارة المخدرات وتهريبها .. والتى تصرف فى سبيل معالجة ما تسببه من أصناف النوائب والكوارث والأمراض الناجمة عنها .. وفى سبيل مكافحتها وضبطها – لأيقنا أننا نضيع الأموال الضخمة ونهدر جانبا كبيراً من ثروتنا القومية ، وكان أولى بنا أن نجد لها سبيلاً آخر فى الإنفاق لتحسين أوضاعنا المادية والاجتماعية والاقتصادية . هذا فضلا عما تسببه المخدرات من إهدار الطاقة وإشاعة البطالة وقلة الإنتاج .. وهذا أمر بلا ريب خطير الحجم بعيد الأثر بالنسبة للعمالة والاقتصاد . وكما تفتك المخدرات بالمال العام والثروة القومية والاقتصاد الموطنى فإنها تفتك بمال الفرد المدمن والتاجر والمهرب وتخرب البيوت العامرة وتيتم الأطفال وترمل النساء ، وتجعلهم يعيشون عيشة الفقر والشقاء بعد أن يكون قد آل حال عائلهم إلى ظلمات السجون ، أو أعواد المشانق . أو إسار المرض . ولاشك أن هذه خسارة كبرى وضرر فادح بالاقتصاد الوطنى تتحمل ثقل تبعاته الأمة كلها ، ويؤدى بها لا محالة إلى وجود العديد من بؤر الضعف والتخلف والكثير من المشكلات الجسيمة الاجتماعية والأسرية . وإذا كان من المفروض أن أى مجتمع متقدم تزدهر الحياة فى جنباته وترفرف السعادة على سكانه إنما يقوم بجهد العاملين وعلى أكناف المخلصين وبسواعد أفراده الواعين المستنيرين . والإنتاج لا يتوافر إلا فى هذا المناخ الذى يقوم كل شخص فيه بأداء الواجب عليه . فإذا ما نظرنا إلى شعب انهار اقتصاده وانقلبت أوضاعه واصبح يمد يده إلى الشعوب الأخرى يطلب الطعام والكساء بل والشراب فإن الواقع يقول إن هذا المجتمع متخلف عن ركب الحياة ، ونظرة متأنية إلى مسكنه نجدهم يعانون من التخلف الفكرى والتمزق النفسى ، والمرض العصبى ، وسلوكهم ينم على أنهم لم يستطيعوا النهوض بالواجب عليهم تجاه أنفسهم ومجتمعاتهم .. ولقد أثبتت النتائج العلمية والبحوث التجريبية لبعض مجتمعات الدول النامية أن الآثار والسلبيات التى يعانى منها الاقتصاد الوطنى فى تلك الدول قائم على أساس أن الأفراد ليسوا أسوياء فى سلوكهم تجاه ما يناط بهم من أعمال وتجاه حياتهم .. وخلاصة الآثار السلبية التى تنعكس على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطنى فى بلد تكثر فيه وتنتشر نسبة المدمنين للمخدرات والمتعاملين معها فتبين الآتى : البطالة سواء كانت ظاهرة أو مقنعة لأنه قد يلتحق الإنسان بوظيفة أو مهنة لكنه لا يقوم بأداء الواجب عليه ولا يؤدى مهام وظيفته وهذا بلا شك بطالة لأن الكساد يعود على المجتمع . قلة الإنتاج وخاصة الإحصاءات تشير إلى أن معدل العمل لأى عامل يقضى وظيفته فى سبع ساعات إنما هو يؤدى حقيقة ساعة واحدة من السبع ، وبلا شك هذا يؤثر على الانتاج ويكون سعياً فى الإهمال . قلة جودة المنتج وعدم الاتقان ذلك لأن المدمن زائغ البصر يشعر بالطنين فى رأسه وأذنيه ويصاب برشح فيأتى من وراء ذلك عدم التحديد فى تعامله مع الأشياء ، ويترتب على ذلك إنتاج غير جيد لا تقبله السوق المحلية أو الخارجية . كذلك كثرة التهرب من العمل بحجة التمارض .. والمتعامل مع المخدر يمد يده إلى الخزينة آخر الشهر فيحدث ارتباك مادى للأسرة التى يعولها هذا الشخص لأنه ينفق من دخله أكثر من 90% على المخدرات بأنواعها سواء كان عن طريق الشم أو الفم أو الحقن . والأمر إذن خطير يتطلب وقفة حاسمة لتلك الفئة التى تتعامل مع المخدرات حتى لا ينهار اقتصاد المجتمع بسبب ما ينتجه وما نحتاجه لأن كل ذلك يؤدى إلى تراكم الديون والفوائد ويؤدى ذلك إلى التبعية للدول الأخرى وهذا هو أخطر ما فى القضية .