صفة الشماتة في مصائب وابتلاءات الناس من الصفات الذميمة والكريهة والقبيحة، وهي من الأمراض التي تدل أن حاملها ذو خُلُق ذميم وسلوك شائن ونفس غير سوية وقلبٍه يمتلئ بالحقد والغل؛ لأنه يظهر الفرح ويلوك في الأعراض بما يسيء بالآخرين الذين حل بهم من كوارث أو نزل بهم من مصائب أو لحقهم من أقدار الله من موت أو مرض أو أي مصيبة من مصائب الدهر.
ونسي هؤلاء الشامتون أن الأيام دول فكثير من سليم ابتلي؛ ومبتلى عوفي ورفيع انخفض ووضيع ارتفع وغني افتقر وفقير اغتنى وقوي ضعف وضعيف قوي وعزيز ذل وذليل عز، وكله بأذن الله سبحانه وتعالى ولا يملك أي إنسان من أمره شيئًا، وأن الإسلام دين الأخلاق الحميدة، وقد نهى رسول الله “صلى الله عليه وسلم” في حديث شريف بقوله (لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ).
ويقول الحسن البصري رحمه الله: «أدركت أقوامًا لم تكن لهم عيوب فتكلموا في عيوب الناس؛ فأحدث الله لهم عيوبًا، وأدركت أقوامًا كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم».
ولذا العيب كل العيب ما نراه الآن من ثلة المتاجرين بالدين من إخوان الشيطان والهاربين المأجورين وبائعي ضمائرهم وأوطانهم مقابل المال، شامتين في بجاحة ووقاحة في الكارثة والمصيبة التي حلت بابن أحد المسئولين خارج البلاد منتهكين بألسنتهم القذرة ليل نهار الشرف والأعراض، متناسين أننا جميعًا لا نعلم ماذا يخبئ القدر، وما يحدث غدًا من أقدار الله حلوه أو مره؛ سواء لنا ولأولادنا ولأهلنا.
وعلى هذه الثلة أن تتقي الله كما يزعمون ويظهرون، ولايشمتون في مصائب القوم فهم اليوم شهود، وربما يكون غدًا مكانهم فكلنا ذو خطأ ونحتمي في ستر الله وعفوه، ولا نعلم كيف تكون مصائرنا خلال ما بقي من العمر ولا ختامنا، ولندعوا جميعًا أن يتغمدنا الله برحمته ويحسن خاتمتنا ومثوانا.
mahmoud.diab@egyptpress.org