نعيش اليوم في رحاب يوم الحج الأكبر.. إنه التاسع من ذي الحجة إنه يوم التجلي الاعظم ..والتضرع والتخلي والتحلي، إنه الموقف الاعظم في الدنيا تشبها بالموقف العظيم في الآخرة .
أما التجلي فهو تجلى الله سبحانه على عبادة في عرفات مباهيا ملائكته قائلًا لهم :”.. انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثاً غبراً ضاجِّين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم يُرَ يوماً أكثر عتقاً من النار، من يوم عرفة). أما التخلي فهو تخلى قلوب الحجاج في هذا اليوم من الضغائن والأحقاد والكراهية وكل ما يعكر القلب من شرك أصغر وتصبح لا حاجة لها إلا لله ويوم التحلي أي يتحلى القلب بحب الخالق ويمتلىء بجماله وجلاله فلا يرى سوي الله ولا يشغله سواه ولا يتجه الا إليه ولا يتضرع إلا له ولا تصفح العبرات وتقتل اللحى إلا خوفا منه وتقريبا إليه وطلب المغفرة والرحمة والعفو .إنه يوم التحلي حيث تمتلىء الأرض بالملائكة وتصفو النقوس وتنهزم الشياطين .
أما إنه الموقف العظيم ذلك لأن الحجيج يجتمعون في صعيد واحد كيوم المحشر متجهين إلى رب واحد يتجلى عليهم برحماته ويشهد ملائكته أنه قد غفر لهم .عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فاقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: (هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب).
ليس هذا فقط بل إن الله يحاسب في هذا اليوم من شك في غفران الله له كما جاء في الحديث النبوي “إن من أعظم الناس ذنباً من وقف بعرفة فظن أن الله لم يغفر له).
ذلك لأنه نزل على كريم يعطي بلا حساب غفار لمن تاب وأناب وما دام المسلم قد نزل على أكرم الأمرين راجيا كرمه وعفوه وعطاءه بإخلاص وصدق نال ما تمنى وارتجى ممن لا يقطع رجاء من ارتجاع وهو لا يشرك به شيئا .
فاللهم تمنحنا ما تمنح حجاج بيتك من ثواب وعطاء ومغفرة وفضل يا صاحب الكرم والعطاء والفضل