ــــــ ماركسيًا اسمه الحركى موريس.. مؤمنًا يحج البيت الحرام !
قال عنه طبيبه الخاص الذي شهد آخر لحظات حياته الدكتور الصاوى حبيب : قرر عبد الناصر بأن تكون أول رحلة لكل طائرة مدنية جديدة في اسطول ” مصر للطيران” إلى الأراضى الحجازية وعلى متنها أسر الشهداء إلتماساً للبركة من الله .
وقال الدكتور منصور فايز.. أحد أطباءه البارزين : كان يبذل من الجهد ــ رغم مرضه ــ مايفوق طاقة البشر ويقول : تلك إرادة الله وهذا قدرى .
أما حسن التهامى عضو مجلس قيادة الثورة، المقرب جدًا منه، ووسيط الأمريكان في هدية بين قوسين رشوة الستة ملايين دولار التى بني بها عبد الناصر برج القاهرة وسماه الأمريكان “شوكة ناصر” وسماه المصريون خازوق أبوخالد للأمريكان: عبد الناصر وخالد محي الدين شيوعيان .
أما الكاتب الصحفي أنيس منصور فقد قال فيما قال في كتاب” عبد الناصر المفتري عليه والمفتري علينا : كان عبد الناصر لايؤمن بالسجود ولا بالمسجد ولا برب المسجد .
وهكذا مثل كل رجالات وصناع التاريخ بإنتصارته ونكباته ونكساته ، يختلف الناس حول سيرتهم ، تارة بالمديح الذى يصعد بهم إلى مصاف الأنبياء والأولياء ، وأخرى بالسباب والتشكيك الذى يهبط بهم إلى حيث يسكن الشيطان ، و جمال عبد الناصر واحد من هؤلاء يراه المحبون بلا خطيئة ،أو أن خطاياه مجرد ذرات رمال فى بحر انجازاته ، وأنه ملهم من الله مؤمناً به أشد مايكون الإيمان ، ويراه الكارهون سبب الكوارث والمصائب التى حلت بالبلاد لبعده عن الله بل وانكار الدين بالجملة ونشر الشيوعية .
في شهر مارس 1987 نشر الكاتب الصحفي الكبير أنيس منصور حلقات كتابه “عبد الناصر المفتري عليه والمفتري علينا ” في أخبار اليوم ، والكتاب يحوي فصولاً منوعة يهمنا فيها ما جاء بشأن مسجد عبد الناصر ومدفنه .، وتحديداً الرسائل التي بعث بها القراء لأنيس منصور لتصحيح وتوضيح الحقائق التي غابت عنه بأعتبارهم شهود عيان ، ومن أهالي المنطقة ..
يقول أنيس منصور : تلقيت رسالة من الصديق والفنان الكبير مدحت عاصم يقول فيها : أسمح لي أن أصحح ما كتبته في مقالك المعنون ” البطل ” في عدد أخبار اليوم الصادر بتاريخ 14/3/1987 بأن الفريق عزيز باشا المصري ، قال وهو في المستشفي بعد أن زاره أعضاء مجلس قيادة الثورة : أن هؤلاء الشبان سوف يخربون مصر .. والحقيقة أن الفريق عزيز باشا كان بمثابة الأب الروحي لشباب ضباط الجيش الثوريين ، ولم يكن منطقياً أن يتهم أبناءه بقوله هذا ، ولكن عبارته التي قالها كانت عن [ جمال عبد الناصر ] فقط ، وكان محمـد نجيب حاضراً … إذ قال بعد إنصرافهم : [ أن هذا الرجل الأصفراوي ] ــــ يقصد عبد الناصر ـــ سوف يعطي خازوقاً ـ وأشار بأصبعه ـ لهذا الرجل الطيب ـ يقصد محمـد نجيب ـ وسيستولي هو علي الحكم , ومصر حتروح في داهية ، سوف يخربها ..
أرجوا أن تصوب عباراتك ملتزماً أمانة التاريخ .. مع تحيتي .. مدحت عاصم .
وجاء من د. صلاح رواي أستاذ النحو والصرف بكلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة :
ورد بمقالكم الرابع عن [ عبد الناصر المفتري عليه والمفتري علينا ] المنشور بجريدة [ أخبار اليوم ] بتاريخ 7/2/1987 تحت عنوان [ ولكن لا حياة لمن تنادي ] تساؤل من جانبكم تقول فيه : فبالله عليك ما الذي يشعر به أنسان يذهب للصلاة في مسجد عبد الناصر وهو يعلم أن صاحب الضريح لا يؤمن لا بالمسجد ولا بالسجود ولا برب هذا البيت ؟!
ولما كنت من أبناء حي حدائق القبة ، وقد عاصرت بناء هذا المسجد الذي يدعي ـ زوراً وبهتاناً ـ أنه مسجد عبد الناصر ، فأني أري أنه من واجبي وأحقاقاً للحق أن أضع بين يديك الحقيقة برمتها في صحة نسبة هذا المسجد إلي عبد الناصر من عدمه ،
وهذه شهادة أحاسب عليها أمام الله تعالي يوم تقوم الساعة والله علي ما أقول شهيد :
فقد شهدنا هذه القطعة من الأرض التي أقيم عليها المسجد وهي تسوي وتعد للبناء ، وبسؤالنا علمنا أن اللواء شرطة مصطفي الشعراوي رئيس جمعية كوبري القبة الخيرية ومكانها خلف محطة بنزين كوبري القبة، قد تقدم بطلب للسلطات المسئولة لمنح الجمعية قطعة الأرض هذه لبناء مسجد عليها بالجهود الذاتية من التبرعات التي يقدمها أعضاء الجمعية ، وأنه سيتحمل شخصياً قسطاً وفيراً من نفقات البناء ، وأقيم المسجد بوصفه الحالي من دورين : الأول خدمات عامة عبارة عن مستوصف للعلاج ، ومشغل ، ومعهد تفصيل ، والدور الثاني مسجد ومكتبه عامة ، وتولي اللواء مصطفي الشعراوي أمامه المصلين وإلقاء خطة الجمعة والعيدين به ، بعد أن تم إفتتاحه بمعرفة الشيخ شلتوت شيخ الأزهر آنذاك ـ وكنت ضمن الحاضرين ـ وظل الأمر علي هذا الوضع لسنوات طويلة ، وكانت تعلق عليه لافتة كبيرة تحمل أسم [ جمعية كوبري القبة الخيرية ] .
ثم فوجئنا بموت عبد الناصر وأن المسئولين لم يحسبوا لذلك حساباً ولم يخصصوا المكان اللائق ليكون ضريحاً للفقيد ، فأستقر رأيهم علي أن يكون ذلك المسجد ضريحاً له ، وتم لهم ما أرادوا ، ومن يومها تنحي اللواء مصطفي الشعراوي عن الإمامة والخطابة ، وعين له أمام وخطيب جديد ، وإنتزعت ملكية جمعية كوبري القبة الخيرية ودخل المسجد في حوزة الدولة ليطلق عليه اسم [ مسجد عبد الناصر ].
ولعل القول المشهور [ مسجد سيدي المفتري ] سببه أنه قد أستولي عليه إفتراء وغصباً دون وجه حق ، ولذا وجب التنويه ، والله على ما أقوال شهيد .د. صلاح راوى
رأى آخر يضع علامة استفهام على كل ماسبق ، يقول فيه الكاتب الصحفي جمال سليم مؤلف كتاب ” شبهة جنائية في وفاة عبد الناصر ” : عقب موت عبد الناصر تم الإتفاق علي عدة إجراءات في الإجتماع الذي ترأسه أنور السادات بإعتباره النائب الأول لرئيس الجمهورية في صالون بيت عبد الناصر ، حضرة حسين الشافعي وعلي صبري وشعراوي جمعه والفريق أول محمـد فوزي وسامي شريف ومحمـد حسنين هيكل .
تتلخص الإجراءات في خمس نقاط هي :-
إعلان حالة الطوارئ في الجبهة مواجهة لأية طوارئ .
دعوي اللجنة التنفيذية للإتحاد الإشتراكي ومجلس الوزراء إلي جلسة عاجلة لإعلان النبأ المروع وبحث الإجراءات المترتبة عليه .
نقل جثمان الرئيس إلي القصر الجمهوري بالقبة ، بإعتباره المقر الرسمي لرئيس الدولة .
تحدد موعد الجنازة في الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس حتي تتاح الفرصة لأصدقاء عبد الناصر من ملوك ورؤساء الدول الذين يرغبون في الإشتراك في وداعه الأخير .
وأخيراً أن يكون مرقد الزعيم في المسجد الجديد في منشية البكري، وهو مسجد أشرف الرئيس عبد الناصر علي بنائه بنفسه من أموال التبرعات التي كانت تصل إليه ، ويطلب أصحابها توجيهها بمعرفته لخدمة الإسلام .
وبمناسبة الحقيقة وغيرها .. ومناسبة المسجد وكيف كان يرعاه عبد الناصر حسب المحبين ، ونهب المسجد حسب من شهدوا وأشهدوا الله علي ما يقولون ، تأتي شهادات مدهشة في كتاب “عبد الناصر المفتري عليه والمفتري علينا ” ربما جاءت على خلفية كراهيتة أنيس منصور لعبد الناصر والعهد الناصري .. على كل حال لا يتسع المقام لسردها .
أما الكاتب الصحفى محمـد الحيوان فله كتاب اسمه ” قصة الديون السوفيتية علي مصر ” صدر سنة 1987.. قال فيه الكثير واستشهد بأقوال عديدة من رجال حول دائرة القرار الناصري .. يقول :
ماذا أخذنا من الإتحاد السوفيتي ، ولأي غرض وبأي سعر ، ماذا قدمنا للإتحاد السوفيتي من خدمات ، ولم نحاسبه عليها ؟! أن مراجعة بسيطة لذلك كله ستكشف لنا أن مصر دفعت للإتحاد السوفيتي أكثر مما قدم لنا ،
لقد إستفاد الإتحاد السوفيتي كثيراً خلال حكم عبد الناصر ، كان السفير السوفيتي هو المندوب السامي ، يتحكم في قرارات مجلس الوزراء ، بل يختار الوزراء.. فقد ورد على لسان مدكور أبو العزــــ أحد رموز العهد الناصري ـــ : أن السوفيت سألوا عبد المنعم رياض أثناء زيارته لموسكو : لماذا تأخر تعيين اللواء علي بغدادي قائداً للطيران ؟
لقد تحولت مرافق مصر لخدمة السوفيت ، تحولت مصر إلي مركز لنشر الشيوعية في العالم العربي وأفريقيا .. قال حسن إبراهيم عضو مجلس قيادة الثورة : أن عبد الناصر ماركسي يطبق الشيوعية تماماً .. وقال كمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة : أن عبد الناصر أراد أن يكون إمبرطوراً للعرب ولذلك تحالف مع السوفيت ، ووضع نفسه في خدمة الإستعمار السوفيتي في المنطقة . وقال حسن التهامي : عبد الناصر وخالد محيي شيوعيان .. وقد نشرت مجلة [ صباح الخير ] تحقيقاً عن حوار بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر قال فيه عبد الحكيم أكثر من مرة أن عبد الناصر غير مؤمن .
ومما قاله : إحنا ضعفاء في وسط العالم وعايزين قوة أكبر منا ننتمي إليها ، وأن الواحد لا يحقق كل ما يتمناه في الدنيا ، ولذلك يتخيل أن هناك دنيا أخري .. حسن عشماوي قال : عبد الناصر كان عضواً في خلية شيوعية وأسمه الحركي موريس .
المهندس أحمد عبد الشرباصي قال : أن عبد الناصر عاتب كاسترو علي إعلانه الشيوعية بسرعة ، وقال أنني أطبق الشيوعية في مصر بلا إعلان .
وقال الشرباصي : أن عبد الناصر لم يؤمم الأرض حتي لا يصدم الرأي العام الإسلامى ولكنه أمم الفلاح والمحصول .. وكان الإتحاد الإشتراكي تطبيقاً شيوعياً لنظام الحزب الواحد ، وكانت منظمة الشباب معملاً لتفريخ الشيوعيين .
يعلق محمـد الحيوان في كتابه قائلًا : صدر الميثاق بصورة ماركسية تماماً , وكان يزعم أن الأديان مجرد ثروات ، وعندما تمت مناقشته وطلب المؤتمر القومي تعديله ، ووافق عبد الناصر علي أن تكون مذكرة التعديل منفصلة عن الميثاق نفسه، وعندما تراجع عنها إعتذر لكمال حسين بأنه وافق لأنه كان [ مزقوقاً ] .
حسين الشافعي يحكي قصة الخلاف بين عبد الناصر مع علي صبري ، يقول: أن عبد الناصر تلقي تقريراً من سفيرنا في موسكو بأن علي صبري أتفق مع السوفيت علي خلافة عبد الناصر ، وعلي أن تعليمات السوفيت تصله هو شخصياً ، لأن عبد الناصر قد أسقطوه من حسابهم .
أستطاع الإتحاد السوفيتي أن يسيطر علي كل مرافق مصر ، وبقي الجيش وحده ضد الشيوعية ولذلك كان لابد من مؤامرة ضد الجيش وضد عبد الحكيم عامر ، السوفيت يعترفون بذلك ، ثلاثة منهم أصدروا كتاباً عن حرب 67 عرضوه في مصر بسعر 15 قرشاً وبعد عرضه ، اكتشفوا أنهم فضحوا أنفسهم فسحبوه .
ويقول محمـد الحيوان : مصر تحتفل بالمولد النبوي يوماً واحداً , والمسيح يوماً واحداً , ولكن مصر الرسمية أحتلفت لمدة شهر كامل بمرور مائة سنة علي مولد الزعيم لينين ، لم تكن مصر الشعبية هي التي أقامت الأحتفالات ولكن الأجهزة المسئولية فقط ،والشعب لم يشارك في هذه الأحتفالات ولا حتي الإستماع والمشاهدة .
بعد هذا السرد هناك ملاحظة مهمة قالها الدكتور الصاوي حبيب طبيب عبد الناصر الذي شهد لحظة وفاته ، في حديثه الطويل معي تتنافي مع ما سبق فيما أورده الكاتب الصحفي محمـد الحيوان ، يقول : قرر الرئيس عبد الناصر ــ بعد النكسة ــ أن تكون أول رحلة لكل طائرة ركاب مدنية في أسطول “مصر للطيران ” تشتريها مصر، إلي الأراضي الحجازية تميناً وإلتماساً للبركة من الله ، وقد خصص كل الرحلات لحج وعمرة أهالي الشهداء بعدما حاول بعض الوزراء إستغلالها ، وكانت بالمجان .
اكثر من ذلك إن عبد الناصر قد حج البيت الحرام معتمراً، وزار المسجد النبوى الشريف ، والصور الفوتوغرافية خير شاهد .
وقال د . منصور فايز أحد أطباء عبد الناصر في كتابه [ مشواري مع عبد الناصر ] في الفصل الحادي عشر بعنوان [ عبد الناصر .. الإنسان ] .
كان جمال عبد الناصر مؤمناً بالله وقدره , وكان يتحامل علي نفسه في أداء رسالته باذلاً من الجهد ما يفوق طاقة البشر رغم عِلمه بخطورة مرضه , وكان يقول : تلك إرادة الله وهذا قدري .