اكتمل الأربعاء الماضى تشكيل حكومة الائتلاف الجديدة فى إسرائيل بين بنيامين نتنياهو المكلف وشركائه من الأحزاب الدينية واليمينية، ومن الطبيعى أن يكون هذا الخبر نذير شؤم للفلسطينيين الذين خبروا نتنياهو وسياساته العدائية، ولا ينتظرون من حكومته إلا مزيدا من القهر والقمع، وابتلاع أراضيهم وتخريب ممتلكاتهم ومقدساتهم، وهناك قطاع من الإسرائيليين ينتمون إلى الأحزاب الليبر الية واليسارية يرون أن حكومة نتتنياهو الجديدة هى الأسوأ فى تاريخ إسرائيل، وستكون نذير شؤم على الدولة، وخطرا داهما على ديمقراطيتها، وتزج بإسرائيل فى صراعات وحروب تبعدهاعن طريق السلام.
ويضم ائتلاف حكومة نتنياهو أحزابا يمينية متطرفة حصلت على دعم واسع من الناخبين فى انتخابت نوفمبر الماضى، أشهرها حزب ” القوة اليهودية ” الذى أدين زعيمه إيتمار بن غفير فى عام 2007 بالعنصرية ودعم منظمة إرهابية، باعتباره تلميذا للحاخام المتطرف مائير كاهان، الذى صنفت أمريكا حركته بأنها إرهابية، وبن غفير معروف بتصريحاته المعادية للعرب، والداعية إلى تخفيف شروط إطلاق النارعليهم.
أما الشركاء اليمينيون الآخرون فى الحكومة فمنهم آفى ماعوز من حزب ” نوعم “، وسموتريتش المؤيد بشدة لضم الأراضى الفلسطينية، الذى سيتسلم وزارة المالية، وأرييه درعى المدان بالاحتيال الضريبى هذا العام.
وتكشف صحيفة ( فاينانشيال تايمز ) البريطانية أنه بسبب الاتهامات التى تلاحق بعض أعضاء الحكومة الجديدة، وفى مقدمتهم نتنياهو نفسه الذى يحاكم فى قضايا فساد، فقد أعطى النواب فى الكنيست موافقة مبدئية على تغيير القانون بما يسمح للأشخاص المدانين بارتكاب جرائم، لكنهم نجوا من السجن، بأن يصبحوا وزراء”، وأوضحت أنه “من المتوقع أن تسعى الحكومة الجديدة إلى إدخال إصلاحات قانونية تشمل تمكين النواب من تجاوز أحكام المحكمة العليا، ومنح السياسيين السيطرة على تعيين القضاء، وسيكون من شأن ذلك أن تصل الإصلاحات إلى مستوى الاعتداء على القضاء، ولذلك رفضها المدعى العام فى إسرائيل والأحزاب اليسارية والليبرالية، وقد ذكر بن غفير أنه سيدعم تشريعاً لرفض محاكمة الفساد التي تلاحق نتنياهو منذ عامين، وهو الهدف النهائي المحتمل لرئيس الوزراء القادم.”
وبالنسبة للقضية الفلسطينية فإن شركاء نتنياهو فى الائتلاف الجديد يرفضون فكرة حل الدولتين، وهى صيغة السلام المدعومة دوليا، والتى تنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة الغربية وغزة إلى جانب إسرائيل، لذلك يخشى الفلسطينيون من أن تعزز الحكومة الجديدة قبضتها على الضفىة الغربية المحتلة، وتشعل حربا داخل المدن العربية بين المستوطنين المدعومين بالشرطة والفلسطينيين الذين أيقنوا أنه لم يعد لديهم مايخسرونه، خصوصا بعد أن يتولى الإرهابى العنصرى بن غفير وزارة الأمن الداخلى بصلاحيات واسعة.
وأمس الأول ـ الجمعة ـ أذاع تليفزيون شبكة ( بى بى سى ) البريطانية تقريرا مصورا لمراسلها فى مدينة الخليل بالضفة الغربية يتضمن لقطات من معاناة الفلسطينيين أمام الحواجز ونقاط التفتيش التى تنتشر فى الشوارع والميادين فيما يشبه الحصار الجماعى لأبناء المدينة، بهدف الحد من تحركاتهم وانتقالاتهم داخل بلدتهم، كما يتضمن عملية اقتحام مجموعة من المستوطنين اليهود لحديقة أحد المنازل، فى محاولة لفرض سيطرتهم عليها، وعندما تصدى لهم صاحب المنزل وصلت قوة من الشرطة المدججة بالسلاح لدعم المستوطنين، وقامت بالاعتداء على المالك وأسرته، وطرحوه أرضا، لكنه استطاع أن يفلت منهم ويصيح مستغيثا بالجيران، الذين خلصوه وأسرته من أيدى الشرطة والمستوطنين، فخرجوا وهم يتوعدون بالعودة ثانية بأعداد أكبر حتى ينفذوا مخططهم .
حدث هذا المشهد كاملا قبل أن تتولى حكومة نتيتنياهو السلطة أمام المراسل الذى صور الواقعة بالصوت والصورة، وأذاعها كاملة بأدق تفاصيلها، لكن لم يتحرك أحد، ولم يتغير شيء، لأن المدنيين العزل لم يعد لهم من يحميهم، وضمير العالم يغط فى نوم عميق، ولهذا فإن انتصار نتيناهو فى الانتخابات الأخيرة بالنسبة لهم مجرد تغيير فى “حراس السجن “، كلهم متشابهون، وكلهم مجرمون.
تقول ( الفاينانشيال تايمز) : ” يجب على حلفاء إسرائيل الغربيين ألا يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون هذه الكارثة تتكشف، ويتعين على الولايات المتحدة، الحليف العسكري الرئيسي لإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها، أن يستخدما نفوذهما لمحاسبة نتنياهو والمحيطين به، ولا يمكن لبقية العالم أن يظل صامتاً “.