جاء الإعلان السماوي لحقوق الإنسان أيا كانت هوية هذا الإنسان أو لونه كافة للبشرية من عند الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السنة العاشرة من الهجرة في خطبة الوداع، أي ما يثبت أن هذه الحقوق جاءت قبل الإعلان لحقوق الإنسان وما يمكن قوله أن كل من الشريعة الإسلامية والقانون الدولي كان هدفهما واحد، وهو حماية حقوق الإنسان كافة بدون أي تمييز بين الجنس أو اللون أو اللغة، وإنما التميز يكون في مجال واحد، ألا وهو العمل الصالح والثواب عليه، بحيث يثاب من أحسن ويعاقب من أخطأ، فكل البشرية على حد سواء أمام حدود الله، فالشريعة الإسلامية جاءت كافة للبشرية إذ لا فرق بين الرجل والمرأة في كافة الأمور، فقد جاء في القرآن الكريم ما يبين أن المرأة والرجل متساويان في جل الأمور،
فقد جاء في القرآن الكريم ما يبين أن المرأة والرجل متساويان في جل الأمور من العلم والدين والثقافة والجزاء والثواب، فكل لذي حق حقه، في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ولعل وراء كلمة حق توجد كلمة عظيمة يجب أن تراعى وتصان، ألا وهي كلمة الحماية، هاتين الكلمتين نادت بهما الشريعة الإسلامية الغراء ونادى بها رجال الدين والفقه ونادت به السنة المطهرة، ونظرا نادى بها،
وعندما نقول حماية حق فالمقصود هو لأهميتها نجد أن القانون الدولي أيضا وبنتا الإنسان ولكن علينا أن نحدد جنس هذا الإنسان ألا وهي المرأة التي كرمها الإسلام أماً وعمة وخالة وجدة، فوراء كل رجل عظيم امرأة، وعندما نقول أن هذا الحق جاء وزوجة من عند الله تعالى فذلك يغني عن أي حديث، بعكس القانون الدولي الذي طالب بهذه الحماية وجاء ذلك في اتفاقيات عديدة وإعلانات ومؤتمرات فكل هذه الجهود المبذولة في المناداة
بمركز المرأة في المجتمع الدولي إلا انه مازالت المرأة تعاني من بعض التهميش فاستمرت الاتفاقيات في التجديد في كل مرة للنهوض بمكانة المرأة وأهميتها في تكوين المجتمع سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أ و السياسي وذلك بسبب التجمعات النسوية التي مازالت تطالب بحقوقها من المسلم به، بداية، أن حقوق الإنسان وما يتصل بها من حريات أساسية قد أضحت اليوم من بين الموضوعات التي تشغل حيزاً واسعاً من اهتمامات الباحثين في العديد من فروع العلوم الاجتماعية إلى جانب الممارسين للعمل العام وصانعي القرار، ليس على المستوى الوطني فحسب، وإنما على المستوى الدولي عموماً.
تستمد أحكام الأحوال الشخصية في مصر من الشريعة الإسلامية. ومنذ بدايات القرن العشرين والمشرع المصري لم يتوقف عن تعديل قوانين الأحوال الشخصية لمسايرة التطور في العلاقات الاجتماعية وإقرار المزيد من الحقوق الإنسانية للمرأة، ومحاولة إقامة التوازن العادل بين الرجل والمرأة في مجال العلاقات الأسرية. وكانت تلك الجهود تواجه بالكثير من العقبات التي ينجم أغلبها عن سوء الفهم لطبيعة ومضمون المساواة بين الجنسين، أو عن ثقافات تعتنق مفهوم التمييز وتحاول ترسيخه عن طريق محاربة كل تغيير في القوانين يهدف إلى إنصاف المرأة ورفع بعض الظلم عنها، أو عن خلط متعمد بين الأحكام الشرعية الملزمة والآراء الفقهية الاجتهادية في المسائل الاجتماعية المتغيرة بطبيعتها.
يوجد نوعان من القواعد في مجال الأحوال الشخصية:
1- القواعد الموضوعية، وينظمها أساساً القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، والمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، ثم القانون 100 لسنة 1985، وبعض الأحكام في قوانين أخرى متفرقة.
2- القواعد الإجرائية، ويتضمنها أساساً القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والقانون رقم 10 لسنة 2004 الذي أنشأ محاكم الأسرة.
وتصدر الأحكام القضائية في منازعات الأحوال الشخصية طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة. وتصدر الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة طبقاً لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام (م3 من قانون 1 لسنة 2000).
وليس من اليسير تناول كل مسائل الأحوال الشخصية في هذا الكتيب. لذلك نكتفي بما يتعلق بالزواج، ونتناوله من محورين: الأول يتعلق بأحكامه في هذا الكتيب، والثاني يتعلق بإشكالياته في كتيب مستقل.
حقوق المرأة في مجال أحكام الزواج
الحق في الزواج:
الزواج عقد يبيح استمتاع كل من الزوجين بالآخر على الوجه المشروع ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات. وقد حدد القرآن الكريم أغراض الزواج في قوله تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾.
والحق في الزواج من حقوق الإنسان يتمتع به الرجل والمرأة. وقد نصت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان على الحق في الزواج وتكوين أسرة للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج على قدم المساواة. ولم يرد في الدستور المصري لسنة 1971 نص يقرر حق الزواج واختيار الزوج، ونأمل أن يتم ذلك في مشروع الدستور الذي تجرى صياغته. لكن عدم النص على هذا الحق في الدستور لا يعني إنكاره، لأن حق الزواج وما يرتبط به من حق في اختيار الزوج يعد من لوازم الحرية الشخصية والحق في الخصوصية، وقد كفلهما الدستور.
أولاً: مقدمات الزواج – الخطبة:
- الخطبة تمهيد للزواج، ولا توجد إجراءات خاصة بها، وتخضع لأعراف كل فئة من فئات المجتمع. والتعريفات الفقهية السائدة للخطبة تجعلها من جانب الرجل للمرأة عندما يبدي رغبته في الزواج منها، لكن الشرع منح حق الخطبة لكل من الرجل والمرأة، فكلاهما يمكن أن يكون خاطباً بنفسه أو بوكيله، ويعد ذلك من أوجه المساواة الإسلامية بين الجنسين يغفل عنه كثيرون ممن يتناولون موضوع الخطبة.
- الخطبة ليست ركناً من أركان الزواج، ولا هي شرط من شروط صحته، فلو تم الزواج من دون خطبة انعقد صحيحاً. وقد قررت محكمة النقض أن الخطبة ليست إلا تمهيداً لعقد الزواج أو وعداً بالزواج لا يقيد أحداً من المتواعدين. ومع ذلك يفضل اللجوء إليها لتحقيق الغاية منها، وهي إتاحة الفرصة لكل طرف من الطرفين للتعرف على الآخر حتى يقدم على الزواج عن معرفة حقيقية فيحدث التوافق وتتأكد المودة.
- يجوز العدول عن الخطبة باتفاق الطرفين أو بناء على رغبة أحدهما، لكن العدول عن الخطبة لغير مصلحة ظاهره مكروه لما فيه من عدم الوفاء الوعد. وفي حالة العدول عن الخطبة يجب رد المهر بعينه إن كان قائماً أو رد مثله أو قيمته يوم تقديمه إن كان قد هلك أو استهلك. كما يجب رد الهدايا إن كانت موجودة، رضاء أو قضاءً، أما إن كانت قد هلكت أو استهلكت، فلا يجب ردها.
- ولا يستحق التعويض بسبب العدول عن الخطبة في ذاته، لأنه حق واستعماله لا يوجب المسؤولية والتعويض. لكن إذا تسبب العدول عن الخطبة في إلحاق الضرر بأحد الطرفين، وجب التعويض عن هذا الضرر متى كانت هناك أفعال مستقلة عن العدول ألحقت هذا الضرر بأحد الخاطبين على أساس المسؤولية التقصيرية. مثال ذلك أن تكون المخطوبة طالبة علم أو موظفة واشترط عليها خطيبها أن تقر في بيتها بمجرد الخطبة فأطاعته، ثم عدل عن الخطبة دون مبرر مشروع، فيعد ذلك خطأ موجباً للمسؤولية والتعويض.
ثانياً: أركان عقد الزواج وشروطه:
أ- أركان عقد الزوج: ركنا الزواج عند الحنفية هما الإيجاب والقبول، والإيجاب هو ما صدر من الزوجة أو وكيلها دالاً على إرادة إنشاء العقد، والقبول هو ما صدر عن الزوج أو وكيله دالاً على موافقة الإيجاب.
ولا يعد التوثيق ركناً من أركان الزواج. والتوثيق معناه إثبات الزواج في وثيقة رسمية تسجل بسجلات الدولة ويمكن الرجوع إليها عند الاقتضاء. والغرض من توثيق الزواج حفظ حقوق الزوجين وثبوت نسب الأطفال الذين يولدون من الزواج. ويتم التوثيق بمعرفة موظف عام يختص بإثبات انعقاد الزواج، هو المأذون للمسلمين والقس للمسيحيين أو مكتب التوثيق بالشهر العقاري لمختلفي الديانة أو الجنسية. ويجب أن يوقع الزوجان أمام الموظف المختص على النموذج المعد لإثبات انعقاد الزواج (وثيقة زواج). ويجب أن يحتفظ كل من الزوجين بنسخته من وثيقة الزواج، خصوصاً الزوجة حيث لا تقبل أي دعوى من دعاوى الزوجية إذا لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية يقدمها رافع الدعوى.
ب- شروط عقد الزواج: شروط عقد الزواج الشرعي متنوعة، فمنها شروط الانعقاد، ومنها شروط الصحة، ومنها شروط النفاذ، ومنها شروط اللزوم، ومنها أخيراً الشروط القانونية لتوثيق الزواج رسمياً. وهذه الشروط القانونية لا تمنع صحة العقد شرعاً، لكنها متطلبة لإمكان إبرام عقد الزواج الرسمي بواسطة الموظف المختص.
هذه الشروط القانونية مستحدثة، ويجب التوعية بها لأنها تضمن حقوق المرأة والرجل، ويقصد منها التأكد من قدرتهما على تحمل مسؤولية الزواج، ومعرفة كل طرف بما يترتب على الزواج من التزامات وحقوق لكل من الطرفين. ونوجز هذه الشروط فيما يلي:
1- بلوغ السن القانونية لتوثيق الزواج: يلزم لتوثيق عقد الزواج منذ صدور القانون رقم 126 لسنة 2008 بلوغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة للذكر والأنثى. فلا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت إنشاء العقد. ويترتب على هذا الشرط:
- وجوب امتناع الموثق المختص عن توثيق عقد الزواج رسمياً إذا كان أحد الجنسين (الذكر أو الأنثى) لم يبلغ السن القانونية وقت التوثيق (18 سنة ميلادية).
- عدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كان سن أحد الزوجين أقل من ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت رفع الدعوى.
- يعاقب تأديبياً وجنائياً الموثق الذي يوثق زواجاً إذا كانت سن أحد الزوجين أقل من ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، أو الذي يثبت في وثيقة الزواج سناً غير السن الحقيقية لأحد الزوجين.
وبعد ثورة 25 يناير 2011 جرت محاولات لتخفيض سن الزواج للفتيات، ينبغي التصدي لها، حرصاً على مصلحة الفتيات من الناحية الصحية وضماناً لحقهن في التعليم. ونلاحظ أن تخفيض سن زواج الفتاة عن الثامنة عشرة يخالف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وكلاهما تحظر خطوبة الطفل أو زواجه، والقانون المصري يعتبر كل من لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره طفلاً تحظر الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر زواجه.
2- إجراء الفحص الطبي: أضيف هذا الشرط بالقانون رقم 126 لسنة 2008 إلى قانون الأحوال المدنية (م31 مكرراً). ومقتضى ذلك أنه يمتنع على الموثق توثيق عقد الزواج قبل إتمام الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، وإعلامهما بنتيجة هذا الفحص. وواضح أن المطلوب هو إجراء الفحص الطبي ليكون كلا الطرفين على بينة من حالة الطرف الآخر، والمحظور هو توثيق عقد الزواج قبل إجراء الفحص الطبي، أما إذا تم الفحص، فلا يجوز للموثق الامتناع عن توثيق عقد الزواج أياً كانت نتيجته إذا أصر الطرفان – عن بينة كاملة – على التوثيق. ويعاقب تأديبياً الموثق الذي يوثق زواجاً قبل إجراء الفحص الطبي أو من دون إجراء هذا الفحص.
ويلزم توعية المقبلين عل الزواج بأهمية هذا الفحص وضرورة القيام به فعلياً تحقيقاً لفوائده. وقد جرى العمل على استصدار الشهادة الطبية دون إجراء الفحص المطلوب، ويقوم الموثق بتوثيق الزواج رغم علمه بعدم إجراء الفحص، وقد يتولى استيفاء الشهادة الطبية بنفسه باعتبارها جزءاً من الأتعاب التي يحصل عليها.
3- إقرار الزوج بحالته الاجتماعية: تقرر هذا الشرط بالقانون 100 لسنة 1985 الذي أضاف نص الفقرة الأولى من المادة 11 مكرراً للمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، ونصها: “على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجاً فعليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول”.
ويعاقب الزوج الذي يدلي ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامة زوجته أو زوجاته بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما يعاقب الموثق الذي يمتنع عن الإخطار بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تزيد على خمسين جنيهاً، ويجوز الحكم بعزله من وظيفته أو وقفه عن عمله لمدة لا تجاوز سنة.
والغرض من هذا الإقرار تمكين الزوجة الأولى من طلب التطليق بسبب زواج زوجها بأخرى دون موافقتها بعد إثبات الضرر المادي أو المعنوي الذي لحق بها من جراء الزواج الجديد، ولو لم تكن قد اشترطت عليه في عقد زواجها منه ألا يتزوج عليها. ويكن للزوجة الجديدة التي لم تعلم أن زوجها متزوج بسواها أن تطلب التطليق بعد علمها بذلك.
4- شروط خاصة في عقد الزواج الجديد: تنص المادة 33 من لائحة المأذونين على وجوب أن يبصر المأذون الزوجين بما يجوز لهما الاتفاق عليه في عقد الزواج من شروط خاصة، منها:
- من تكون له ملكية منقولات منزل الزوجية.
- من يكون له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية في حالة الطلاق أو الوفاة.
- عدم اقتران الزوج بأخرى إلا بإذن كتابي من الزوجة.
- رصد مبلغ مقطوع أو راتب دوري يدفعه الزوج لزوجته إذا طلقها بدون رضاها.
- تفويض الزوجة في تطليق نفسها.
وذلك كله فيما يزيد على الحقوق المقررة شرعاً وقانوناً ولا يمس حقوق الغير. وعلى المأذون أن يثبت ما تم الاتفاق عليه من المسائل السابقة أو أي اتفاق آخر لا يحل حراماً أو يحرم حلالاً في المكان المعد لذلك بوثيقة الزواج. ويعاقب المأذون تأديبياً إذا لم يبصر الزوجين، أو إذا امتنع عن إضافة الشروط التي يطلب منه الزوجان إثباتها في وثيقة الزواج. كما يعاقب المأذون جنائياً عن تزوير بطريق الترك إذا امتنع عمداً عن إثبات ما كان يتعين عليه إثباته في وثيقة الزواج بناء على طلب أحد الزوجين أو كلاهما.
ولا يوجد في القانون جزاء على مخالفة أحد الزوجين لشرط من الشروط الخاصة التي تم الاتفاق عليها وتدوينها في وثيقة الزواج. والراجح عند الحنفية أنه لا أثر لمخالفة الشرط المتفق عليه، لكن الحنابلة يرون جواز فسخ عقد الزواج إذا لم يوف الزوج بالشروط الصحيحة التي يتضمنها العقد عملاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “المسلمون عند شروطهم”، ورأي الحنابلة يحقق مصلحة الأسرة والمجتمع بحث الزوجين على الالتزام بشروط العقد الصحيحة للحفاظ على كيان الأسرة وحماية حقوق المرأة.
5- أثر عدم إثبات الزواج بوثيقة رسمية: نصت المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أنه: “لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج …. ما لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتاً بأي كتابة”.
يترتب على عدم وجود الوثيقة الرسمية طبقاً للنص السابق:
- عدم قبول كافة الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج عند الإنكار فقط. أما إذا حدث اعتراف بالزوجية، وتوفر شرط السن، فإن الدعوى تقبل.
- يشمل عدم القبول كافة الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج، كدعاوي المهر والنفقة والطاعة والميراث، وثبوت الزوجية والإقرار بها.
- يتبين من ذلك أن عدم إثبات الزواج في وثيقة رسمية يلحق ضرراً جسيماً بحقوق المرأة التي لا تستطيع أن تطالب بحقوقها من دون الوثيقة الرسمية فيما عدا الحق في طلب الطلاق أو الفسخ من الزواج العرفي متى كان الزواج ثابتاً بأي كتابة، ولو لم تكن رسمية، وهو ما سوف نتناوله في كتيب قادم.
ثالثاً: الحقوق المالية للزوجة
الحقوق غير المالية للزوجة تتمثل في عدم الإضرار بها وحسن معاشرتها، والعدل بين الزوجات إن تعددن. وعدم الإضرار بالزوجة وحسن معاشرتها ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المؤكدة، ويقصد به حفظ حقوق الزوجة وعدم ظلمها، وحظر التعدي عليها أو إهانتها بالقول أو الفعل، وحظر الاعتداء على مالها. ومن صور الإضرار بالزوجة استعلاء الزوج عليها والحط من قدرها والتعدي عليها بالضرب ونحوه من أنواع الإيذاء.
أما الحقوق المالية للزوجة فهي الحق في المهر، والحق في نفقة الزوجية، والحق في مسكن الزوجية.
أ – حق الزوجة في المهر:
1- تعريف المهر وحكمه:
المهر مال يجب شرعاً للزوجة على زوجها بمقتضى عقد الزواج. ويطلق عليه “الصداق” في عرف الناس لدلالته على صدق رغبة الزوج في الزواج.
والمهر ورد ذكره في القرآن الكريم، والسنة النبوية الفعلية والقولية، وأجمع فقهاء المسلمين على مشروعية المهر ووجوبه على الزوج.
والمهر حق للمرأة واجب على الزوج تكريماً لها، وليس ثمناً للاستمتاع بها كما قد يراه بعض الناس. لأنه مما يتنافى مع كرامة المرأة وإنسانيتها اعتبار المهر مقابل الاستمتاع بها، فهو ليس كذلك بدليل:
- وجوب نصف المهر للمرأة إذا طلقت بعد انعقاد العقد وقبل الدخول بها، فلو كان المهر مقابل الاستمتاع، لما وجب لها أي قدر منه إذا طلقت قبل الدخول لعدم حصول الاستمتاع.
- أن الاستمتاع في الزواج لا يكون من جانب الرجل وحده، بل هو استمتاع متبادل بين الزوجين. فإذا اعتبر المهر مقابل الاستمتاع بالمرأة، لما وجب لها مهر على الإطلاق.
والمهر ليس ركناً في عقد الزواج ولا شرطاً من شروط صحته، فيصح عقد الزواج ولو لم ينص في العقد على مهر أو نص فيه على مهر صوري.
2- مقدار المهر: لا يوجد حد أقصى للمهر، لكن من المستحب شرعاً عدم المغالاة في المهور، تيسيراً على الناس، وتشجيعاً للشباب على الزواج. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: “خير الصداق أيسره”، وقوله “إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة”.
أما الحد الأدنى للمهر، فقد حدده فقهاء الحنفية بعشرة دراهم استناداً إلى حديث شريف، وهي تساوي خمسة وعشرون قرشاً، وهو ما يجوز إثباته في العقد أخذاً بالمذهب الحنفي المعمول به في مصر، ويكون رمزياً في هذه الحالة. ويلجأ الناس إلى ذكره في عقد الزواج لكونه من البيانات الشكلية الواجب ذكرها، كما يترتب على إثبات هذا المبلغ الضئيل التقليل من رسوم التوثيق الواجبة على العقد. وفي حالة الخلع لا تلزم الزوجة إلا برد المبلغ الوارد في العقد، إلا إذا تمكن الزوج من إثبات حقيقة المهر الذي دفعه للزوجة.
ويجوز تعجيل المهر أو بعضه بالاتفاق بين الزوجين. وجرى العرف في مصر على تعجيل نصف المهر وتأجيل نصفه الآخر إلى أقرب الأجلين: الطلاق أو الموت.
3- سقوط المهر:
قد يسقط نصف المهر أو يسقط كله إذا لم يتأكد بالدخول أو الخلوة الشرعية.
- يسقط نصف المهر إذا حدثت الفرقة بالطلاق أو الفسخ بعد العقد وقبل الدخول الحقيقي أو الحكمي، بسبب يرجع إلى الزوج. ويكون النصف مستحقاً تعويضاً للمرأة عن فرقة أضرت بها دون خطأ من جانبها.
- يسقط كل المهر في الأحوال التالية:
الأول: إذا أبرأت الزوجة زوجها من المهر كله قبل الدخول أو بعده، بشرط أن تكون كاملة الأهلية.
الثاني: إذا خالعت المرأة زوجها على كل المهر قبل الدخول أو بعده.
الثالث: إذا حدثت الفرقة بين الزوجين قبل الدخول الحقيقي أو الحكمي بسبب من جهة الزوجة.
ب- حق الزوجة في منزل الزوجية:
يذهب الفقهاء الأحناف إلى أن تجهيز مسكن الزوجية بجميع مشتملاته واجب على الزوج، ولا تطالب به المرأة ولو حصلت على المهر الذي هو حق خالص لها. والسبب في التزام الزوج بتجهيز مسكن الزوجية أنه ملتزم بنفقة الزوجة، وإعداد مسكن الزوجية جزء من النفقة الواجبة للزوجة على زوجها. وهذا الرأي هو المعمول به قضاءً في مصر.
لكن فقهاء المالكية يرون أن تجهيز منزل الزوجية يخضع لعرف الناس، وقد جرى عرف الناس على أن تجهيز مسكن الزوجية يكون على الزوجة في حدود المهر الذي تقبضه من زوجها، وقد يتغير عرف الناس في مكان معين، فيكون تجهيز مسكن الزوجية بالتعاون بين الزوجين كل بحسب قدرته وظروفه المادية، مثال ذلك أن يوفر الزوج المكان وتقوم الزوجة بتزويده بالأثاث والأدوات المنزلية. ورأي المالكية يراعي ظروف الناس والحالة الاقتصادية في هذا الزمان، وهو الأولى بالتأييد.
وقد يجهز الأب ابنته في حدود المهر الذي قبضه، فيكون الجهاز ملكاً لها بمجرد الشراء من غير خلاف بين الفقهاء. وقد يجهز الأب ابنته من ماله الخاص ويسلمها الجهاز، فيكون ذلك على سبيل الهبة التي لا رجوع فيها بعد القبض. أما إذا سلم الأب الجهاز لابنته على سبيل عارية الاستعمال، كان الجهاز ملكاً له في حياته ولورثته بعد وفاته.
ج- حق الزوجة في نفقة الزوجية:
1- تعريف النفقة وحكمها: نفقة الزوجة هي ما يلزمها من غذاء وكسوة ومسكن وخدمة ومصاريف علاج وغير ذلك مما يقضي به الشرع. ونفقة الزوجة واجبة على زوجها، مسلمة كانت أو غير مسلمة، مصرية كانت أو غير مصرية، سواء دخل بها أم لم يدخل بها، موسرة كانت أو غير موسرة.
ودليل وجوب النفقة مستمد من القرآن الذي أوجب نفقة العدة للمطلقة، فتكون واجبة على الزوج لزوجته حال قيام الزوجية من باب أولى. وكذلك السنة النبوية، وإجماع فقهاء المسلمين الذي لا يخالف المعقول والمعروف بين الناس.
وسبب وجوب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح قبولها العيش معه في معيشة واحدة، سواء كانت موسرة أو مخالفة له في الدين. لكن التعاون بين الزوجين والمودة والرحمة تفرض على الزوجة إن كانت قادرة أو لها دخل من عملها أن تشترك مع الزوج في نفقات الأسرة، فيعين كلا منهما الآخر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن، فلا يحول دون ذلك أي مانع شرعي أو قانوني، وهذا ما يجري عليه عرف الناس.
ولا تسقط نفقة الزوجة بسبب مرضها، وفي هذه الحالة تعد مصاريف العلاج جزءاً من النفقة الواجبة لها. كما لا تسقط نفقة الزوجة بسبب خروجها من مسكن الزوجية دون إذن زوجها للعمل المشروع، سواء اشترطت العمل في عقد الزواج أو عملت بعد الزواج برضاء زوجها أو كانت تعمل قبل زواجها ولم يعترض الزوج على ذلك. وينص القانون 25 لسنة 1920 على سقوط نفقة الزوجة المسلمة إذا ارتدت الزوجة عن الإسلام. أما إن كانت الزوجة مختلفة مع زوجها في الدين، فلا يكون ذلك سبباً في سقوط نفقتها. وتثير هذه الأحكام القانونية التساؤل عن حكم نفقة الزوجة التي لا تعتنق أحد الأديان السماوية الثلاثة؟
2- تقدير النفقة الزوجية: طبقا للمادة 16 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929، “تقدر نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً وعسراً على ألا تقل النفقة في حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية…”.
ويتضح من هذا النص ما يلي:
- المعول عليه في تقدير النفقة المقدرة المالية للزوج من حيث يسره وعسره، لأنه هو الملتزم بالإنفاق، وهو ما يتفق مع صحيح الدين لقوله تعالى ” لينفق ذو سعة من سعته..”.
- يراعى في تقدير النفقة حالة الأسعار والقوة الشرائية للنقود.
- تشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به الشرع، ويفي بالحاجات الضرورية للزوجة. ويمكن أن تشمل النفقة أجر الخادم إن كان الزوج ميسور الحال وكانت الزوجة ممن يخدم في بيت أهلها.
- في حالة النزاع حول دخل الزوج المدعى عليه، يجب على المحكمة أن تطلب من النيابة العامة إجراء التحقيق الذي يمكنها من بلوغ هذا التحديد، وترسل النتائج إلى المحكمة في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ وصول طلب المحكمة إليها.
- يجوز الحجز على الأجور والمرتبات والمعاشات وما في حكمها وفاء لدين النفقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي يجوز الحجز عليها على 50٪ تقسم بين المستحقين([1]).
- تعفى دعاوى النفقات وما في حكمها من كافة الرسوم القضائية في كل مراحل التقاضي .
- إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائي بالنفقة، وثبت للمحكمة قدرته على الوفاء، أمرته بالوفاء، فإن لم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً .
- في حالة التزاحم بين الديون، تكون الأولوية لدين نفقة الزوجة أو المطلقة . وفي حالة التزاحم بين ديون النفقة الأخرى، يكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، وتتقدم مرتبته على سائر ديون النفقة .
- دين النفقة لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء. ولا يسقط نشوز الزوجة نفقتها إلا عن الفترة التالية لثبوت النشوز.
- لا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى .
- الأحكام والقرارات الصادرة بالنفقات وما في حكمها واجبة النفاذ بقوة القانون وبلا كفالة.
3- مشاكل التقاضي في أمور النفقة: توجد عدة مشاكل تحتاج إلى تدخل تشريعي منها:
- إلزام الزوجة بإعادة إعلان الزوج الذي لم يحضر على الرغم من صحة الإعلان الأول. وعلاج ذلك إلغاء إعادة الإعلان في قضايا النفقة إذا ثبت أن الإعلان سلم في مسكن الزوج أو تسلمه أحد القاطنين معه.
- طول إجراءات التحري عن دخل الزوج الذي يجتهد في إخفاء مصادر دخله. وعلاج ذلك يكون بإقرار المحكمة لمبلغ الدخل الذي تدعيه الزوجة مع إعطاء الزوج حق إثبات دخله الحقيقي.
- عمل الزوج بالخارج يجعل إجراءات الإعلان والتحري عن الدخل أكثر صعوبة. وعلاج ذلك يقتضي تعاون وزارة الخارجية في تيسير هذه الأمور بناء على طلب المحكمة.
- محاولات تقليل النفقة المحكوم بها برفع دعاوى نفقة صورية من الزوجة الثانية أو الوالدين لاقتسام النفقة مع الزوجة والصغار. وعلاج ذلك يكون بالنص صراحة على عدم قبول دعاوى النفقة التي تقام بعد الحكم للزوجة وأطفالها بالنفقة، أو النص على عدم تأثير الحكم بالنفقة الجديدة على ما تتقاضاه المطلقة وأطفالها من نفقة سبق الحكم بها.
- قابلية الأحكام الصادرة في دعاوى النفقات للطعن عليها بالاستئناف. وعلاج ذلك يكون بتعديل المادة 9 من قانون 1 لسنة 2000 لجعل الأحكام الصادرة في دعاوى النفقات وما في حكمها نهائية إذا كانت المبالغ المحكوم بها في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي (خمسة آلاف جنيه).
خاتمــــة
تظل مشكلة الحصول على النفقة الشرعية أكثر المشكلات التي تعاني منها المرأة بسبب طول الإجراءات والعجز عن تنفيذ الأحكام. ويقتضي هذا تدخلاً تشريعياً لتيسير حصول المرأة على نفقتها، وتلك مسؤولية تقع على عاتق المجلس القومي للمرأة الذي يجب عليه تبني الدعوة لإدخال التعديلات اللازمة على القانونيين رقم 1 لسنة 2000 ورقم 11 لسنة 2004 لتحقيق هذه الغاية. ونشير أخيراً إلى أن المرسوم بقانون 25 لسنة 1925 نص على علاج جزئي لمشكلة طول إجراءات التقاضي في مسائل النفقة، فقرر إلزام القاضي بأن يفرض للزوجة وصغارها في مدى أسبوعين على الأكثر من تاريخ رفع الدعوى نفقة مؤقتة بحكم غير مسبب واجب النفاذ فوراً إلى حين الحكم بالنفقة بحكم واجب النفاذ.
([1]) تقسم النسبة التي يجوز الحجز عليها على النحو التالي: الزوجة أو المطلقة 25%، وإذا تعددن 40%، الزوجة والأولاد 40 %، الزوجة أو المطلقة وولدين فأكثر والوالدين 50 %.
ويشير اصطلاح ” حقوق الإنسان والحريات الأساسية “، بصفة عامة، إلى مجموعة الاحتياجات أو المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة إلى عموم الأفراد دون أي تمييز بينهم، سواء لاعتبارات الجنس أو النوع أو اللون أو العقيدة السياسية أو الأصل الوطني أو لأي اعتبار آخر.
وعلى إثر إدراك أعضاء الجماعة الدولية – دولاً ومنظمات – للطبيعة الخاصة للمرأة من حيث سماتها البيولوجية والنفسية المتميزة عن الرجل، ناهيك عن التصاعد المطرد على صعيد الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان، وتطور المركز القانوني الدولي للفرد، كفلت الدساتير والتشريعات الوطنية، وكذلك المواثيق الدولية على اختلاف أنواعها، منظومة متكاملة من الحقوق والحريات للمرأة، والتي تجعلها تقف على قدم المساواة – كمبدأ عام – مع الرجل. وقد أكدت هذه التشريعات وتلك المواثيق، في هذا الخصوص، صراحة على مبدأ عدم جواز التمييز بين البشر لأسباب تتعلق بالجنس أو الدين أو اللغة أو الأصل الوطني أو العرقي أو غير ذلك من الأسباب.
وغني عن البيان، أن المشرع المصري قد ساير الجهود الدولية في هذا الشأن، فكفل للمرأة المصرية، وعلى اختلاف مستويات سلم النظام القانوني المصري، حقوقاً وحريات عديدة بهدف تمكينها والقضاء على كافة أشكال التمييز ضدها، وتحقيق المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، ومراعاة منظور النوع الاجتماعي أو المنظور الجدري في سياسات وبرامج أنشطة المؤسسات الرسمية للدولة وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية. وإضافةً إلى ما تقدم، وفي ظل تنامي شعور عالمي بالتقصير إزاء ما تتعرض له المرأة، سيدة كانت أو فتاة، من مآس وويلات من جراء النزاعات المسلحة، حيث تعتبر أكثر فئات المدنيين تضرراً من هذه النزاعات إذ تتعرض، في أغلب الأحيان، لانتهاكات جنسية وجسدية جسيمة، وتفقد العائل والأهل، كما قد تضطر إلى ترك ممتلكاتها وتشرد داخليا أو تنزح عبر الحدود كلاجئة ضعيفة. في ظل هذه الاعتبارات مجتمعة، أولت قواعد القانون الدولي ذات الصلة عناية خاصة للمرأة في هذه الظروف الاستثنائية.(1)
والحقيقة، أنه على الرغم من هذا الموقف الايجابي عموماً من جانب كل من المشرعين الوطني والدولي فيما يتعلق بالحماية الدولية لحقوق المرأة، إلا أن الواقع يكشف، بوضوح، عن أن التصديق و/أو الانضمام للكثير من المواثيق والاتفاقات الدولية التي تشكل الإطار القانوني الضابط لحقوق المرأة لا يزال غير مكتملاً، الأمر الذي أسفر عن استمرار وقوع الانتهاكات الجسيمة لحقوقها في أوقات السلم والنزاع المسلح على السواء، وأنها – أي المرأة – لا تزال تناضل من أجل نيل حقوقها في بعض المجالات في دول عديدة.
ومن هنا، تثور التساؤلات التالية: كيف ساهمت المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية في كفالة حقوق المرأة وفي تعزيز الحماية الدولية المقررة لها في أوقات السلم والنزاع المسلح على السواء؟ وما هى أهم الآليات القانونية والمؤسسية التي اتخذتها هذه المواثيق والتشريعات لتحقيق ذلك؟ وإلى أي مدى نجحت الآليات المذكورة في خلق واقع أفضل للمرأة داخل مجتمعها في الواقع العملي؟
ويسعى التحليل في هذه الدراسة، وباستخدام المنهج القانوني، إلى الإجابة عن هذه التساؤلات المشار إليها، بعد هذه المقدمة، من خلال تناول أربعة محاور تعقبها خاتمة، يعرض أولها لبعض الملاحظات الأولية الخاصة بحقوق المرأة ضمن الإطار العام لحقوق الإنسان، ويركز المحور الثاني على الخبرة المصرية في حماية حقوق المرأة دستورياً وتشريعياً، في حين يتناول المحور الثالث بالتحليل حماية حقوق المرأة في ضوء قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان. أما المحور الرابع والأخير، فيخصص لبيان الإطار القانوني الحاكم لحقوق المرأة في أوقات النزاعات المسلحة. وذلك على النحو التالي.
أولاً : حقوق المرأة ضمن الإطار العام لحقوق الإنسان: ملاحظات أولية:
ثمة ملاحظات أولية مهمة يتعين الإشارة إليها، بدايةً ، قبل التعرض للإطار القانوني الوطني والدولي المنظم لحقوق المرأة المصرية، طبقا للدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة.
- إن الاتفاقات الدولية والتشريعات الوطنية المصرية ذات الصلة بحقوق الإنسان على وجه العموم، وحقوق المرأة بصفة خاصة، قد تأثرت كثيراً بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء في هذا الصدد، واتي تؤكد كأصل عام على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجال التمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات، وذلك باعتبارها أحد أهم المصادر النابعة من الأديان السماوية التي ينظر إليها بوصفها قد وضعت الأساس الفكري والنظري لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
- اهتمت الاتفاقات الدولية العالمية والإقليمية محل التحليل ببيان حقوق المرأة في الوضعيات المختلفة كأم وكامرأة عاملة معيلة وكلاجئة وكسجينة وكنازحة، فتناولت، من ثم، حقوق المرأة في كل حالة من هذه الحالات على حدة، جنباً إلي جنب مع الأحكام العامة ذات الصلة. ومن أمثلة هذه الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة: العهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، والاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، والاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الاتجار بالشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949، والاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لعام 1952.
- ويلاحظ، أن الاهتمام الدولي بحماية حقوق المرأة لم يقف عند هذا الحد، أي عند مستوي إقرار المبادئ والقواعد القانونية ذات الصلة؛ وإنما امتد إلى إنشاء أجهزة دولية مستقلة تناط بها مهمة الاضطلاع بمجمل الوظائف والاختصاصات المتعلقة بشؤونهم؛ كهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ولجنة مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم لجنة السيداو، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم).
- إن قضية المرأة لا يجب التعامل معها باعتبارها قضية صراع بين الرجل والمرأة. فالاثنان ليسا خصمين، بل شريكان متضامنان على الدوام. والمرأة تمثل بالنسبة للرجل ليس فقط الزوجة السكن التي يقاسمها الحياة المشتركة، وإنما هي أيضاً الأم التي ينحني لها إجلالاً وتقديراً، وهي الابنة التي يضحي لأجلها بكل رخيص وغال، وهي كذلك الشقيقة التي يجدها تحنو عليه في وقت الشدة.
- إن الالتزام الدولي بحماية المرأة وكفالة حقوقها وحرياتها الأساسية ينطوي على شقين رئيسين، أحدهما ذو طبيعة إيجابية، ويقتضي تحقيق المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص ومراعاة اعتبارات النوع الاجتماعي، أو ما يسمى المنظور الجندري، في البرامج والسياسات العامة، واتخاذ ما يلزم من تشريعات وتدابير تكفل تمكين المرأة وتحررها من العوز والخوف، أما الشق الآخر، فذو طبيعة سلبية، مفادها: القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والحد من الأنماط المختلفة للعنف القائم ضدها في أغلب المجتمعات. ويتعين القول، إن التمييز المرفوض أو المستهجن، هنا، هو التمييز في معناه السلبي، أي التمييز ضد المرأة القائم لا لاعتبار سوى اختلاف الجنس، أما التمييز الإيجابي في إطار الاعتراف بالاحتياجات النوعية للمرأة والوفاء بمتطلباتها الخاصة، أو ما يعرف بالسياسات التعويضية لصالح امرأة، فهو، عادةً، ما يكون مطلوباً في كثير من الأحيان.
- يلاحظ، فيما يتصل بموقف الدستور المصري الحالي لعام 2014 من حقوق المرأة وحرياتها الأساسية، أن هذا الموقف لا ينطلق من فراغ، بل يجب النظر إليه باعتباره يمثل إحدى حلقات التطور التشريعي الدستوري والسياسي في مصر في العصر الحديث. وقد تواكب هذا الاهتمام مع مبادرة الحكومة المصرية إلى التوقيع والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية، العالمية والإقليمية، ذات الصلة بهذه الحقوق والحريات عموما، وما يتعلق منها بحقوق المرأة بصفة خاصة(2).
- إن الحديث عن دور فعال ونشط للمرأة المصرية على اختلاف مستويات الحياة الفكرية والاقتصادية في قضايا مجتمعها ومن أجل تأمين حقوقها، يظل غير ذي جدوى كبيرة، إذا اقتصر فقط على بيان المنظومة القانونية الحاكمة له، بل يتعين، كذلك، كفالة الضمانات اللازمة، وبخاصةً القضائية، لحماية هذه الحقوق وكفالة الاحترام الواجب لها وتعزيزها، وترجمتها إلى واقع ملموس على المستوى التطبيقي. أو بعبارة أخرى، يجب أن يتلاحم كل من القانون والقضاء، ويسيران جنباً إلى جنب من أجل كفالة حقوق المرأة المصرية واقعاً وممارسةً. وليس بخاف، الدور الجوهرى للمحكمة الدستورية العليا (المصرية) في هذا الخصوص، من حيث حماية الحقوق والحريات العامة، والحكم بعدم دستورية أي ممارسات تنطوي على التمييز وعدم المساواة، كما سنشير لاحقاً.
ثانياً : حماية حقوق المرأة في الخبرة المصرية: الحماية الدستورية والتشريعية :
في إطار الوفاء بالتزاماتها الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان من اتفاقيات وإعلانات ومواثيق دولية عالمية وإقليمية، ضمنت عموم الدول في دساتيرها الوطنية أحكاماً عديدة وتفصيلية في كثير من الأحيان، بشأن تقرير حقوق الإنسان والمواطن وكفالة الضمانات اللازمة لحمايتها وتعزيزها. كما أردفت ذلك، بسن العديد من التشريعات واللوائح في مختلف المجالات لضمان كفالة هذه الحقوق على المستوى العملي. وقد كانت قضية حقوق المرأة وحرياتها محل اهتمام نام ومستمر من قبل هذه الدساتير وتلك التشريعات على اختلاف مسـتوياتها في سلم النظام القانـوني للدول كافة(3).
وقد ساير المشرع المصري هذا المسلك على مر التاريخ المعاصر، حيث قررت الدساتير المصرية عموماً، نوعاً من الحماية وكفلت قدراً من الحقوق – قل أو كثر- للمرأة المصرية، الأمر الذي أسهم في بناء شرعية دستورية متراكمة ومتكاملة في مجال حماية المرأة وتمكينها من مباشرة حقوقها وحرياتها الأساسية.
وتأسيساً على ما تقدم، أولى الدستور المصري الحالي لعام 2014(4)، اهتماماً خاصاً بحقوق المرأة، وهو الاهتمام الذي بدأ مبكراً من الديباجة والتي نصت على أن: ” نكتب دستوراً يحقق المساواة بيينا في الحقوق والواجبات دون تمييز”. كما ورد بهذه الديباجة، أيضاً، ” نحن المواطنات والمواطنين ….” في إشارة إلى الشعب المصري الذي يعبر عن إرادته ويضع دستوره. كما خصص الدستور لبيان حقوق المرأة أكثر من عشرين نصاً، وردت في البابين الأول والثاني منه، والخاصين بالدولة والمقومات الأساسية للمجتمع، وذك تأكيداً على أن المرأة ليست مجرد فئة من فئات المجتمع، بل هي نصفه وتسهم في رفاه النصف الآخر، وهي أساس الأسرة، وذلك في إشارة إلى دورها الفعال ومشاركتها القوية في بناء الدولة والمجتمع المصريين.
وفيما يلي نعرض لبعض حقوق المرأة المصرية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على نحو ما وردت في الدستور المصري الحالي لعام 2014.
نقطة البداية في ما يتعلق بموقف الدستور المصري الحالي لعام 2014، بشأن حقوق المرأة، هي تلك التي تتمثل، في رأينا، في نص المادة 53 من هذا الدستور، والتي تقرر صراحةً أن: ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر”. وينبغي ألا يفسر إقرار هذا المبدأ العام في متن الدستور على أنه يعني بالضرورة تحقيق مساواة فعلية بين جميع المواطنين بإخضاعهم لقواعد قانونية موحدة وعدم الأخذ بعين الاعتبار ما قد يوجد بينهم من بعض مظاهر الاختلاف والتمايز.
ويحظى مبدأ المساواة بين المواطنين بقيمة قانونية تستمد من قيمة الدستور ذاته، حيث إنه هو القانون الأعلى في المجتمع والذي تقاس على أساسه مدى مشروعية القوانين والتشريعات الأخرى. كما أن إقرار هذا المبدأ صراحة في صلب الدستور له دلالته الخاصة والتي تعني أن مخالفته أو الإخلال به، ودونما أسباب معقولة تبرر ذلك، تؤدي إلى عدم الدستورية ويفتح الباب للطعن بذلك في التصرفات المصاحبة والنتائج المترتبة على هذا السلوك المخالف أمام المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها الجهة القضائية صاحبة الاختصاص في هذا الشأن(5).
ولم يكتف المشرع المصري بإيراد المبدأ العام سالف الذكر بشأن المساواة بين المواطنين، فيما يتعلق بالتمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات، في الدستور وحسب، بل اهتم، أيضاً، بإيراد بعض النصوص التفصيلية الأخرى التي من شأنها إما زيادة هذا المبدأ وضوحاً وتوكيدا، وإما بيان كيفية تطبيقه في المجالات المختلفة. ومن ذلك مثلاً، ما نصت عليه المادة 9 بشأن مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز. وكذلك، المادة 11 بشأن التزام الدولة بكفالة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور. كما تلتزم الدولة المصرية، ووفقاً لنص ذات المادة، باتخاذ التدابير التي تكفل ضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، وتكفل حقها في تولي الوظائف العامة، ووظائف الإدارة العليا في الدولة، والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها(6). وإيمانا من المشرع المصري، بخطورة العنف ضد المرأة، وآثاره الجسيمة عليها نفسياً وجسدياً من جانب، وبمحورية دورها في الأسرة من جانب آخر، كان طبيعيا أن يقر هذا المشرع بدور الدولة الجوهري في حماية المرأة من كافة أشكال العنف ضدها، وفي كفالة تمكينها من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. وعلاوة على ذلك، تلتزم الدولة المصرية، أيضاً، بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً.
وبتوكيده على هذه الأحكام ذات الطابع العام، يكون الدستور المصري قد ساير ما جرى عليه العمل من جانب الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها على وجه الخصوص: العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي ينص في المادة 3 منه على أن الدول الأطراف تتعهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها فيه. كما أنه ساير بذلك، أيضاً، نص المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي يقرر أن لكل مواطن، وعلى قدم المساواة عموماً مع الآخرين، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده، وأن يتمتع بهذا الحق دون قيود غير معقولة(7).
ومن أمثلة الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للمرأة المصرية بوصفها عضواً أصيلاً في المجتمع ما يلي:
- حق الأم المصرية في منح الجنسية لأبنائها من زوج غير مصري: فقد نصت المادة السادسة من الدستور على أن: ” الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله وينظمه القانون. ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية”. وبهذا النص، يكون الدستور المصري قد أقر حق المرأة المصرية في إعطاء جنسيتها لأولادها تماماً كما هو الحال بالنسبة لمنح الأب المصري جنسيته لأبنائه، استناداً إلى رابطة الدم. وقد جاء هذا النص الدستوري متسقاً مع ما سبق وروده في القانون رقم 154 لعام 2004، والمعدل للقانون رقم 26 لعام 1975 بشأن الجنسية المصرية. وقد نص القانون المذكور في ما يتعلق باكتساب الجنسية المصرية بالولادة أنه: ” بات مصرياً من ولد لأب مصري أو لأم مصرية “. وذلك، بعد ان اكتساب هذه الجنسية مقتصراً فقط على الولادة لأب مصري(8).
- الحق في التعليم: أشار الدستور المصري الحالي إلى الحق في التعليم باعتباره أحد الحقوق الأصيلة للمرأة والرجل سواء بسواء. فالتعليم حق للمواطن وفقاً لنص المادة 19، هدفه بناء الشخصية المصرية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز. كما أن التعليم إلزامياً حتى المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة، في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون.
- الحق في العمل: ساوى الدستور المصري بين الرجل والمرأة في مجال الحق في العمل، ونصت المادة 12 منه على أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، كما نصت المادة 14 من الدستور على أن الوظائف العامة حق للمواطنين جميعا على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة. ويطبق مبدأ المساواة في العمل بين الرجل والمرأة في الواقع العملي في بعض الجوانب، كالمساواة بينهما في الأجر عن ذات العمل، ومن حيث سن الإحالة إلى المعاش (سن التقاعد).
ومما هو جدير بالذكر، في هذا الخصوص، أن قانون الخدمة المدنية المصري قد تناول، على نحو مفصل، تنظيم حق المرأة في العمل بما يتناسب مع طبيعتها واحتياجاتها الخاصة، فأقر لها، على سبيل المثال الحق في الحصول على إجازة غير مدفوعة الأجر لمرافقة الزوج إلى الخارج، وحقها في الحصول على إجازة وضع مدفوعة الأجر لمدة أربعة أشهر، بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة عملها بالخدمة المدنية، على أن تبدأ هذه الإجازة من اليوم التالي للوضع، ويجوز أن تبدأ هذه الإجازة قبل شهر من التاريخ المتوقع للوضع بناءً على طلب مقدم من الموظفة وتقرير من المجلس الطبي المختص(9).
أما بالنسبة للعاملات في القطاع الخاص، فقد قررت المادة 91 من قانون العمل المصري رقم 12 لعام 2003، حقها في الحصول على إجازة وضع مدتها تسعين يوماً بتعويض مساو للأجر الكامل، بشرط مضي عشرة أشهر على الأقل في خدمة صاحب العمل قبل طلب الإجازة. وتستحق الإجازة المذكورة مرتين فقط طوال مدة الخدمة(10).
- الحق في المشاركة السياسية: كفل الدستور المصري لكل مواطن، رجلاً كان أو امرأة، الحق في الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاءات. وكما سلفت الإشارة، فقد نص الدستور على وجوب اتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية، ولكن دون تخصيص نسبة معينة أو عدد محدد من المقاعد لتشغلها المرأة، فيما يعرف بنظام الكوتا، وذلك على الرغم من تطبيق هذا النظام بالنسبة لشغل المجالس المحلية، حيث نصت المادة 180 من الدستور على تخصيص ربع هذه المقاعد أو ما نسبته 25% لتمثيل المرأة(11).
وإضافةً إلى ما تقدم، كفل الدستور المصري لعام 2014، جملة أخرى من الحقوق الأساسية للمرأة على قدم المساواة مع الرجل، مثل: الحق في الرعاية الصحية المتكاملة لجميع المواطنين (المادة 18)؛ والحق في الكرامة الإنسانية (المادة 51)؛ والحق في الحياة الآمنة وفي حرمة الجسد (المادتان 59 و60)؛ والحق في حرية التنقل والإقامة (المادة 62)؛ وحرية الاعتقاد والفكر والرأي (المادتان 64 و65)؛ حق تنظيم الاجتماعات العامة وتكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والمؤسسات الأهلية ( المواد 73، 74، 75)؛ والحق في المسكن الملائم والغذاء الصحي والماء النظيف (المادتان 78، 79)؛ وحظر كل صور العبودية والاسترقاق وكل صور الإتجار بالبشر (المادة 89).
أما فيما يتعلق بحقوق المرأة المصرية في الميراث، وعلى الرغم من كون هذا الموضوع هو مما يخرج عن نطاق هذه الدراسة ويستأهل تناوله في دراسة مستقلة، إلا أنه قد يكون من المفيد الإشارة في هذا السياق إلى أن هذه المسألة محسومة شرعياً وتشريعياً، وذلك على الرغم مما يثيره البعض، بين الحين والآخر، من إدعاءات تفيد بوجود حالة من التمييز وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في هذا الخصوص، إنما هو حديث غير دقيق قائم على قراءة مجتزأة لبعض النصوص الشرعية الإسلامية. فالثابت، أن مجمل النصوص التي تناولت موضوع ميراث المرأة، إنما تكشف بما لا يدع مجالا للشك عن حقيقة أن الشريعة الإسلامية الغراء قد ساوت إلى أبعد الحدود بين الرجل والمرأة في هذا الأمر، بل وميزتها في كثير من الأحيان عن الرجل. غاية القول، إذا، أن تحليل هذا الأمر يتطلب اتباع منظوراً كليا في التحليل وإعمال القواعد والأصول المرعية في هذا الشأن وعدم اجتزاء النص من سياقه. وعلى سبيل المثال، فإن القاعدة التي جاء بها الشرع الحنيف والتي تنص على أن: ” … للذكر مثل حظ الأنثيين “، لا يجب الوقوف عندها وحدها، وصرف النظر عن القواعد الأخرى المكملة لها، حتى يتسنى لنا الإحاطة بحقوق المرأة في النظام الإسلامي للمواريث، مقارنة بحقوق الرجل. ذلك أن ميراث المرأة مقارنةً بميراث الرجل يختلف من حالة إلى أخرى بحسب صلة كل منهما بالمورث. وليس أدل على ذلك من أن ثمة حالات عدة ترث المرأة – بنتاً كانت أو زوجة أو أختاً أو أماً أو غير ذلك – أكثر مما يرثه الرجل(12).
ومما هو غني عن البيان، وطبقا لما جرى عليه العمل من جانب الفقه والقضاء المصريين، فإن تصديق مصر على أي اتفاق دولي يجعل هذا الاتفاق جزءاً لا يتجزأ من القانون المصري، وتلتزم بتطبيقه كافة مؤسسات الدولة. وهو ما أشارت إليه المادة 93 من دستور عام 2014، والتي نصت على أن: ” تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة “. واتساقاً مع هذا النص، صدقت مصر على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ومن ذلك على سبيل المثال: التصديق على كل من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 في 4 أغسطس 1967. كما صدقت مصر، أيضاً، على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 في 4 أغسطس 1981، وعلى الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لعام 1953 في 17 يونيه 1981. وكذلك، صدقت مصر على اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 في 10 نوفمبر 1952، وصدقت على بروتوكوليها الإضافيين عام 1977 في 7 ديسمبر 1978. وإضافةً، صدقت مصر على بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة في هذا الخصوص، ومن أمثلتها: الاتفاقية رقم 45 بشأن استخدام المرأة للعمل تحت سطح الأرض في المناجم بمختلف أنواعها، والاتفاقية رقم 89 والخاصة بعمل النساء ليلاً، والاتفاقية رقم 100 بشأن مساواة العمال والعاملات في الأجر لدى تساوي قيمة العمل(13).
ثالثاً : حماية حقوق المرأة في القانون الدولي لحقوق الإنسان :
تجدر الإشارة، ابتداءً، إلى أن قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان أو ما يسمى ” الشرعة الدولية لحقوق الإنسان “، قد اهتمت بمعالجة مسألة العنف ضد المرأة – وبخاصةً الأسري والمجتمعي – وإزالة التمييز ضدهن وكفالة مساواتهن بالرجال. وألزمت الدول بسن التشريعات التي تكفل الوصول إلى هذا الهدف وملاحقة الجناة قضائيا. وقد جاء هذا التوجه من أعضاء الجماعة الدولية انطلاقا من حقيقة أن جميع البشر، نساءً ورجالاً، يتحلون بكرامة إنسانية لا يجب التعدي عليها، وضرورة حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية دونما تمييز بسبب الجنس.
وقد أكدت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على هذا المعنى، حيث نصت، في الفقرة الثالثة منها، على أنه من بين مقاصد المنظمة ” .. تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء”. كما كفلت المادة 13 من الميثاق للجمعية العامة باعتبارها جهاز المنظمة ذو الولاية العامة صلاحية إصدار التوصيات تحقيقا لهذا المقصد. كما أعادت التأكيد على ذات المعني في المادة 55، والمعنية بتعزيز التعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي في مجالات مختلفة في مقدمتها، إشاعة احترام حقوق الإنسان بلا تمييز بسبب الجنس(14).
أما عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، فقد أكدت مادته الثانية على أن لكل إنسان الحق في التمتع بكافة الحقوق والحريات الأساسية الواردة بالإعلان، دونما أي تمييز من أي نوع كان لا سيما التمييز بسبب الجنس … . كذلك، نصت المادة السابعة الإعلان على أن: ” كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا “(15).
وبالمثل، أكدت أحكام الفصل الثالث لكل من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، على حق المرأة في التمتع على قدم المساواة مع الرجال بمختلف الحقوق الواردة فيهما.
ومما هو جدير بالذكر، أيضاً، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت مجموعة من الإعلانات والتوصيات ذات الصلة، يأتي في مقدمتها: إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1967، وإعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974، وإعلان بشأن مشاركة المرأة في تعزيز السلم والتعاون الدوليين لعام 1982، وإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993(16). وقد تضمنت هذه الإعلانات في مجملها توصيات بوجوب توفير الحماية اللازمة للمرأة من أعمال العنف المختلفة في التشريعات الوطنية واتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وسياسية وثقافية لضمان تنفيذها وتفعيلها. كما أوصت هذه الإعلانات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، كذلك، أن تضع خطط عمل وطنية لتعزيز حماية المرأة من جميع أشكال العنف، وأن تدعم إجراءاتها بالموارد المالية الكافية، وتخصص جانباً من هذه الموارد لتعديل أنماط السلوك المجتمعية، وتنظيم برامج تدريب لموظفي الإدارة العامة والمكلفين بتطبيق القانون حول معالجة قضايا العنف ضد المرأة وتقديم المساعدات لضحايا العنف كالرعاية والمشورة والعلاج البدني والنفسي. على أن تتعاون الدول الأعضاء في كل ذلك مع المنظمات النسوية ومؤسسات المجتمع المدني.
وبالنظر إلى الطبيعة العامة للوثائق سالفة الإشارة، اتجهت الجماعة الدولية لاعتماد أول اتفاقية دولية خاصة تعني بمناهضة التمييز ضد المرأة في شتى المجالات، فكان اعتماد اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، والمعروفة اختصارا باسم اتفاقية السيداو. وتمثل هذه الاتفاقية أول صك قانوني دولي ملزم يوفر إطارا شاملا يضمن المساواة الكاملة للمرأة بالرجل، دون أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد بسبب الجنس، في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية. فقد ألزمت الاتفاقية الدول الأطراف فيها بضرورة اتخاذ جملة من التدابير والاجراءات التشريعية والإدارية والمالية على المستوى الوطني لكفالة تمتع المرأة بكامل حقوقها، واجتثاث مظاهر التمييز ضدها في كافة المجالات(17).
كذلك، اهتمت أحكام اتفاقية السيداو بمعالجة العنف ضد المرأة في القطاعين العام والخاص، وكفالة حمايتهن عبر آليات مختلفة من بينها الإبلاغ ورفع التقارير عن ممارسات الدول في هذا الخصوص.
وفي عام 1995، عقد مؤتمر الأمم المتحدة الرابع بشأن المرأة ببكين، وهو المؤتمر الذي حضره عدد كبير من الناشطات في المنظمات النسوية الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والعالمية، وتم فيه اعتماد إعلان ومنهاج عمل بكين بشأن مكافحة العنف ضد المرأة بإجماع 189 دولة.
ويلاحظ، أن إعلان بكين قد أقر بخصوصية تأثير النزاعات المسلحة والأعمال الإرهابية على المرأة بسبب جنسها ومركزها في المجتمع. لذلك، أفرد الإعلان الفصل الخامس منه لموضوع: ” المرأة والنزاع المسلح”، واعتبر الاغتصاب أثناء النزاع المسلح جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وشدد على ضرورة منع إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، الأمر الذي يتطلب التحقيق والملاحقة القضائية وتقديم الجناة إلى العدالة.
وتتلخص التوصيات الواردة في الفصل الخامس من إعلان بكين في الآتي:(18)
- زيادة مشاركة المرأة في حل النزاعات والصراعات، وفي مستويات صنع واتخاذ القرارات، وحماية المرأة التي تعيش في ظروف وأوضاع النزاعات والصراعات المسلحة، وغيرها من أنواع النزاعات، أو تحت الاحتلال الأجنبي.
- الحد من النفقات العسكرية الباهظة والمبالغ بها، والسيطرة على توفر وانتشار الأسلحة.
- تشجيع أشكال حل النزاعات والصراعات دون اللجوء الى العنف، والحد والتقليل من حوادث انتهاك حقوق الإنسان في الظروف والأوضاع التي تشهد النزاعات والصراعات.
- تعزيز وتشجيع مساهمة المرأة في تبني ثقافة السلام.
- توفير الحماية، والمساعدة والتدريب للمرأة اللاجئة والمرأة النازحة التي بحاجة الي حماية دولية، وكذلك للنساء النازحات داخل البلاد.
- توفير المساعدة الي المرأة في المستعمرات والأراضي والمناطق التي لا تتمتع بالحكم الذاتي.
وإضافةً إلى ما تقدم، تم اعتماد البروتوكول الاختياري لاتفاقية السيداو في العام 1999، لتعزيز الالتزام بأحكام الاتفاقية، حيث سمح للأفراد والمؤسسات غير الحكومية بتقديم الشكاوى بشأن انتهاك حقوق النساء إلى اللجنة التنظيمية التي أنشأتها هذه الأخيرة لمتابعة إنفاذ أحكامها وطنياً. وتعرف هذه الآلية بإجراء الاتصال. كذلك، وسع البروتوكول، أيضاً، من صلاحيات لجنة السيداو لتشمل التحقيق في حالات انتهاك الاتفاقية في الدول الأطراف فيه(19).
وعلى صعيد آخر، أصدرت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في 30 نوفمبر عام 2013، التوصية العامة رقم 30 بشأن وضع المرأة في النزاعات المسلحة، وحددت فيها مجموعة من الالتزامات بغرض القضاء على التمييز ضد المرأة وعناصر حمايتها الفعالة في حالات النزاعات المسلحة ووسائل الوقاية منها وقبل وقوعها وبعد انتهائها. وتلخص ھذه التوصية بوضوح مبادئ المنظومة القانونية الدولية وبنودھا الملزمة للدول في هذا السياق. وتبدأ التوصية بالتأكيد على التكامل بين القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يشمل اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة ويحدد حقوقها الإنسانية في حالات السلم، وبين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين الساريين في الظروف الاستثنائية، والذين يوفران متطلبات إضافية لحماية المرأة تتجاوز ما يوفرانه للمدنيين واللاجئين بشكل عام، إلى جانب القانون الجنائي الدولي الذي يتم تحريكه في حالات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتي باتت تشـمل الآن الاغتصاب والعنف الجنسـي المنظم(20).
رابعاً : الإطار القانوني الحاكم لحقوق المرأة في أوقات النزاعات المسلحة :
اهتمت الجماعة الدولية منذ القدم بتخفيف المعاناة الإنسانية الناتجة عن النزاعات المسلحة، واعتمدت لأجل ذلك اتفاقيتي لاهاي الأولي لعام 1899 والثانية لعام 1907. وبموجب هاتين الاتفاقيتين، تم تحديد حقوق وواجبات المتحاربين في إدارة العمليات العسكرية وتقييد وسائل القتال المستخدمة لإلحاق الضرر بالأعداء. كما تم، لأجل ذلك أيضاً، إقرار مبدأ رئيسي، ألا وهو التمييز بين المدنيين والمقاتلين عند استخدام الآلة العسكرية. ومع تفاقم المعاناة الإنسانية الناتجة عن النزاعات المسلحة في ظل تقدم فنون التسلح والقتال، أبرمت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، حيث تم التركيز، ولأول مرة، على حماية ضحايا هذه النزاعات من المدنيين، وبخاصةً الفئات الضعيفة منهم، وفي مقدمتها النساء والأطفال(21).
وقبل بيان مضمون الحماية الدولية للمرأة أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، تجدر الإشارة إلى أن هذه الحماية، شأنها في ذلك شأن مختلف الأمور والقضايا التي ينظمها القانون الدولي الإنساني، قد استقرت بشكل ضمني في ضمير الجماعة الدولية في إطار ما استقر عليه العرف الدولي من قواعد يجب أن تحكم سير العمليات القتالية أثناء النزاعات المسلحة، وذلك لضمان جعل الخسائر الناتجة عن مثل هذه الأعمال العدائية في حدها الأدنى.
وتتمثل نقطة انطلاق أي مناقشة حول الحماية التي يمنحها القانون الدولي الإنساني للمرأة أوقات النزاعات المسلحة، أولاً، في استعراض مضمون الحماية المفروض لهن باعتبارهن مدنيات، حيث يتساوى نطاق الحماية المكفولة لهن وفقا لهذا الاعتبار مع تلك الممنوحة للرجال سواء بسواء. وعلاوةً، يمنح القانون الدولي الإنساني للمرأة حماية وحقوقاً إضافية، نظراً لإقراره باحتياجاتها الأساسية.
ويقصد بالأشخاص المدنيين: ” أولئك الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم، والأشخاص العاجزين عن المشاركة في القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر. ويكون هؤلاء الأشخاص مشمولين بحماية القانون الدولي الإنساني، متى وجدوا أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان في يد أحد الأطراف المتحاربة، إضافةً إلى مجموعة السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وذلك وفقاً لنص المادة 4/1 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949(22).
وتوفر قواعد القانون الدولي الإنساني، في أوقات النزاعات المسلحة، حماية عامة لجميع السكان المدنيين، تشمل حظر القتل وجميع أعمال الإكراه والتعذيب، أو إخضاعهم لمعاملة القاسية والعقاب الجماعي والانتقام، أو استخدامهم كدروع بشرية أو الاحتجاز كرهائن؛ وكذلك، حظر استهداف المدنيين خلال العمليات الحربية، أو المساس بشرفهم ومعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وحظر نقلهم وترحيلهم إلى خارج المناطق المحتلة.
ومما هو جدير بالإشارة، إن قواعد القانون الدولي الإنساني قد أقرت، عرفاً واتفاقاً، مجموعة من الأحكام والمبادئ العامة التي يجب أن تحكم سير العمليات الحربية في أوقات النزاعات المسلحة، والتي يكون من شأن احترامها توفير المناخ الملائم للحماية العامة المدنيين، ومن بينهم النساء، في مثل هذه الظروف الاستثنائية. وفي مقدمة هذه المبادئ: مبدأ عدم التمييز على أساس الجنس ومنح الحماية والمعاملة الإنسانية للجميع، ومبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ومبدأ حق الأطراف المتحاربة في اختيار أساليب ووسائل القتال، ومبدأ حظر الآلام التي لا مبرر لها، ومبدأ التناسب(23).
وبالإضافة إلى ما تقدم، تضم قواعد القانون الدولي الإنساني أحكاماً للحماية الخاصة للمرأة أوقات النزاعات المسلحة، حيث تضمنت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، 19 حكماً ينطبق تحديداً على المرأة. وردت بعض هذه الأحكام في صورة التزامات عامة يتعين على الأطراف المتحاربة التقيد بها تحقيقاً لهذه الحماية، مثلما هو الحال مثلا بالنسبة للمادة 14 من اتفاقية جنيف الثالثة التي توجب معاملة ” النساء … بكل الاعتبار الواجب لجنسهن”. كما ألزمت المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف الأربع الدول الأطراف بالمعاملة الإنسانية للمرضى والمصابين والأسرى والمدنيين في النزاعات، بدون أي تمييز على أساس الجنس …، تأكيداً لمبدأ المساواة بين الجنسين. في حين وردت الأحكام الأخرى بصورة تفصيلية وأكثر تخصيصاً، لتوضح كيفية تنفيذ هذه الالتزمات العامة في الممارسة. ونشير هنا، على سبيل المثال، إلى الأحكام المتعلقة بمعاملة النساء الحوامل وأمهات الأطفال الصغار، وبخاصة الأمهات المرضعات، بعناية خاصة، وتسري هذه العناية على سبيل المثال، فيما يتعلق بتوفير الغذاء والملبس والرعاية الطبية وخدمات الإجلاء والنقل. ويكمن الهدف وراء اعتماد هذه الأحكام الخاصة في توفير حماية إضافية للنساء فيما يتعلق بخصائصهن البيولوجية واحتياجاتهن الطبية والنفسية الخاصة والتي تتعلق عادة باعتبارات الخصوصية ودورهن في الحمل والولادة(24).
ويلاحظ، كذلك، أن اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكوليها الإضافيين قد تضمنت بعض الأحكام الخاصة بحماية فئات خاصة من النساء كالسجينات أو المعتقلات وأسيرات الحرب، وذلك لضمان عدم تعرضهن للتعذيب بما فيه الانتهاك الجنسي وأخذ حاجاتهن الخاصة الجسدية والصحية بعين الاعتبار عن تصميم أماكن احتجازهن، من حيث تخصيص أماكن نوم ومرافق صحية منفصلة لهن، فضلاً عن إيكال مهمة تفتيشهن والإشراف عليهن إلى نساء(25).
ويجدر التنويه في هذا الصدد إن الفقرة الثانية من المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة، تتضمن أول حكم يتناول الاغتصاب على وجه التحديد، حيث نصت على أن: ” يجب حماية النساء بصفة خاصة من أي اعتداء على شرفهن، ولا سيما من الاغتصاب والإكراه على الدعارة وأي اعتداء جنسي “. وعلى الرغم من وجاهة الانتقادات التي وجهت لهذا النص من حيث عدم أخذه في الحسبان جسامة هذه الجريمة والنظر إليها باعتبرها تمثل اعتداءً على شرف الضحية ليس أكثر، إلا أن هذا النص، مع ذلك، له قيمته ودلالته النابعة من حقيقة كونه يمثل أول اعتراف دولي صريح بأن الاغتصاب أمر غير مقبول في أوقات النزاعات المسلحة. وبالمثل، جاء نص المادة 76 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977، متضمناً حكماً مهماً ذا دلالة عامة يحمي المرأة من الاغتصاب على وجه التحديد كأحد أشكال العنف الجنسي ضدها في أوقات النزاعات المسلحة، وذلك على الرغم من اعتبار أنه يمثل مخالفة جسيمة في هذا الخصوص(26) .
ومع نشوب الحرب بين البوسنة والهرسك عام 1992، بدأت بعض المجموعات النسائية بجمع وتوثيق ما يحدث من انتهاكات جنسية بحق النساء البوسنيات، والضغط، لأول مرة، لمناقشة الاغتصاب بوصفه سلاحا للحرب، يتعين ملاحقة مرتكبيه وتقديمهم للعدالة. وقد جاءت الاستجابة الأولى لهذه الضغوط، حين اعتبر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة ليوغسلافيا السابقة لعام 1993، في المادة الخامسة منه العنف الجنسي ضد النساء، وبخاصةً الاغتصاب، من ضمن الجرائم ضد الإنسانية. كما سار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة لرواندا لعام 1994، على ذات النهج ولكن في سياق النزاعات المسلحة ذات الطبيعة غير الدولية أو الداخلية(27).
وعلى صعيد آخر، تم اعتماد إعلان وبرنامج فيينا لعام 1993، والذي أكد على أن: ” انتهاكات الحقوق الأساسية للمرأة في حالات النزاع المسلح تخالف المبادئ المؤسسة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”، وأن هذه الانتهاكات تقتضي ” اتخاذ تدابير فعالة بصورة خاصة ” لحماية المرأة. كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على نحو ما أسلفنا، في ديسمبر 1993 إعلاناً بشأن القضاء على أعمال العنف ضد المرأة، والذي اعترف صراحةً، بأن المرأة تتعرض بصورة خاصة لأعمال العنف في حالات النزاع المسلح.
وبصفة عامة، كان من شأن هذه التطورات، أن أعطت قدرا غير مسبوق من الإنصاف للنساء ضحايا جرائم العنف الجنسي، وأرست مجموعة من المبادئ المهمة في هذا الشأن، تشمل: الاعتراف بأن الاغتصاب يمكن أن يكون أداة من أدوات الإبادة الجماعية، وأن العنف الجنسي يشكل أحد الانتهاكات التي تحدث للمرأة في أوقات النزاعات المسلحة، وأن الزواج القسري يمكن أن يشكل جريمة ضد الإنسانية.
واستكمالاً لمسيرة التطور هذه، تم تعيين السيدة رزيقا كومارسوامي عام 1994، كمقررة خاصة مكلفة بمسألة العنف ضد المرأة، وشملت ولايتها بعض أوضاع المرأة في أوقات النزاعات المسلحة. فضلاً عن تعيين السيدة ليندا شافيز عام 1995، كمقررة خاصة بشأن حالات الاغتصاب النظامي والرق الجنسي والممارسات المشابهة للرق في أوقات النزاعات المسلحة(28).
وقد مثل إقرار نظام روما الأساسي لعام 1998 والذي أنشئت المحكمة الجنائية الدولية بدخوله حيز النفاذ عام 2002، علامة فارقة في تاريخ الاهتمام الدولي بتجريم العنف الجنسي ضد المرأة في أوقات النزاعات المسلحة باعتباره يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. وذلك، لاعتراف هذا النظام المذكور بالاغتصاب وغيره من الاعتداءات الجنسية الأخرى، كالاستعباد الجنسي والإكراه على البغاء والحمل القسري والتعقيم القسري، كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وكمكون من مكونات جريمة الإبادة الجماعية(29) .
وإضافةً إلى ما سبق، كانت أوضاع المرأة اللاجئة والنازحة محل اهتمام القانون الدولي للاجئين لارتباطه الوثيق بالقانون الدولي الإنساني، فعادةً ما تحدث حركات اللجوء الجماعي بسبب النزاعات المسلحة. وبما أن الأكثرية العظمى من اللاجئين هم من المدنيين، وبما أن الأكثرية العظمى من المدنيين هم من النساء والأطفال، يكتسب القانون الدولي للاجئين والمتمثل باتفاقية جنيف لحماية اللاجئين لعام 1951 أهمية خاصة في توفير حماية إضافية للمرأة في هذه الظروف الاستثنائية دون أن يخصها بالذكر.
وقد قام السيد فرانسيس دينج ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مؤخراً، بإعداد وثيقة المبادئ التوجيهية بشأن النزوح والتشريد الداخلي. وقد أعادت هذه الوثيقة التأكيد مجددا على ضرورة الالتزام بمبدأ عدم التمييز بسبب الجنس من جانب، ومراعاة الاحتياجات الخاصة للمرأة من جانب آخر. فقد نصت المادة الرابعة من هذه الوثيقة على أنه: ” تطبق هذه المبادئ دون أي تمييز من أي نوع سواء بسبب .. أو الجنس ..”. ومع ذلك، أشار المبدأ ذاته إلى أهمية منح تمييز إيجابي لبعض المجموعات النسائية بحسب ما تقتضيه احتياجاتهن الخاصة، في مقدمتها: الأمهات الحوامل، والأمهات المصحوبات بأطفال صغار، والنساء المعيلات لأسرهن(30).
كذلك، دعت الوثيقة المشار إليها الدول الأطراف إلى إشراك المتضررين، وبصفة خاصة المرأة، في عمليات إعادة التوطين ومشاركتهن على قدم المساواة مع الرجل في جهود تخطيط وتوزيع اللوازم الأساسية، وأيضاً، في الاستفادة من الخدمات والمرافق المختلفة، وفي الالتحاق بالمؤسسات التعليمية وفرص العمل.
الخاتمة:
تناولت هذه الدراسة بالتحليل بيان حقوق المرأة في الدستور والتشريعات المصرية والمواثيق الدولية، والتي تعد أحد أبرز القضايا المجتمعية في الوقت الراهن، بالنظر إلى ما تواجهه المرأة، عموماً وفي الكثير من المجتمعات، من معاناة بسبب العنف والتمييز ضدها. لذا، كان طبيعيا بعد أن أضحت حقوق الإنسان وحرياته الأساسية محل اهتمام دولي كبير باعتبارها إحدى السمات المميزة للنظام الدولي المعاصر، كان طبيعيا أن تهتم أعضاء الجماعة الدولية – دولاً ومنظمات – بإقرار قدر من الحقوق للمرأة على اختلاف ظروفها كأم، وكامرأة عاملة، وكلاجئة، وكسجينة، وغيرها، والنص على الضمانات اللازمة التي تكفل احترامها وإتاحة الفرصة للتمتع بها. وفي مقدمة مظاهر هذا الاهتمام الدولي بحقوق المرأة، جاء إبرام الاتفاقيات الدولية، العالمية والإقليمية، ذات الصلة، وإلزام الدول الأطراف فيها باتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وسياسية واقتصادية لضمان مباشرة المرأة لحقوقها وحرياتها الأساسية عملاً وممارسةً في حياتها اليومية.
وبناء على ذلك، أصدر المشرع المصري، منذ عهد غير قريب، منظومة متكاملة من التشريعات والقوانين في مختلف المجالات التي تولى حقوق المرأة والوفاء باحتياجاتها الخاصة عناية كبيرة. كما جاء الدستور المصري الحالي لعام 2014 مسايراً لهذا التاريخ الحافل بالاهتمام بالمرأة المصرية، فأشار في ديباجته إلى دورها الفعال في بناء الدولة والمجتمع وخصص لبيان حقوقها قدرا كبيرا من الأحكام تناولت حق المرأة في منح الجنسية لأبنائها من زوج غير مصري، وحقها في التعليم والرعاية الصحية والكرامة والأمن والعمل والمشاركة السياسية، وذلك على قدم المساواة مع الرجل .
وعلى الرغم من حقيقة أن إسهام الدستور المصري الحالي في هذا الشأن يمثل طفرة نوعية في الاعتراف بحقوق المرأة وإقرار مساواتها بالرجل إلى أبعد الحدود، إلا أنه يجب ألا نغفل أن مباشرة المرأة لحقوقها وحرياتها الأساسية ذات الصلة، لن يكون مجدياً وفعالاً بالنصوص وحدها، فالنص القانوني لا يعدو في التحليل الأخير إلا أن يكون تعبيراً فقط عن أحد طرفي المعادلة، أما الطرف الآخر، فهو المجتمع ذاته بعاداته وتقاليده وأعرافه، وهو أيضاً المرأة ذاتها التي يتعين عليها أن تجاهد وتناضل من أجل التمتع بكل ما قرره لها الدستور والقانون من حقوق وحريات على أرض الواقع. فالحرص على إعمال الحقوق هو ما يكفل، في النهاية، القضاء على بعض صور التمييز القائمة وغير المبررة بين الرجل والمرأة في بعض المجالات.
ص الدستور المصري الصادر في عام 2014 لأول مرة، على الاهتمام بقضايا المرأة بدءاً من ديباجة الدستور ويتضمن أكثر من 20 مادة تخاطب المرأة بشكل مباشر بما يكفل للمرأة الفرص المتكافئة ومشاركتها في المجتمع والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق بدون تمييز.
أكد دستور 2014 في المادة 11 على ما يلى:
تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور
تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون
تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها
حرص الدستور فى مادته 180 على تخصيص 25% من مقاعد المجالس المحلية للمرأة وبالتالى يصبح عدد المقاعد المخصصة للمرأة 13,500 مقعد.
تمنح المادة ٦ الحق للمرأة المصرية في نقل الجنسية لأطفالها
تمنح المادة ٢١٤ على استقلالية وحصانة المجلس القومي للمرأة والحق في مراجعة جميع التشريعات المتعلقة بالمرأة قبل صدورها.
تكفل المادة ١٧ توفير الخدمات الاجتماعية.
تحدد المادة ١٩ سن التعليم الإلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية وهو تحرك غير مسبوق في مواجهة الزواج المبكر.
تنص المادة ٩٣ على الالتزام بالمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر والتي تعتبر لها قوة القانون.
وبعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة في أبريل 2019 تم تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة مثلما ورد بالمادة 102 المعدلة، هذا إلى جانب العديد من المواد الدستورية التي اكدت على عدم التمييز بين الجنسين في كافة الحقوق والواجبات، وهي المواد (8، 9، 17، 19، 74، 80، 81، 83، 181،180، 214، 244 المعدلة).
ثانياً : قوانين الأحوال الشخصية :
تعدد قوانين الأحوال الشخصية فى مصر فالقواعد الموضوعية فى مسائل الأحوال الشخصية تنظمها بصفة أساسية قواعد القانونين ٢٥ لسنة ١٩٢٠، و ٢٥ لسنة ١٩٢٩ والتى تم تعديلها فى القانون رقم 100 لسنة 1985 و القواعد الإجرائية تحكمها عدة لوائح ترجع أقدمها لسنة ١٩٠٩ وقواعد الإثبات متناثرة بين المرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة 1931 بشأن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وقانون الإثبات والمرافعات والراجح فى مذهب الفقه الحنفى.
صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 والخاص بتنظيم بعض اوضاع و اجراءات التقاضى والذى هدف إلى التغلب على المشاكل الناجمة عن تراكم القضايا أمام المحاكم، والإجراءات القانونية غير الفعالة؛ وهي التحديات التي تواجه النساء بالأساس حيث أنهن يمثلن أغلبية المتقاضين في القضايا الأسرية وقد كما احتوى هذا القانون على عدد من المواد الهامة منها :
المادة 17 من الحق في التطليق من الزواج الغير موثق إذا كان الزواج ثابتاً بأي كتابة
المادة 20 حق الزوجة في الخلع مقابل التنازل عن حقوقهن المالية ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم ويقع الخلع في جميع الأحوال طلاقـًا بائنًا.
قانون رقم 91 لسنة 2000 بإضافة المادة 76 مكرر ثالثاً من فرض عقوبة الحبس للممتنع عن سداد دين النفقة .
قانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة من اجل تحقيق تسهيل وتحقيق مصلحة الاسرة وتوفير آليات لحل المنازعات مثل نيابات متخصصة لشئون الاسرة ومكاتب تسوية المنازعات الاسرية
قانون رقم 11 لسنة 2004 بإنشاء صندوق نظام تأمين الأسرة ويتبع بنك ناصر الاجتماعي يتمثل غرضه في تسهيل تنفيذ أحكام المحاكم فيما يتعلق بنفقة الزوجة والأطفال و تحديد موارد الصندوق ونظام العمل به.
قانون رقم 4 لسنة 2005 برفع سن الحضانة إلى 15 سنة ويبقى مع الحاضنة و يخيرهما القاضى بعد ذلك
كما تم اصدرا قرارات وزارية هامة فى مسائل الاحوال الشخصية منها :
قرار وزير العدل ١٧٢٧ بتعديل لائحة المأذونين ووثيقة الزواج الجديدة و تعديل المادة رقم ٣٣، والتى نصت على أنه من اختصاصات المأذون أن يوقع الطرفين بما يجوز لهما الاتفاق عليه فى العقد من شروط بما يسمح للزوجين باضافة بعض الشروط فيها
الكتاب الدوري رقم 29 بتاريخ 12 نوفمبر 2017 والخاص باثبات الولاية التعليمية للحاضن
قرار وزير العدل ٩٢٠٠ لسنة ٢٠١٥ لتعديل بعض احكام اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق (الخاص بطالب الزواج الاجنبى من الطالبة الزواج المصرية)
ثالثاً : قوانين العمل :
قانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل الموحد وما تضمنه من حقوق عديدة للمرأة العاملة ولأطفالها وأسرتها وصحتها وغير ذلك .
قانون رقم ٨١ لسنة ٢٠١٦ قانون الخدمة المدنية (المواد الخاصة بالام العاملة وغيرها المتعلقة بالمرأة العاملة) ومن المواد المتعلقة بالمرأة منح مزايا اضافية للأمهات العاملات ومنها إجازة وضع لمدة 4 أشهر بدلاً من 3 أشهر
رابعاً : قانون العقوبات :
نص قانون العقوبات على العديد من المواد التي أسبغت حماية للمرأة وشددت العقاب في جرائم محددة مثل التعرض لها والخطف والاغتصاب وهتك العرض والختان والتحرش الجنسى والاعتداء الذي يؤدي إلي الإجهاض
تم تعديل مواد المتعلقة بالتحرش والاغتصاب وهتك العرض بالقانون رقم 11 لسنة 2011 فتم تعديل مواد (267- 268-269- 269 مكرر – 289 -306 مكرر أ)
الضرب والجرح والعنف النفسي :
ينص قانون العقوبات على تجريم أشكال العنف في نصوصه المختلفة ومنها الاعتداء بالضرب والجرح و التمييز أو العنف النفسي بما في ذلك السب وإهانة شخص، وهي جرائم بموجب المواد (171 و161مكرر و 176 و 240و241 و 242 و 307 و308 من قانون العقوبات ) وتسري هذه النصوص بصرامة على من يرتكب هذه الجرائم دون تمييز بين رجل أو امرأة .
التحرش الجنسي:
تم اتخاذ الإجراءات القانونية خلال الاعوام السابقة والتى اسفرت عن اجراء تعديلات هامة على قوانين العقوبات ومنها تشديد عقوبة التحرش الجنسى والذى صدر بموجب القانون رقم 50 لسنة 2014 حيث أن تعديلات 2011 ولم يرد فيها تشريعاً صريحاً بمصطلح التحرش الجنسي وبمقتضى ذلك تم استبدال نص المادة 306 مكرراً (أ) و أضافة مادة جديدة برقم 306 مكرراً (ب)
تم تعديل مواد المتعلقة الاغتصاب وهتك العرض والتعرض للغير وبالتالى فقد جاءت التعديلات لتوسيع نطاق التجريم للجرائم العنف الموجهة للمرأة ولتجريم التحرش الجنسي. وتعريف مفهومه لأول مرة بموجب القانون ، وعليه يُعاقب القانون على التعرض لأنثى سواء كان بالإشارة أو القول أو الفعل أو أي وسيلة بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية
وشدد المشرع العقوبة إذا كانت تلك الأفعال بغرض الحصول على منفعة جنسية “تحت مسمى التحرش الجنسي” وتتراوح العقوبات بالحبس مدة تبدأ من 6 أشهر وتصل الى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 50،000 جنيه مصري وأضاف المشرع الى حالات تشديد العقوبة المنصوص عليها فى المادة 267 من له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية او استخدم ضغطاً وارتكاب الجريمة من شخصين أو أكثر أو احدهما يحمل سلاح وذلك لتوسيع نطاق التجريم ليشمل النطاق الاسرى و الدراسى والعملى و يمثل خطوة رئيسية نحو تحقيق السلامة للنساء والفتيات المصريات في الأماكن العامة والخاصة.
ختان الاناث:
صدر تعديل قانون العقوبات فى 2008 بتجريم الختان بنصوص قانونية وذلك لمعاقبة ختان الإناث فقد نصت المادة ٢٤٢ مكرر من قانون العقوبات على ما يلي:
“مع مراعاة حكم المادة (٦١) من قانون العقوبات ، ودون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه في المادتين ( ٢٤١ ، ٢٤٢ ) من قانون العقوبات عن طريق ختان لأنثى.” فى عام 2016 بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016 تم تشديد العقوبة المنصوص عليها بالمادة 242 مكرر من قانون العقوبات الخاصة بختان الإناث حيث تم رفع الجريمة من جنحة الى جناية و تتراوح العقوبة بالسجن من خمس إلى سبع سنوات لمن يمارسون تشويه الأعضاء التناسلية للاناث (الختان) ويمكن أن تصل إلى 15 عامًا إذا أسفرت القضية عن العاهة المستديمة أو وفاة كما إستحدث المشرع جريمة جديدة بنص المادة 242 مكرر “أ “وهي عقاب طالب الختان بالحبس إذا تمت الجريمة بناء على طلبه وتأتي أهمية ذلك التعديل للحد من الدعوات التي يطلقها البعض لإجراء الختان سواء كان شخص له صله بالمجني عليها أو يقوم بالدعوة لإرتكاب تلك الجريمة بشكل عام.
الاغتصاب:
تجرم المادة ٢٦٧ من قانون العقوبات الاغتصاب وتنص على أنّ العقوبة القصوى لذلك هي السجن المؤبد الذي تصل عقوبته الي 25 عاماً أو الإعدام. وقد شدد المشرع العقوبة في بعض الحالات الآتية:
لم تبلغ الضحية سن الثامنة عشرة.
أن يكون مرتكب الجريمة من أوصياء/ أصولها الضحية وأن يكون مسؤولاً عن تربيتها أو رعايتها أو أن يكون له سلطة عليها (عمليا أو تعليميا) أو يعمل كخادم بالأجرة للضحية أو عند من تقدم ذكرهم.
أن يتم ارتكاب الاغتصاب من قبل شخصين أو أكثر.
هتك العرض:
تجرم المادة ٢٦٨ من قانون العقوبات الاعتداء الجنسي وتحدد العقوبة بالسجن لمدة تصل إلى ١٥ عامًا. وتغلظ عقوبة هتك العرض إلى السجن المشدد، إذا كان المجني عليه لم يبلغ ثماني عشرة سنة. أو كان المتهم من أصولها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليهم أو كان خادما بأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا كانت اجتماع ظرفان من الظروف المشددة.
الخطف :
فى عام 2018، تم تعديل المادة 289 من قانون العقوبات المصري التي أصبحت تنص على أن كل من خطف من غير تحيل ولا إكراه طفلًا، يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات. اذا كان المخطوف طفلا أو أنثى وتشدد عقوبة الخطف بالتحيل أو الاكراه فى المادة 290 فى حالة كون المخطوف أنثى أو طفل و تصل الى السجن المؤبد أو الإعدام
الإجهاض:
تعاقب مواد 260 -261- 263-264 اسقاط الحوامل بالحبس والسجن المشدد
خامساً القوانين والتشريعات المختلفة:
قانون رقم 154 لسنة 2004 المعدل لقانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 الذي نص على حق الأبناء للام المصرية في الجنسية المصرية .
قانون الضرائب الموحد رقم 91 لسنة 2005 والمعدل بقانون رقم 11 لسنة 2013 وتخليه عن النزعة الذكورية في نصوصها واعترافه بالمرأة كعائل للأسرة .
قانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996.
القانون رقم 64 لسنة 2010 بشان مكافحة الإتجار بالبشر .
قانون رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٤ بإصدار قانون تنظيم المشاركة السياسية
قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 والذي اشترط عدداً من المقاعد للسيدات في نظام القوائم .
قانون رقم 23 لسنة 2012 بنظام التأمين الصحي للمرأة المعيلة من فرض تأمين صحي للمرأة المعيلة والاعتراف بوجودها في المجتمع .
القانون رقم 106 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون حيث نص على حماية الأم السجينة وحقها في إبقاء طفلها حتى يبلغ الرابعة من العمر والحصول على حق الزيارة بعد هذا السن، بالإضافة إلى تأخير عقوبة التنفيذ لحين بلوغ الطفل عامين
قانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين
قانون رقم ٢١٩ لسنة ٢٠١٧ المعدل لقانون المواريث، رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٣ والذى لفرض عقوبات أكثر صرامة على أولئك الذين يحجبون الميراث عن كل من له الحق في هذا الميراث الامر الذى له عظيم الأثر على النساء.
قانون الاستثمار الموحد رقم 72 لسنة 2017 الذى نص فى المادة رقم 2 على تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة
قانون رقم ٣٠ لسنة ٢٠١٨ بإصدار قانون تنظيم المجلس القومي للمرأة.
قانون رقم 175 لسنة 2018 “مكافحة جرائم تقنية المعلومات “
قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018 و والذي كفل حصول جميع المصريين ومنهم المرأة على العلاج بالمجان لغير القادرين.
القانون رقم 149 لسنة 2019 بإصدار قانون ممارسة تنظيم العمل الأهلي
قانون رقم 11 لسنة 2019 باصدار قانون المجلس القومى لاشخاص ذوى الاعاقة
القانون رقم 148 لسنة 2019 باصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات
القانون رقم 6 لسنة 2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 لمواجهة المتهربين من دفع النفقة أو المتعنتين فى سداد ديون النفقات
القرارات :
صدور حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 243 لسنة 21 قضائية بتاريخ 4/11/2000 بعدم دستورية نص المادة 8 و 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بإصدار جوازات السفر وسقوط نص المادة 3 من قرار وزير الداخلية رقم 3973 لسنة 1996 والتي كانت تشترط موافقة الزوج لإصدار جواز سفر للزوجة وحل محلها المادة الأولى من قانون إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 باختصاص قاضي الأمور الوقتية بنظر نزاعات سفر أي من الزوجين تعديل اللائحة الداخلية للسجون بالقرار رقم 1058 لسنة 2008، وتم بوجبها زيادة مرات ومدد زيارة الطفل لأمه المسجونة.
قرار وزير العدل رقم 9200 لسنة 2015 الخاص بتعديل بعض أحكام بالمرسوم باللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 المعدّل بالقانون رقم 103 لسنة 1976 والخاص بزواج أجنبي من مصرية.
الكتاب الدورى لوزير التربية والتعليم رقم 29 لسنة 2017 باثبات الولاية التعليمية للأم المطلقة دون الحاجة لحكم أو قرار
قرار شيخ الأزهر رقم 32 لسنة 2018 بحظر نقل السيدات العاملات من مكان عملهم لمكان آخر بدون رغبتها إلا بعد عرض مبررات النقل.
قرار عام 2018 من وزير الإسكان إضافة المرأة المعيلة ضمن أولويات المتقدمين للحصول على الشقق السكنية في مشروعات الوزارة.
قراري (123, 124) هيئة الرقابة المالية بشأن تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات.