نظرًا لأهمية العلاقة المتبادلة بين السياحة والبيئة کان لابد من تحقيق التوازن بينهما لتحقيق المصالح الاقتصادية والاجتماعية ، ولذلك بدأ الاهتمام بمبدأ الاستدامة في السياحة وتأثير انعکاساتها علي البيئة الطبيعية فقد دفعت الآثار السلبية الاجتماعية والبيئية الناتجة عن السياحة الجماعية إلى ضرورة تبنى أشكال جديدة للسياحة أكثر احتراما للموروث الثقافي والاجتماعي للمجتمعات من أجل تحقيق التنمية المستدامة والتي تمثل واجهة تعکس تطور الشعوب والدول في کافة المجالات، وتعد السياحة البيئية واحدة من أهم هذه الأشكال التي تحافظ علي البيئة.
وأجريت هذه الدراسة بهدف التعرف على دور السياحة البيئية في تحقيق التنمية المستدامة ،وتوجد عدة تعريفات للسياحة البيئية ومنها تعريف الصندوق العالمي للبيئة: فعرف السياحة البيئية بأنها “هي السفر إلى مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوث ولم يتعرض توازنها الطبيعي إلى الخلل وذلک للاستمتاع بمناظرها وحيواناتها البرية ونباتاتها وحضارتها في الماضي والحاضر
کما تعددت تعاريف التنمية المستدامة على ما يزيد عن ستين تعريف منها: تعريف اللجنة العالمية للتنمية المستدامة سنة 1987م حيث عرفها على أنها: “التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون الإخلال بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها” ، وافترضنا في هذا البحث أنه توجد علاقة طردية بين السياحة وأبعاد التنمية المستدامة ، کما توجد علاقة طردية بين السياحة البيئية وبين تحقيق التنمية المستدامة.
التلوث البيئي وتلوث الماء والهواء وأكوام القمامة ، تمثل أكبر الخطر علي صناعة السياحة المصرية، وتزيد في خطورتها علي سوء معاملة السياح ، خاصة أن الأمر وصل لدرجة تحذير مؤسسات دولية للسياح من تناول مياه الشرب في مصر ، وقيامها بتحديد أسماء مياه معدنية لتناولها ، كما طالبتهم بعدم البقاء في القاهرة لفترات طويلة بسبب تلوث الهواء حماية لحياتهم ، إلي جانب تخوف السياح من تناول الأطعمة المصرية بسبب استخدام المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي في الزراعة.
تشكل البيئة أهمية بالغة لدى المجتمعات والاهتمام بها ضرورة حتمية خصوصا تجاه السياحة، حيث ان هناك بعض الروض والمحميات القطرية التي اعتمدت تراثا عالميا من قبل اليونسكو ما يدعو إلى ضرورة تأهيلها التأهيل المناسب لاستقبال السياح والزوار.
وقد نشرت مجلة السياحة الشبابية تقريراً يتمحور حول هذا الموضوع لأن الحديث عن السياحة البيئية كثر منذ بداية الثمانينيات إذ تعد من أفضل أنواع السياحة التي تساهم بشكل كبير في الحفاظ على خصوصية وحماية المناطق.. ما المقصود بالسياحة البيئية وما أهم أنواعها وهل كلها لها تأثيرات سلبية على البيئة؟ وذكر التقرير ان تعريف السياحة البيئية كما ورد من قبل الصندوق العالمي للبيئة هو: «السفر إلى مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوث ولم يتعرض توازنها الطبيعي إلى الخلل، وذلك للاستمتاع بمناظرها ونباتاتها وحيواناتها البرية وتجليات حضاراتها ماضيا وحاضراً» أما الجمعية الدولية للسياحة البيئية (TIES) فهي تعرفها «بالسياحة البيئية أو المسؤولة إلى مناطق محمية ومطورة لتحسين المستوى المعيشي للسكان المحليين».
وتتمثل الأنشطة التي ترتبط بالسياحة البيئية فيما يلي:
– الصيد البري للطيور والصيد البحري للأسماك.
– تسلق الجبال.
– الرياضات المائية ورياضة الغوص لمشاهدة الشعاب المرجانية.
– تأمل الطبيعة واستكشاف كل ما فيها.
– الرحلات في الغابات ومراقبة الطيور والحيوانات.
– استكشاف الوديان والجبال.
– اقامة المعسكرات.
– رحلات السفاري والصحراء.
– تصوير الطبيعة.
– زيارة مواقع التنقيب الاثرية.
– التجول في المناطق الاثرية.
وأهم عنصر تقوم عليه السياحة البيئية هو عدم احداث اخلال بالتوازن البيئي الناتج عن تصرفات الإنسان، المتمثل في تصرفات السائح وما يحدثه من تلوث فيها أو أضرار بثرواتها الطبيعية من خلال الصيد الجائر أو تلويث البيئة الطبيعية، ولذلك تضع كثير من الدول ومنها قطر قوانين صارمة للحفاظ على البيئة وثرواتها الطبيعية ويتم اقامة العديد من المحميات الطبيعية التي يحظر اقامة أي نشاط فيها.
ومعلوم انه يتم ابراز المعالم الجمالية لأي بيئة في العالم من أجل ازدهار السياحة والنهوض بها، وللوهلة الأولى تبدو السياحة وكأنها أحد المصادر للمحافظة على البيئة وليست مصدراً من مصادر التلوث، مما يستوجب تحقيق التوازن بين السياحة والبيئة من ناحية، وبينها وبين المصالح الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم عليها من جهة اخرى.
وغالبا ما يكون التفاعل بين السائح والبيئة المحاطة به غير مسؤول، خصوصا في ظل غياب المرشدين السياحيين المتمرسين، وغياب القوانين التي تجرم التعدي على البيئة أو ضعف تطبيقها إن وجدت.
وهناك العديد من الآثار السلبية للسياحة البيئية، منها:
ـ الزيادة المقررة في أعداد السياح، وما تمثله من عبء على مرافق الدول من وسائل نقل، فنادق، كهرباء وماء.
ـ إحداث التلفيات ببعض الآثار لعدم وجود ضوابط أو تعامل السياح معها بشكل غير لائق.
ـ ممارسة السياح لبعض الرياضات البحرية أدت إلى الإضرار بالأحياء البحرية من الأسماك النادرة، والشعب المرجانية والذي يؤدي إلى نقص الحركة السياحية في المناطق التي لحق بها الضرر.
ـ زيادة تلوث مياه البحر، خاصة البحر الأبيض المتوسط، لم تعد صالحة للاستحمام نتيجة للتخلص من مياه المجاري فيها.
ـ ازدياد تلوث الغلاف الجوي.
ـ انتشار القمامة والفضلات فوق القمم الجبلية حيث تمثل الجبال مناطق جذب سياحي من الدرجة الأولى فتمارس عليها الرياضة السياحية من تسلق ومشي.
ولكن لا يجب تحميل السائح وحده مسؤولية كل الآثار السلبية على البيئة وآثارها الطبيعية، ولكن يتحمل السكان الأصليون لهذه المناطق المتضررة جزءا كبيرا من المسؤولية في عدم المحافظة عليها وممارسة سلوكيات تساهم في تلويثها.
ولكن.. كيف يمكن أن تساهم السياحة في حماية البيئة؟
يقول أحد خبراء السياحة، يمكن ذلك من خلال تقسيمها إلى ثلاثة أفرع كالتالي:
– السياحة الزرقاء: وهي السياحة التي تهدف إلى زيارة الشواطئ والبحيرات والأنهار وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية المتعلقة بهذه الأماكن كالغوص، الصيد، السباحة، القوارب.. إلخ. مع ضرورة وجود قوانين تحمي هذه الأماكن من التلوث.
– السياحة الصفراء: وهي الأنشطة السياحية الترفيهية المتعلقة بالسفر إلى الصحراء أو إلى المناطق الجليدية (السياحة البيضاء)، وهنا أيضا نجد وقوع العديد من المخالفات البيئية التي تحدث في كثير من الدول، وفي قطر مثلاً هناك الكثير من المخلفات التي يتركها رواد البر عند قيامهم بإقامة مخيمات أو زيارة الشواطئ القطرية، وتقوم الجهات المختصة بالنظافة بحملات دورية مستمرة لتنظيفها.
– السياحة الخضراء: هذا النوع من السياحة يعنى بالاستمتاع بالمناطق الخضراء وهي شحيحة في منطقة الخليج لظروفها المناخية الطبيعية، لكنها متوافرة بكثيرة في بلدان أخرى كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية وكندا وكوستاريكا وبعض الدول الافريقية.
وحسب الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي بدولة قطر، فإن الأخطار التي تهدد الحياة النباتية والحيوانية القطرية في البر والبحر تتمثل في الآتي:
– الصيد بمختلف أنواعه، حيث ان انواعاً كثيرة من النباتات والحيوانات البرية قد انقرضت أو مهددة بالانقراض مثل الغزلان والمها العربي والحبارى كنتيجة لاستخدام التقنيات الحديثة في الصيد.
– ان جمع بيض السلاحف البحرية والطيور عن الشواطئ والجزر في دولة قطر قد حد من امكانية تكاثر هذه الانواع.
– ففقدان الموائل الطبيعية حيث ان النظم البيئية في دولة قطر تتعرض للكثير من الاخطار بسبب النقص الاساسي في المعلومات، ومن الملاحظ ان اراضي القرم في منطقة الخور والذخيرة في شمال البلاد، تتعرض لمشكلات متعددة بسبب الزحف العمراني وامتدادات مياه الصرف الصحي ومكبات النفايات واستصلاح الأراضي.
– الانتشار الواسع لحظائر الحيوانات (العزب) في المراعي قد أدى إلى تدهور كبير في البيئة البري وإلى تقليص مساحة الغطاء النباتي بسبب انجراف التربة وتزايد ضخم لما يرمي من النفايات المنزلية ومواد البناء ومواد كثيرة اخرى في المناطق المجاورة لحظائر الحيوانات، وكانت تعد سنة 2002 بحدود 1764 حظيرة (عزبة).
– التلوث: حيث إن مكونات التنوع الاحيائي تتأثر سلباً بملوثات مصانع النفط والغاز، كما تتأثر بمياه الصرف الصحي والنفايات المختلفة الأخرى.
– إن خطر هذه الملوثات يكمن في إلحاق الأذى بمكونات التنوع الإحيائي وبالقضاء عليها والحد من تكاثرها .
– الوعي البيئي: حيث ان الافتقار الى الوسائل الكفيلة بتعميم الوعد البيئي واظهار اهمية الحيوانات والنباتات الفطرية يعد من الاخطار الاساسية التي تهدد مستقبل التنوع الاحيائي.
الضوابط المطلوبة
اخيرا لاشك في اهمية السياحة بمختلف انواعها لأي دولة من حيث المساهمة في زيادة الدخل القومي واظهار الواجهة الحضارية للدولة لكن في حالة السياحة البيئية فإن الامر يتطلب عددا من الضوابط منها عدم السماح بقيام اي مشروع ضد البيئة التشدد في تطبيق قوانين الصيد البري ومنع الصيد البحري حول الجزر بحيث يكون هناك محيط معين ومنع الصيد بالبنادق البحرية التي لها اثر كبير على البيئة والكائنات الحية والاكثار من انشاء المناطق المحمية والمحميات الطبيعية وتقديم دورات تدريبية متخصصة للمرشدين السياحيين ومنظمي الرحلات الجماعية فضلا عن توعية السكان المحليين وتثقيفهم سياحيا وبيئيا.