يكمن في الجسم نوع من الخلايا، يسمى خلايا الزومبي، وهي تساهم في الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر وتصنع جزيئات صغيرة وغريبة لا تُرى في الخلايا الطبيعية. لكن وظيفة هذه الجزيئات “الخفية” لا تزال تمثل لغزًا، ويعتقد العلماء الآن أنهم قد يعرفون سبب قيام الزومبي ببناء هذه الجزيئات، حسبما أفاد موقع ذا ساينتست.
لا تموت خلايا الزومبي، المعروفة علميًا باسم الخلايا “الشائخة”، ولكنها تتوقف عن الانقسام بسبب التلف أو الإجهاد. وتفرز هذه الخلايا الميتة جزيئات تستفز جهاز المناعة وتسبب الالتهاب. الخلايا الشائخة ليست كلها سيئة، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنها تساعد في إصلاح الأنسجة التالفة، ولكن مع تقدم الجسم في العمر، تبدأ هذه الخلايا في التراكم وتسبب الالتهاب الذي يساهم أمراضًا مثل السرطان والزهايمر وهشاشة العظام.
ذكرت نيكوليتا لانيس، في تقرير على موقع livescience، إنه، بالإضافة إلى إفراز الجزيئات الالتهابية، تخضع الخلايا الشائخة لعملية تسمى “النسخ الخفي”. تصف هذه العملية المرحلة التي تستخدم فيها الخلايا بشكل خاطئ مقتطفات فائقة القصر من الحمض النووي.
تقول بايل سين، عالمة الأحياء الجزيئية في المعهد الوطني للشيخوخة بالمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، بالولايات المتحدة، أنها تشك في أن إنتاج هذه الجزيئات الصغيرة قد يستنزف موارد الخلية، مما يتسبب في بطء النمو وانخفاض الكفاءة مع التقدم في العمر. علاوة على ذلك، قد تستخدم الخلية التعليمات الموجودة داخل الحمض النووي الريبي لبناء بروتينات صغيرة تتداخل بطريقة ما مع الوظائف الطبيعية للخلية.
وبالطبع، فإن معرفة سبب خضوع خلايا الزومبي للنسخ المشفر وتأثير ذلك على الشيخوخة يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم العلماء الشامل لعملية التشيُّخ، بالإضافة إلى محاولاتهم إطالة العمر والوقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة. في دراسة جديدة نُشرت في 31 مارس بمجلة نيتشر ايجنج Nature Aging، بدأت سين وزملاؤها في كشف “سبب” هذه الظاهرة.
حدد الفريق أكثر من 350 “موقع خفي” داخل الخلايا البشرية الشائخة، مما يعني أنهم حددوا التغييرات “الوراثية اللاجينية” في هذه المواقع التي لم تكن موجودة في الخلايا الشابة السليمة وقد يفسر ذلك سبب حدوث النسخ المشفر.
شوهدت التغيرات اللاجينية في خلايا الزومبي تحديدًا في نوع من البروتينات يسمى الهستونات، ويبدو أن التغييرات مرتبطة بأعمار الخلايا. في خلايا الزومبي، تسببت هذه التغييرات اللاجينية في تعريض أجزاء من الجينوم لآلية صنع الحمض النووي الريبي لهذه الخلايا.
يدعم هذا الاكتشاف فكرة أن خلايا الزومبي تخضع للنسخ المشفر لأن قدرتها على التحكم في التعبير الجيني تتلاشى بمرور الوقت، حيث تتراكم مثل هذه التغيرات اللاجينية فوق الحمض النووي الخاص بها مما يغير من طبيعتها.