قالوا ان ملكا كان يتفقد أنحاء مملكته فمر على قرية ووجد أهلها يشربون من الترعة مباشرة ..
فقال للحاشية : أبقوا شوفولهم أي حاجة و لو حتى زير يشربوا منه .. و مضى ليكمل باقي جولته ..
كبير الوزراء على طول أمر بشراء زير و وضعه على شاطئ الترعة ليشرب منه الناس .. وبعدما وصل الزير طلع موظف وقال : بس كده الزير ده يبقى أموال عامة و عهدة حكومية .. لذلك لابد من خفير يقوم بحراسته .. وكذلك لابد من سقا ليملأه كل يوم .. وبالطبع مش معقول خفير واحد وللا سقا واحد هايشتغل طول الأسبوع .. فتم تعيين 6 خفراء وستة سقايين للعمل بنظام الورديات لحراسة وملء الزير .. ثم نهض موظف آخر و قال : الزير ده محتاج حمالة وغطاء وكوز .. فلابد من تعيين فنيين صيانة لعمل الحمالة والغطا والكوز .. و هنا بادر موظف خبير متعمق فقال : طيب و مين اللي هايعمل كشوف المرتبات للناس دي كلها ؟؟ .. لابد من إنشاء إدارة حسابية وتعيين محاسبين بها ليصرف للعمال مرتباتهم .. ثم جاء بعده من يقول : طيب ومين اللي هايضمن إن الناس دي هاتشتغل بانتظام ؟؟ .. لازم حد يتابعهم ويشرف على الخفر والسقايين والفنيين .. فتم إنشاء إدارة لشئون العاملين و عمل دفاتر حضور وانصراف للموظفين والعاملين .. ثم أضاف موظف كبير آخر : طيب لو حصل أي تجاوزات او منازعات بين العمال وبعضهم مين اللي هايفصل فيها ؟؟ .. لذلك أرى أنه لابد من انشاء إدارة شئون قانونية للتحقيق مع المخالفين والفصل بين المتنازعين ..
وبعدما تم عمل كل هذه الادارات .. جاء موظف موقر فقال : و من يرأس كل هؤلاء الموظفين؟؟ .. الأمر يتطلب ندب موظف كبير ليدير العمل ..
وبعد مرور سنة .. كان الملك يمر كالعادة متفقدا أرجاء مملكته .. فوجد مبنى فخم وشاهق مضاء بأنوار كثيرة وتعلوه يافطة كبيرة مكتوب عليها الإدارة العامة لشئون الزير .. و وجد في المبنى غرف وقاعات اجتماعات ومكاتب كثيرة .. كما وجد رجلا مهيبا أشيب الشعر يجلس على مكتب كبير وأمامه لافته تقول : الأستاذ مدير عام شئون الزير .. فتساءل الملك مندهشا عن سر هذا المبنى و هذه الإدارة الغريبة التي لم يسمع بها من قبل .. فأجابته الحاشية الملكية : بأن كل هذا لرعاية و العناية بشئون الزير الذي أمرت به للناس في العام الماضي يا مولاي ..
المفاجأة بقى إن الملك لما راح يبحث عن الزير نفسه لقاه فاضي ومكسور و جنبه خفير و سقا نايمين وبيشخروا و جنبهم يافتة مكتوب عليها : ” تبرعوا لإصلاح الزير مع تحيات الادارة العامة لشئون الزير “