🔸ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنّة مؤكّدة يفوت المسلم خيرٌ كبير بتركها إذا كان قادرًا على القيام بها ، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "ما عمِل آدمِيٌّ مِنْ عملٍ يوْم النحْرِ أحب إِلى اللهِ مِنْ إِهْراقِ الدمِ، إِنها لتأْتِي يوْم الْقِيامةِ بِقُرُونِها وأشْعارِها وأظْلافِها، وإِن الدم ليقعُ مِن اللهِ بِمكانٍ قبْل أنْ يقع مِن الأرْضِ، فطِيبُوا بِها نفْسًا" .
وذهب بعض العلماء إلى أن الأضحية واجبة على القادر المستطيع ، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وقول الإمامين الأوزاعي والليث بن سعد قال ابن نجيم من علماء الحنفية في (البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 197):" إنها واجِبةٌ ، ودلِيلُ الوُجُوبِ قولُهُ: (صلى اللهُ عليهِ وسلم):" من وجد سعة ولم يُضح فلا يقربن مُصلانا".
قالوا : ومِثلُ هذا الوعِيدِ لا يلحقُ بِتركِ غيرِ الواجِبِ ، ولِأنهُ (عليهِ الصلاةُ والسلامُ) أمر بِإِعادتِها لمن ضحّى قبل صلاة العيد في قولِهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : ” من ضحى قبل الصلاةِ فليُعِد الأُضحِية”.
ولا شك أن تارك الأضحية مع قدرته عليها قد فاته أجر عظيم وثواب كبير، والخروج من الخلاف يقتضي من القادر المستطيع أن يحرص على الأضحية ، فثوابها عظيم وهي أفضل عمل يعمله المسلم في يوم النحر ، حيث يقول الحق سبحانه : ” فصل لربك وانحر ” ، ويقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم ” فمن وسّع وسّع الله عليه ، ومن أدخل السرور على الفقراء والمحتاجين وسعى في جبر خواطرهم وقضاء حوائجهم كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة .
مع تأكيدنا أن الأضحية كما تجزئ بالمباشرة تجزئ أيضا بطريق الإنابة من خلال صكوك الأضاحي مع ما للصكوك من فوائد كثيرة من أهمها الوصول إلى المستحقين أينما كانوا مع تعظيم الاستفادة بكل جزء من أجزاء الأضحية لصالح المستحقين و الحفاظ على البيئة بالذبح داخل المجازر المعتمدة المخصصة للذبح ، فلا ينبغي لأحد أن يذبح أضحيته في الطرقات أو مداخل العمارات أو أي مكان غير المجازر المخصصة للذبح ، حفاظا على البيئة والسلامة الصحية معا ، ودفعا لما قد يحدث من أذى جيرانه أو غيرهم ، أو عدم التخلص من مخلفات الذبح بصورة صحيحة على نحو ما قد يفعله بعض المضحين من إلقاء هذه المخلفات في المصارف أو الترع أو غيرها من الأماكن غير المخصصة لإلقاء هذه المخلفات.
د / محمد مختار جمعة .
وزير الأوقاف