تم تقديم ، مشروع قانون لعضو الكنيست، يتسحاق كرويزر، من حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف، والذى يهدف إلى السماح بإصدار أحكام بالسجن على الأطفال شرقي القدس المحتلة، في أعقاب الهجوم الذي وقع في بلدة «سلوان» جنوب البلدة القديمة، في يناير الماضي، حيث أطلق صبى فلسطيني، يبلغ من العمر 13 عامًا، النار على مستوطنين،
ما أدى إلى إصابتهما بجروح خطيرة. ويطالب كرويزر، بتطبيق أحكام بالسجن على القاصرين المتورطين في عمليات ضد أهداف إسرائيلية، وليس فقط إرسالهم للعلاج في مؤسسات إعادة التأهيل نظرًا لأن إسرائيل لا تفرض عقوبات بالسجن على قاصرين دون سن 14. من مغبة مضى الحكومة في خطة الإصلاح القضائي بصورة أحادية الجانب، قائلين:
«خطوة من هذا القبيل سيكون لها ثمن سياسي وأمنى واقتصادي». ويحذر المسؤولون الإسرائيليون من أن مثل هذا القانون سيثير انتقادات دولية، لكن التحالف اليميني الحاكم في «تل أبيب» مصمم على المضي قدمًا في تشريعه. يمثل انتقاصًا لاستقلالية القضاء الإسرائيلي، إضافة إلى محاولته تبرئة نفسه من تهم الفساد التي تلاحقه. تمتنع سلطات السجون الإسرائيلية عن توفير الأطر التعليمية والمدرسية للأسرى الفلسطينيين من الأطفال بما يتنافى والقانون الدولي، وذلك عبر حرمانهم من التعليم وحظر إدخال الكتب المدرسية للزنازين التي يحتجزون بها في ظروف مزرية وغير إنسانية دون توفير أدنى الحقوق، إذ يجمعون في معتقلات وأقسام انفرادية بمعزل عن الأسرى البالغين.
يشار إلى أن اتفاقية الطفل العالمية، تجرم اعتقال الأطفال، إلا أن سلطات الاحتلال تواصل اعتقالهم وتقديمهم لمحاكم صورية تصدر بحقهم أحكاما بالسجن الفعلي لعدة سنوات كما حدث مع الطفل المقدسي أحمد مناصرة، الذي قضى طفولته المبكرة في الاعتقال.
دأبت إسرائيل على اعتقال الأطفال الفلسطينيين منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة في حزيران/يونيو ،1967 لكنها كثّفت عمليات الاعتقال هذه خلال سنوات الانتفاضة الأولى، التي اندلعت في كانون الأول/ديسمبر ،1987وكانت تهمة معظم الأطفال المعتقلين في تلك السنوات إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال ومركباته. ثم جعلت من عملية اعتقال الأطفال عملية ممنهجة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر ،2000وصارت تلجأ، أكثر فأكثر، إلى الاعتقال الإداري بحقهم، كما قامت بإدانة وسجن أطفال تقل أعمارهم عن 14 عاما
وتتعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الأطفال الفلسطينيين الأسرى كـ “مشروع مخربين “،وتحرمهم من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية وتشمل: الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، ومعرفة سبب الاعتقال والحصول على محام والاتصال بالأهل وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان الاعتقال والمثول أمام قاض.
وبخصوص أعداد الأطفال الأسرى، أحصت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية “بتسليم”، في تقرير أصدرته، 835 طفلاً فلسطينياً سجنوا ما بين عامَي 2005 و ،2011 ّقسمتهم كالتالي: أكثر من2500 يبلغون 16 عاماً؛ 225 في سن 14 و 15؛ 34 يبلغون 13 عاما ومادون.
وبحسب تقرير صدر في مطلع عام ،2013 عن دائرة الطفولة والشباب في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، كانت السلطات الإسرائيلية تحتجز في سجونها، في ذلك التاريخ، 321 طفلا كان بينهم 4 في المئة من المعتقلين إدارياً من دون تهم محددة، و 3 في المئة من البنات، و 56 في المئة منهم محتجزون في سجون داخل إسرائيل. ً
ووفقا لتقرير صادر عن جمعية ” نساء من أجل فلسطين “، بلغ عدد الأطفال الأسرى في السجون الإسرائيلية، في شباط/فبراير ،2014 230 طفلا
يعاني الأطفال الفلسطينيون الأسرى ما يعانيه الكبار من انتهاكات فاضحة لحقوقهم الإنسانية، خلال عملية الاعتقال وأثناء التحقيق وطوال فترة الاحتجاز والسجن. وتعتقل سلطات الاحتلال الأطفال الفلسطينيين بناء على مزاجية الجنود الإسرائيليين عند نقاط التفتيش وفي الشوارع أو من المنازل، وهي الحالة الأكثر شيوعا وفي حالة الاعتقال من المنزل، تحاصر وحدة من جنود الاحتلال منزل الأسرة في الساعات الأولى من الصباح عادة، وعندما يتم التعرّف على الطفل فإنه يتعرض، في كثير من الأحيان، للضرب أو الركل قبل تعصيب عينيه وتكبيل يديه من الخلف بقيود بلاستيكية، ثم يوضع في الجزء الخلفي من مركبة عسكرية.
ويحتجز الأطفال الفلسطينيون في البداية في مراكز تحقيق عسكرية ومراكز شرطة إسرائيلية في الضفة الغربية. وتقع بعض مراكز التحقيق في المستوطنات، مثل مستوطنة كريات أربع، ومعاليه أدوميم، ودان شمرون وغيرها. ولدى وصول الطفل الأسير إلى مركز التحقيق، يوضع إما في زنزانة أو يؤخذ مباشرة إلى غرفة التحقيق، ويتخلل التحقيق، الذي يجري دون أي رقابة من الصليب الأحمر الدولي أو من المحامين الفلسطينيين، ممارسات وحشية، كالضرب، والشبح المتواصل، وإجبار الطفل الأسير على الوقوف لساعات طويلة، والحرمان من النوم والطعام، وصب مياه باردة جداً على جسد الأسير ثم مياه ساخنة جدا وتعليق الطفل على عامود أو تعليقه مقلوبا والصعق بالصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب. وفي معظم الحالات يعترف الطفل، بعد تعرضه للتعذيب، بتهمز ائفة، كما أن من المألوف أن يُعطى ورقة اعتراف مكتوبة باللغة العبرية للتوقيع عليها، وهي لغة لا يفهمها إلا عدد قليل جداً من الأطفال الفلسطينيين.
وتشكل ورقة الاعتراف التي ينتزعها المحققون من الطفل دليل الإدانة القطعي المعتمدة لدى المحاكم العسكرية. ومن بين الحالات التي وثّقتها الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين، في عام ،2009قدم الأطفال اعترافات أثناء التحقيق في 81 في المئة من الحالات، وفي 32 في المئة من هذه الحالات كانت ورقة الاعتراف باللغة العبرية.
وبعد انتهاء التحقيق، بالحصول غالباً على الاعتراف بالتهمة الموجهة، يُنقل الطفل الأسير إلى السجون الخاضعة لمصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تقع داخل إسرائيل، باستثناء سجن واحد هو سجن عوفر، وهو ما يجعل الزيارات العائلية صعبة لصعوبة الحصول على تصاريح لدخول عائلات الأطفال الأسرى المناطق الفلسطينية عام ،1948 علماً بأن احتجاز سكان الأراضي المحتلة خارج تلك الأراضي يُعدُّ انتهاكاً للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على “يحتجز المتهمون في البلد المحتل، ويقضون فيه عقوبتهم إذا أدينوا “.
ويتوزع الأطفال الفلسطينيون الأسرى على عدة سجون: بيت إيل، عتصيون، النقب، تلموند، عوفر، مجدّو، هشارون، الدامون، الرملة للنساء، وغيرها. وتفتقد هذه السجون للشروط الإنسانية، إذ تتسرب مياه الأمطار في الشتاء إلى الغرف والخيام، وتنتشر فيها الروائح الكريهة بسبب الازدحام، وتتميّز بسوء مرافق الصرف الصحي فيها، وقلة تعرضها لأشعة الشمس والهواء. ويعاني الأطفال الأسرى، إلى جانب ذلك، من سوء الطعام ونقصه، ومن انعدام النظافة، وانتشار الحشرات والزواحف، ومن نقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والتسلية، والحرمان من زيارة الأهالي.
كما يتعرضون في حالات كثيرة للعزل والضرب من ّ السجانين، والاحتجاز مع البالغين واجمل رمين والمنحرفين. ويُحرم الأطفال الفلسطينيون الأسرى من العناية الطبية المناسبة، علماً بأن كثيرين منهم يعانون من ضيق التنفس ومن أمراض العيون والأسنان ومن الروماتيزم وأمراض الجهاز الهضمي، ومن الأمراض الجلدية.
إذ ترفض إدارات السجون عادة إخراج الأطفال المرضى إلى عيادات السجن ولا توفر طبيباً مقيماً بشكل دائم في عيادة السجن وهو ما يخالف المادة 91 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد ضرورة ” أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل، ويحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية “.
ويقتصر الدواء الذي يُعطى للطفل المريض، في كثير من الأحيان، على المسكنات. وتفيد إحصائيات وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية أن حوالي 40 في المئة من الأمراض التي يعاني منها الأطفال الأسرى ناتجة عن ظروف اعتقالهم غير الصحية، وعن نوعية الأكل المقدم لهم، أو ناتجة عن انعدام النظافة.
كما يحرم الأطفال الفلسطينيون، بعد الزج بهم في السجون والمعتقلات، من الحق في التعليم. ففي سجن تلموند، على سبيل المثال، يتلقى 30 في المئة من الأطفال الأسرى تعليماً بسيطاً من خلال معلم واحد، وذلك بمعدل ست ساعات في الأسبوع، موزعة على أربعة أيام، لكن من دون توفر مناهج دراسية فلسطينية أو حتى أية كتب دراسية أخرى.