يعد قطاع النقل والمواصلات من البنى الارتكازية للاقتصاد ومؤثراً في الوقت نفسه بصورة مباشر أو غير مباشرة في الحياة الاجتماعية للأفراد من خلال ما يحققه من عملية اتصال وتغيير في السلوك الاجتماعي والحضاري لهم .
حيث يساهم النقل إلى حد كبير في إحداث التغيير الاجتماعي بين أفراد المجتمع عموماً وذلك من خلال تسهيل عملية الاتصال الاجتماعي بين الريف والمدينة أي بين أرجاء البلد الواحد من جهة ، وبينه وبين الأقطار الأخرى من جهة ثانية ، الأمر الذي يساهم بشكل فعال في زيادة تحقيق التطور الاجتماعي باعتبار أن المجتمعات المتخلفة هي التي تنغلق على نفسها بسبب صعوبة الاتصال مع المجتمعات الأخرى . وهذا ما يلاحظ على بعض مجتمعات أفريقيا وآسيا حيث ما زالت هذه المجتمعات تعيش في مستوى الإنسان البدائي، ولعل السبب يرجع إلى انعدام الاتصال بين هذه المجموعات البشرية المنعزلة والمجتمعات الأخرى
ومن خلال ما تقدم نستطيع القول بان أية تنمية اقتصادية ترتبط أساسا بتوافر تسهيلات وإمكانيات نظم النقل المناسبة ، الأمر الذي يتطلب ان تقوم عملية تخطيط النقل على أساس علمي سليم انطلاقا من الواقع الفعلي وعلى أساس التوازن بين التطور السريع لنظام النقل من جهة والظروف الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى
أنواع النقل
الفصل الأول – التصنيف العام لأنواع النقل :
أولا – التصنيف وفقا لمجال التشغيل : ويشتمل على أنواع ثلاثة هي :
– النقل الداخلي وهو الذي يكون ضمن نطاق الدولة
– النقل الخارجي ( الدولي ) وهو النقل العابر بين الدول ( خارج نطاق الدولة الواحدة )
– النقل الحضري وهو النقل داخل حدود المدينة ، وهو المقصود بهذه الدراسة
ثانيا – التصنيف وفقا للمسار : ويشتمل على أنواع ثلاثة هي :
– النقل المائي ( النهري والبحري )
– النقل البري ( طرق ، سكة حديد ، خطوط أنفاق ، باصات ، مركبات ، أنابيب .. )
– النقل الجوي والمشترك ( طائرات ، مطارات ، طائرات جوية مائية )
ثالثا – التصنيف حسب القوة المحركة : ويشتمل على أنواع ثلاثة هي :
– عضلي بشري ( دراجة ، عربة حمال ) أو حيواني ( العربة التي تجرها الحيوانات )
– قوى طبيعية : كالرياح ( سفن شراعية ) والتيارات المائية في الأنهار
– الطاقة ( وقود ، كهرباء )
رابعا – التصنيف حسب نوعية الخدمة : ويشتمل على نوعين :
– متخصصة : لنقل الركاب فقط او البضائع فقط
– مشتركة : لنقل الركاب والبضائع معا ، أو للنقل الجوي والبري معا ..
خامسا : التصنيف حسب مستوى الخدمة : ويشتمل على نوعين :
– السرعة ( عادي و سريع )
– انتظام الخدمة ( دائمة ، تحت الطلب )
سادسا : التصنيف حسب طبيعة وسيلة النقل : ويشتمل على نوعين هما ( النقل العام والنقل الخاص ) وهو التصنيف الذي يهتم به المتخصصين في مجال تخطيط النقل الحضري عموما لأن وسائل النقل العام والخاص تعتبر من العناصر المؤثرة بشكل كبير في عملية النقل بشكل عام وفي النقل الحضري أي النقل داخل المدن بشكل خاص
النقل البري عن طريق المركبات:
إن النقل عن طريق المركبات وسيلة مهمة يزداد الاعتماد عليها من سنة إلى أخرى وذلك من خلال المرونة والاستجابة العالية التي تتصف بها لتلبية حاجات نقل الأفراد أو البضائع.
وتأتي أهمية النقل بالسيارات من خلال الترابط السهل والسريع ما بين المناطق الجغرافية خاصة التي يصعب الوصول إليها بواسطة الوسائل الأخرى ، وبالتالي فإن تطور النقل عن طريق المركبات الخاصة أو العامة يجب أن يواكبه تخطيط وتطوير الطرق لتأمين التدفق المروري اللازم لهذه المركبات ، ومن هنا لجأت بعض الدول إلى تطوير نظم النقل لديها بما يتوافق مع العملية الإنتاجية والاجتماعية التي تحققها المركبات سواء كانت السيارات الخاصة أو مركبات النقل العام
ثانيا – النقل بالسكك الحديد:
تعتبر السكك الحديدية من أهم وسائل النقل العام التي تعتمد عليها الدول وبشكل كبير في تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية وذلك فيما يتعلق بنقل الأفراد أو البضائع على حد سواء . وتأتي أهمية النقل بالسكك الحديد من خلال قدرتها الكبيرة على نقل الحمولات الثقيلة ولمسافات بعيدة وبسرعات عالية وقد تجاوزت سرعة بعض القطارات 300 كم/ساعة . كما أن مرور السكك الحديدية بمنطقة معينة يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في تنمية تلك المنطقة وإيجاد التجمعات الحضرية الكبيرة وبالتالي إمكانية التأثير المباشر في توزيع السكان ، ويمكن ملاحظة ذلك في العديد من المدن الأوروبية الصناعية التي نمت وازدهرت جراء وجود السكك الحديد فيها.
وبذلك يعتبر النقل بواسطة السكك الحديدية عاملاً من عوامل التوطن الصناعي حيث تبرز أهميته في مرحلتي الإنتاج والتوزيع من خلال زيادة فرص نقل المواد الأولية وعنصر العمل والسلع الوسيطة وكذلك نقل الإنتاج إلى مناطق التخزين والاستهلاك.
ثالثا – النقل المائي :
رابعا – النقل الجوي :
لم يعد النقل الجوي في وقتنا الحاضر واسطة النقل بين القارات والبلدان فقط وإنما أصبح أيضاً بين المدن في البلد الواحد، كما أن أهمية النقل بالطائرة لا تقف عند نقل الأفراد فقط بل نقل البضائع أيضاً .
ويعتقد بعض المراقبين بأن النقل الجوي سوف يحقق مستويات عالية بالنسبة لحجم البضائع المنقولة بواسطة الطائرة ، حيث من المتوقع أن يفوق حجم المسافرين من جهة ويفوق حجم البضائع المنقولة بواسطة البواخر والسكك الحديد من جهة ثانية ، الأمر الذي سيكون له انعكاسات إيجابية على مجمل الحركة الاقتصادية في العالم .
خامسا – النقل بالأنابيب :
وهو نظام يستخدم عادة لنقل المواد السائلة ( النفط ومشتقاته او مياه الشرب او الصرف الصحي أو الغاز ) ويشمل هذا النظام خطوط أنابيب لنقل المواد الصلبة ولكن على نطاق ضيق ، وتتم عملية النقل من خلال ضغط هذه المواد داخل أنابيب بواسطة مضخات تتناسب قوتها مع كمية المواد المراد نقلها من نقطة المصدر إلى نقطة الوصول ، وقد استخدمت الأنابيب الناقلة للنفط في كل مناطق العالم وبالأخص المناطق المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وبحر الشمال وجنوب روسيا وبحر جنوب الصين وتكساس والاسكا ، وقد وصل طول الأنابيب الناقلة للنفط في الولايات المتحدة عام 1999 الى 248 الف كيلومتر وبلغ طول انابيب الغاز في عام 1996 الى 2.054.029 كيلومتر
تعتبر دالة السكان من المتغيرات الهامة في عملية التحليل الإحصائي للنقل والمرور ، وتعد احد العوامل المؤثرة في مجموع الرحلات اليومية ، ذلك أن عنصر السكان يعتبر الأكثر ديناميكية من أي متغير آخر
فهناك علاقة طردية مباشرة بين عدد السكان والكثاقة السكانية للمنطقة الحضرية من جهة ، وعدد الرحلات اليومية ضمن تلك المنطقة من جهة أخرى .
كما تؤكد الدراسات الخاصة بالنقل الحضري على وجود ارتباطات قوية بين زيادة عدد أفراد الأسرة وزيادة عدد الرحلات حيث وجد أن معدل الرحلات اليومية للسكان يزداد مع زيادة عدد افراد الأسرة بمقدار 0-8 رحلة يومية لكل شخص إضافي ، كما تؤكد الدراسات على زيادة عدد الرحلات كلما زاد عدد العاملين في الأسرة الواحدة .
ثانيا – متوسط الدخل الشهري للأسرة :
ترتبط الخواص الاجتماعية والاقتصادية للسكان بحركة المرور عموما ، وتشير اغلب الدراسات التخطيطية المتعلقة بالنقل إلى وجود علاقة طردية بين متوسط دخل الأسرة الشهري وأعداد الرحلات اليومية التي يقوم بها الأفراد ، ذلك أن زيادة دخل الأسرة يؤدي إلى زيادة المقدرة الشرائية لديها وتنوع الاحتياجات اللازمة لمعيشتها الأمر الذي يولد عدد أكبر من الرحلات لسد هذه الاحتياجات لدى الأسرة .
ثالثا – ملكية المركبات :
لقد ازداد انتشار استعمال المركبات الخاصة في وقتنا الحالي إلى درجة كبيرة بحيث لم تعد الكثير من شبكات الطرق في معظم مدن العالم أن تستوعب أعدادها الكبيرة .
وتعتبر ملكية السيارات الخاصة احد أهم العوامل المؤثرة في توليد الرحلات اليومية والتي تؤدي إلى الازدحام المروري على الطرقات الحضرية وتتسبب في الكثير من الحوادث .
وقد زادت نسبة حصة الفرد الواحد من ملكية المركبات في غالبية دول العالم ، فقد كانت في العراق مثلا 5 مركبة لكل 1000 شخص حسب إحصاءات عام 1970 وزادت هذه الحصة إلى 82 مركبة لكل 1000 شخص عام 1995 ، وفي بغداد بلغت النسبة 35 مركبة لكل 1000 شخص عام 1980 ولنفس العام في القاهرة كانت النسبة 25 مركبة لكل 1000 شخص .
وتعتبر هذه العوامل من المؤشرات المستخدمة لتقدير الطلب المستقبلي على النقل في المدن