الدكتورة سعاد ياسين تكتب.. معالجة ملف الغارمات.. تكريم حقيقي للمرأة من الجانب الانساني
إن قضية النساء الغارمات هي قضية إنسانية ملحة تتطلب اهتمامًا فوريًا في جميع أنحاء العالم، حيث تتأثر النساء بشكل كبير بالديون، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب وخيمة على الرفاهية الفردية والتقدم المجتمعي، ولكي نفهم خطورة هذه القضية بشكل كامل يجب علينا أن نحلل أسبابها وتأثيراتها الأساسية ففي المقام الأول تساهم الفجوة في الأجور بين الجنسين والافتقار إلى المعرفة المالية بشكل كبير في عبء ديون المرأة هذا من جانب ،ومن جانب اخر تعمل مستويات الديون المرتفعة على تأخر الاستقلال الاقتصادي للمرأة وتزيد من عدم المساواة بين الجنسين وتعرقل التنمية المجتمعية الشاملة. وتتطلب معالجة هذه المشكلة اتخاذ تدابير استباقية مثل: تعزيز المساواة في الأجر، وتحسين الثقافة المالية، وتزويد المرأة بسبل يسهل الوصول إليها للتمكين الاقتصادي.
لقد خطت مملكة البحرين خطوات كبيرة في معالجة قضية النساء المديونات من وجهة نظر إنسانية وإدراكًا للتحديات الفريدة التي تواجهها النساء، وخاصة أولئك المتأثرات بشكل غير متناسب بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية، نفذت الحكومة العديد من التدابير لتخفيف العبء المالي عنهن وضمان رفاهيتهن.
وفي هذا الإطار أنشأت المملكة خدمات استشارات ائتمانية شاملة تهدف إلى توفير التوجيه العملي والدعم المصمم خصيصًا لتلبية الاحتياجات الخاصة للنساء،حيث تقدم هذه الخدمات برامج التثقيف المالي والمشورة المتعلقة بالميزانية واستراتيجيات إدارة الديون لتمكين المرأة من السيطرة على مواردها المالية وتجنب المزيد من الديون،وقد ساهم المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لهذه الاسر في خطوة فريدة من نوعها وغير مسبوقة على المستوى الاقليمي والعالمي.
فلا بد أن نشيد بالجهود التي بذلها سابقاً المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في دعم وتمكين المرأة البحرينية من خلال تقديم العون ومعالجة المشكلات التي طرأت، والاثر الكبير لذلك في تعزيز استقرار المرأة وتقدمها وتمكينها من الاستفادة من الفرص وصناعة مستقبل أفضل لنفسها ولأسرتها وللمجتمع ككل.
إذ تعزز هذه المبادرات الاهتمام بقضايا المرأة وتعزز قدرتها على المشاركة الفعّالة في المجتمع ،و يأتي هذاتماشياً مع المواقف والمبادرات الإنسانية والجهود الوطنية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، و الى “فريق البحرين” بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، ومبادرة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية في دعم ملف الغارمين من المواطنين البحرينيين ممن صدر بحقهم أحكام قضائية من المعسرين والمتعثرين، فقد حرص سموه على ضرورة توجيه مساهمات المواطنين والمقيمين في “حملة فينا خير” لسد ملفات الغارمين.
بالإضافة إلى ذلك، سنت البحرين تشريعات تفرض ممارسات الإقراض العادلة وتحمي المقترضات من القروض الجشعة أو أسعار الفائدة الاستغلالية، حيث ضمن هذا الإطار التنظيمي حصول المرأة على المساعدة المالية الشفافة والعادلة ، وعلاوة على ذلك تم إنشاء شبكات دعم تضم منظمات غير حكومية ومبادرات مجتمعية لتوفير المساعدة الانسانية وفرص الاندماج الاجتماعي اللاتي يعانين من الديون. من خلال اعتماد نهج متعدد الأوجه يشمل التعليم والحماية القانونية والدعم النفسي،
إذ تدرك البحرين أهمية مكافحة هذه القضية بشكل كلي وتمكين المرأة نحو مستقبل أكثر إشراقا، في تسيير مبادرة “سداد ديون النساء البحرينيات” المهمة والقيمة في تحقيق التوازن والاستقرار للمرأة البحرينية والمجتمع بشكل عام، فالديون الناشئة لها تأثير كبير على استقرار المرأة النفسي والمعيشي خاصة إذا كن المعيلات لأسرهن ومسؤولات عن تلبية احتياجاتها فمن خلال هذه المبادرة يمكن أن يتم تخفيف الضغط المالي على النسوة الغارمات وتقديم الدعم الضروري لهن لسداد ديونهن واستعادة استقلاليتهن المالية وتحسين وضعهن المعيشي، بالتالي يتحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي للأسر التي ينتمين إليها.
وفي ذات النسق نجد ان هناك دولا عربية نهجت ذات النهج ، حيث ان مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى “مصر بلا غارمات”، والتي تهدف إلى التعامل مع قضية الغارمات بشكل شامل ودقيق وتركز على حل المشكلة من جذورها، كما توفر الخطة الدقيقة للمبادرة عملية حصر قضايا النساء الغارمات وتحديد احتياجاتهن ومتطلباتهن، بالإضافة إلى ذلك تعمل المبادرة على تنفيذ برامج تنموية متعددة لرفع مستوى التعليم والوعي لدى النساء الغارمات بالإضافة إلى تعزيز التمكين الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية لهن.
كما تتضمن المبادرة أيضًا جهودًا لتجفيف منابع المشكلة ومنع حدوثها مستقبلاً وتسعى أيضًا إلى تحقيق المبدأ الأساسي للحماية الاجتماعية وتوفير الحماية للنساء الغارمات من أي مشكلات اجتماعية أخرى محتملة مثل ظاهرة الأطفال في الشوارع والأطفال بلا مأوى وعمالة الأطفال والتسرب من التعليم.
كما ان المبادرة تعمل على تمكين النساء الغارمات اقتصاديًا من خلال توفير فرص عمل نمطية وغير نمطية وذلك لتمكينهن من تحقيق دخل مستدام يعينهن على العيش بكرامة ولا يجعلهن يلجأن للاستدانة مرة أخرى.
وفي الأردن لا يختلف الحال كثيرا فقد قرر مجلس إدارة صندوق الزكاة مع وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، رئيس مجلس إدارة الصندوق، محمد الخلايلة، الموافقة على إطلاق دفعة جديدة لسداد ذمم الغارمات كما دفع صندوق الزكاة مبلغ 70 ألف دينار عن 90 غارمة مع إبراء ذمتهن المالية وكف الطلب عنهن، ضمن الدفعة السادسة عشر من برنامج أردن النخوة للغارمات.
وانطلقت حملة “أردن النخوة” لمساعدة الأردنيات الغارمات وهذا العدد مكمل لهدف الحملة الوطنية لسداد ديون 5672 غارمة ممن يترتب عليهن قضايا مالية بقيمة 1000 دينار وما دون ومطلوبات للتنفيذ القضائي.وجمع صندوق الزكاة بصفته الجهة المشرفة على تنفيذ الحملة الوطنية، تبرعات بحوالي ثلاثة ملايين دينار.
فالإنسانية والتعامل معها هي هدف دولي تسعى من خلاله جميع الدول الى استقرار شعوبها وبالأخص استقرار الاسرة لتحقيق التنمية والاستدامة فبالاستقرار نتقدم الى الأفضل،وهذا ما يحسب للمملكة بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، و صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حيث اصبحت المملكة من الدول الرائدة في معالجة هذه المشاكل ودعم المرأة جنبا الى جنب مع الرجل من اجل ضمان حياة كريمة لها وضمان مستقبل اقتصادي اجتماعي متقدم للاسرة البحرينية بدعم المرأة وهي الركن الأساس فيها .