يعتمد منهج صناعة القائد على التخطيط الاستراتيجي بشكلٍ مقصودٍ؛ حيث يمكنه من الحفاظ على مقدرات الدولة المادية والبشرية، ويسعى دومًا إلى تعظيم هذه المقدرات؛ إذ يسير وفق إطار يتسم بالمصداقية والجدية والمنهجية الرصينة، مع الالتزام بجدولٍ زمنيٍّ مرنٍ وخبرةٍ عمليةٍ عميقةٍ، ويسمى ذلك بالطريق الصحيح.
ومقدرة القائد على تنظيم هيكل العمل بالدولة من الأمور المهمة التي تساعده في مراجعة التشريعات والقوانين المسيرة لإجراءات العمل؛ حيث يقع على عاتقه تسهيل الممارسات لتصبح الإدارة قائمةً على الابتكار في ضوء مراحلٍ تساعده على صناعة واتخاذ ما يلزم من قراراتٍ، وإبرام التفاوضات وفق ماهية الوضع القائم والتحديات التي تفرض نفسها؛ لتحدث نقلةً نوعيةً في مسار العمل بكافة مؤسسات وقطاعات الدولة الرسمية وغير الرسمية؛ لتتمكن الدولة من خدمة أبنائها بصورةٍ تحقق الرضا العام، وتؤدي إلى تعضيد اللحمة والتماسك المجتمعي.
وتُعد الريادة فنًّا يتوجب أن يمتلكه القائد؛ فيحرص أن يعلي من شأن دولته ويسعى على تحقيق غاياتها العليا؛ لتستطيع أن تنافس في مجالاتها المختلفة على مستوى إقليمي أو دولي، وفي سبيل ذلك يهتم القائد بصور وآليات التواصل البناء مع الأطراف الدولية ونظاهره من قيادات الدول المختلفة، كما يحرص على التواصل مع عموم الجماهير من خلال وسائل الإعلام ومنصاته المتنوعة؛ بغية اطلاعهم على المستجدات ومجريات الأحداث، وتبيين الصورة الواقعية لبواطن الأمور التي قد يستغلها البعض لتمرير الشائعات المغرضة التي تنال من الدولة ورموزها، وتحدث فجوةً بين الشعب وقياداته المخلصة.
وتتطلب صناعة القائد وفق منهجية إعداده أن يكون صامدًا يعبر عن وجهة نظره برسوخٍ وتمكنٍ وثقةٍ زائدةٍ؛ لتصل رسالته في الداخل والخارج وتحقق المغزى الذي تحمله بكل قوةٍ وعمقٍ، وتظهر مدى امتلاكه على قراءة المشهد الحالي والمستقبلي وفق معلوماتٍ وبياناتٍ تتسم بالدقة والمصداقية من مصادرها الموثوقة، وهذا يرسخ لمصداقية في القول واتساق في الأفعال، وبالطبع لا ينفك هذا كله عن استشارات من أصحاب الخبرة في المجالات النوعية بما يزيد القائد ثباتًا ويجنبه التردد أو التراجع عما قد يتخذه من قراراتٍ أو أطروحاتٍ، ويثبت صحة المسيرة نحو عملٍ جادٍ ومتواصلٍ لا تؤثر عليه النوازل أو تنال منه غايات المغرضين ومآربهم غير السوية.
ومن مقتضيات المنهج المعني بصناعة القائد مقدرته على صناعة قادة يتحملون المسئولية معه وحوله وبعده؛ لتصبح الدولة آمنةً مستقرةً؛ حيث يضع الخطط المقصودة التي تستهدف وفق معاييرٍ واضحةٍ وإجرائيةٍ القدرات المتطلبة في القائد؛ ليتم الاختيار الصحيح في ضوئها، كما يرتبط بهذا الأمر تعضيد لغة الحوار البناء والسماح بالإدلاء بالرأي وتعددية المشورة بعد دارسات وبيانات ومعلومات موثوقة؛ ليأخذ الأفراد دورهم في مسار التدريب على القيادة ودروبها وفنياتها.
ومنح الصلاحيات من الأمور التي تمنح القيادات من التمكن الفعلي لفنون الإدارة بمؤسسات الدولة المختلفة، وتدربهم على مراحل صناعة واتخاذ القرار المسؤول، وخوضهم مغمار المخاطرة وتحمل نتائجها، وهذا الأمر يؤدي إلى إيجاد مناخٍ تكامليٍ بين درجات الإدارة، ويؤكد ماهية القائد القدوة في نفوس الجميع.
ومن صلاحيات منهج صناعة القائد أن يثابر في تعليم وتدريب قيادات تحمل الراية، وأن يحضهم بصفةٍ مستمرةٍ على بذل الجهود المخلصة للدولة ومؤسساتها الوطنية بما يعمل على تنمية الذات القيادية وقدراتها النوعية، ولا يتراخى في تقييمهم المستمر كي يشعروا بحجم وعظم المسئولية، مع حرصه الدائم على تعزيزهم وتعظيم أدوارهم؛ لتصبح بيئة العمل المؤسسي مشجعةً على العطاء ومساهمةً في تحقيق غايات مؤسساتهم.
وباعتبار أن القائد العام قدوةٌ للقيادات الوسطي وما دونها، يجب أن يزرع في نفوسهم القيم الأخلاقية التي يتبناها المجتمع، ومن ثم يزداد الولاء والانتماء بصورة تعضد أواصر المحبة والإخلاص بين القيادات بعضهم البعض ومع مرؤوسيهم بصورةٍ تنازليةٍ، وبالأحرى مع القيادة العليا، ولا ينبغي أن تجاهل ملكات الأفراد وما بينها من تفاوتات تحتم على القائد العام أن يراعها عند توزيع المهام؛ ليضمن النجاح في التنفيذ وفق ما هو مخططٌ له.
لقد تبنت الدولة المصرية رؤيةً واضحةً وطموحةً قامت على بعدين أحدهما استراتيجيٌ والأخر تشغيليٌ؛ حيث طموح الرؤية ومراعاتها لاحتياجات المؤسسات والمجتمع في آنٍ واحدٍ؛ لذا استطاعت الدولة بفضل الله، ثم بقيادتها الرشيدة أن تحقق إنجازاتٍ غير مسبوقةٍ على أرض الواقع وفي شتى ربوع الوطن الغالي.
إن القائد البصير يسير وفق ما منح من مواهب وقدرات بشرية؛ ليستطيع أن يحدث طفرةً في بلاده ويواجه الصعوبات ويتغلب على المشكلات، وما نراه في قيادتنا السياسية الرشيدة الصبورة يؤكد لنا امتلاكه للمهارات المتفردة في إدارة شئون البلاد، كما يثبت بالدليل القاطع سر نجاحاته المتتالية والمتمثلة في حجم الإنجازات القومية الخالدة، وللحديث بقيةٌ في منهج صناعة القائد.. ودي ومحبتي.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادتنا السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.