نستطيع التأكيد أن فنجان القهوة هو سيد المشروبات إلى زمن قادم بالتأكيد حيث نجح فيما أسند إليه من أدوار اجتماعية ومجتمعية أثرت في مسيرة البشرية ..
واستطاعت القهوة أن تستوعب مخرجات كثيرة ومشروبات فرعية تحمس لها كل شعب على حده بل انعكست على الخلافات السياسية مثل فنجان القهوة (التركي المضبوط) الذي يطلقون عليه في اليونان فنجان (جريكي أصيل)
يمكن أن نبدأ حديثنا فى تلك المكانة الخاصة لفنجان القهوة.. فى الحياة العربية.. عمومًا والمقهى المصرى خصوصًا.. يتقدم سائر المشروبات الساخنة والمثلجة فى طريقة التقديم.. والأهمية التى تضيفها رشفات السائل البنى إلى الشخصية الشاربة.. حيث انه المشروب الوحيد تقريبًا الذى يحاط بالاحترام الكامل عند التقديم.. لانه ينبغى أن يقدم على صينية صفراء.. مصحوبًا بكوب من الماء المثلج.. ناهيك عن المراسم السابقة.. عند صناعته باحترافية.. على وابور السبرتو الصغيرة.. وكاختبار للعروس «تحت التمرين» فالعريس المرتقب يبدى رغبته المهذبة فتح الباب للحديث.. بالرغبة فى تناول القهوة بمنزل العروس.. وهو اللقاء الذى تكسب فيه «العروس» درجات اضافية أو تخسرها حسب موائمة طعم فنجان القهوة لحماة المستقبل.
**ولكننا لن نبدأ أيضا بتأكيدات أحداث عن نسبة اختراع فعالية البن المنبهة من خلال تناول النبات وثماره بالصدفة.. من قبل ماعز لأحد الرعاة فى الحبشة أو اليمن رغم اتفاق الروايتين على ملاحظة الراعى سهر غير معتاد للماعز التى تناولت هذا النبات الذى جادت به الطبيعة فوق أحد التلال.. فقام بطحن البذور أعلى الساق وغلاها لتذوب فى الماء.. وبالفعل اكتشف نكتها المدهشة وراجت زراعتها وتجارتها مع القوافل.. لتصل فى زراعتها إلى درجة المنافسة من اقصى الشرق إلى أقصى الجنوب الغربى.. ليصبح البن من أهم حاصلات البرازيل..
**كذلك لا اعتقد ان الخلاف على نسب القهوة بين الجارتين اليونان وتركيا.. له تأثير على موضوعنا اليوم.. حيث إن فنجان القهوة التركى الذى تقدمه الفنادق والمقاهى والحانات فى معظم انحاء العالم.. لن نستطيع الحصول عليه فى اثينا.. وباقى بلاد زوربا اليونانى إلا إذا سميته.. من فضلك خرستو.. واحد قهوة يونانى.. وبالطبع نفس التصنيف ممكن.. سادة.. على الريق.. مضبوط.. زيادة.. حسب التعود ورغبة الدماغ.. **لأننا نريد هنا الحديث عن بطلان قول قديم.. للاطباء والحكماء.. يحذر من الافراط فى التدخين وتناول القهوة.. ويمنع مرضى القلب من هذا المزاج الرائع.. بل ويدرجه البعض تحت خطر السرطان.. لكن فى معظم الأحوال فان المنع ووضع الشخص أمام امتحان شاق.. مضاد لرحلة عمر مع السيجارة وفنجان القهوة أمر عادى حتى ما توصل إليه العلماء..
**وابحروا بنا إلى شاطئ آخر.. بتأكيدهم المطلوب فقط تناول القهوة (السوداء) باعتدال.. لأنها تحتوى على مضاد للاكسدة ومادة الكافيين التى اكتشف اثارها الايجابية فى حالات الفشل الكلوى وهبوط عضلة القلب وهم يتحدثون عن القهوة المصنوعة من حبات البن الخضراء بعد تحميصها وتحولها إلى اللون البنى الفاتح أو الداكن.. ويضيفون كلما كانت الحبات داكنة زادت فوائدها.. لتفاعلها خلال عملية التحميص.. ويخصون بالذكر عناصر السكريات والنشويات والبروتينيات والدهون التى يعكس تغييرها.. مذاقات مختلفة لمتناوليها بين القوية إلى محدودة النكهة والتأثير ويؤكدون أيضا أن المواد المضادة للاكسدة والقابلة للامتصاص فى الامعاء تزيد مع المزيد من التحميص والتى يطلق عليها البنى المحروق. ها هو العلم الحديث يفرج لأصحاب المزاج عن مشروب ملايين الزبائن والاقبال باعطائه شهادة براءة ذمة.. يسعد بها من يخشى اصابات القلب.. ويلتزم بكل تعليمات الاطباء فقط عليه أن يطالب من يعد له فنجان القهوة.. بمشروب مصنوع من البن الغامق.. فائق التحميص.. يحتفظ بمقاليد التقدم ولا ضرر من أن يكون مضبوطًا كما يفعل الكثيرون.