في رحاب شهر رمضان المبارك..اعتقد أن هذا المقال مناسب للتأمل والقراءة وإطلاق الحوار حول خطوة مجتمعية مهمة رسمها الدين الحنيف للإنسان لكي يقوم بمسئوليته ويبذل جهده لإماطة الأذى الذي قد يصيبه وغيره ..وصنف ذلك درجات تنتهي بأضعف الإيمان حتى يظل الفرد والمجتمع في سكينة وأمان.
يدعونا الحديث النبوى الشريف إلى التصدى للمنكر «الأفعال والسلوكيات المسيئة» باليد.. أو اللسان.. أو القلب.. وهذا أضعف الإيمان.. وهذه مسئولية كبرى تتحملها الأجيال ونعنى بها الحفاظ على قلوبنا طاهرة من الدنس وارتكاب المعاصى والسكوت على الأخطاء.. حتى لا نتحمل جانباً من أوزار الغير.. ونتوقف عند العبارة الخاتمة للحديث الشريف «أضعف الإيمان» نجتهد فى تفسير محتواها فى عصر الحيرة والتقاليع الصارخة والإضافات المزلزلة لحياتنا المستقرة.. وقد غزت البيوت والنفوس.. فى لحظات.. بفعل السماوات المفتوحة والفضائيات.
نجتهد لنقول.. ربما المقصد من أضعف الإيمان.. التمسك فى عصور الحجر بالحد الأدنى من المسئولية السلوكية للإنسان عن نفسه ودائرة أسرته وعائلته.. المطالب بحمايتها وتوعيتها من التيارات السامة والمتطرفة.. وهى أهم المهام الرئيسية المسئول عنها الأجيال ضمن السعى المتجدد لإعمار الأرض إلى يوم الساعة والحساب.
أتصور أن تلتقى المهام الصغيرة والكبيرة ضمن جزئيات المواجهة.. ومجتمعية الحياة مع اختلافات باقية بين البشر بسبب الجذور ومراحل الحضارة والمناخ وطبيعة الأرض وتراث ثقافى يكون المساحة الرئيسية فى خزانة الذكريات.. وتتسم بأن الالتزام بالسلوكيات البسيطة.. تأهيل وتدريب على المهام الصعبة التى تساند ما يؤدى إليه الالتزام بـ «أضعف الإيمان» إلى المرحلة التالية.. ونعنى بها السعى المخلص للمرحلة التالية.. ونعنى بها اختيار العمل المناسب والأداء الصائب.. وصولاً للحصاد الوافر والخير العميم.. للفرد والأسرة والمجتمع والوطن.. الجميع يعمل يد واحدة.. فى جو نقى صادق العزيمة وافر الجهد.. وللجميع نصيب عادل من الثمار الطيبة.
تعالوا نبدأ بأبسط الأشياء.. التوجيه النبوى الكريم «إزالة الأذى عن الطريق صدقة».. حكمة بالغة.. تفتح أبواب الخير.. لمن يفهم ويستجيب.. لن يكلفك الأمر شيئاً أن ترفع حجراً قد يتعثر فيه آخر.. أو تلتقط ورقة إلى صندوق المهملات.. تلتفت للأشجار أمام منزلك.. ترويها وتمنع العبث بها.. أو تزرع شجرة مثمرة.. أو ترعى مساحة خضراء.. ويمتد سلوك «أضعف الإيمان» بالإنسان الطيب.. صاحب المشاعر الجميلة ليساعد عجوزاً لعبور الطريق آمناً.. أو يترك مقعده فى المترو أو الأتوبيس لآخر مريض أو سيدة حامل.. يلتفت بعدها إلى وسيلة المواصلات التى تنقله كل يوم.. من عبث البعض بالمقاعد والجدران.. ومنها إلى الحفاظ على الملكية العامة.. وملكيات الآخرين.. فيوفر الكثير.. ويسير خلفه الكثير
. >> نفس الكلام يمكن مخاطبة الكثيرين به.. مثلاً أيها الطبيب اجعل قسم المهنة.. أو أضعف الإيمان.. لا تكلف المرضى فوق طاقاتهم من تحليلات وأشعات غير ضرورية.. ولا تعتمد شهادة تفوقك.. المغالاة فى رسم الكشف.. أو التعمق فى التوجيه بأدوية مستوردة غالية الثمن.. بينما البديل المحلى أرخص ويكفى للعلاج.. ونفس الكلام للمهندس المعماري.. ألا يكتفى بالتصميمات الجذابة للمبانى إنما عليه الاهتمام أكثر بقواعد السلامة وضمانات الأمان.. من أساسات ومواد بناء.. وأن يخصص جانباً من تفكيره وإبداعاته لمساكن للفقراء صحية وجميلة.. تنادى أصحابها للحفاظ عليها وصيانتها.
وإذا انتقلنا إلى أصحاب المهن البسيطة.. نجد أن أضعف الإيمان.. التمسك بتراث شيوخ المهنة والاسطوات العظام.. الذين أبدعوا فى الابتكار وفنون الأداء.. ولم يقصروا فى إعداد الصبية لمرحلة الاحتراف.. الآن.. البعض منهم نسى الأصول وتفرغ لجمع النقود مستغلاً أن معظم الناس لا يعلمون أسرار مهنته.. نراه يوهم الزبائن بأن فى الأمر كارثة.. تحتاج إلى نفقات وقطع غيار.. ويضع فى ذهنه أن يكون الإصلاح مؤقتاً.. ليلجأ إليه الزبون مرة ومرات.. وينسى أن السمعة الطيبة تفتح أمامه أبواب الرزق.. والبركة.. والدعوات.. ونفس الكلام يمكن تطبيقه على تجار الفاكهة والخضراوات الذين يشعرون بمتعة خاصة عندما يدسون فى القرطاس حبات فاسدة تحت عين الزبون أو يستخدمون ورقاً ثقيل الوزن.. كما يفعل الجزارون مع اللحم.. ناهيك عما يشمله من شغت ودهون.. والأمثلة كثيرة من حولنا.. بعضها واضح كالشمس.. والآخر يحتاج لمنظار لاكتشافه.. وقد حرصنا على التوضيح والتفسير.. لنضع القارئ العزيز على بداية الطريق.. وتساعده للخروج من دائرة «أضعف الإيمان» إلى أنوار النجاح والثقة والسلوكيات الحميدة.. يربط بينها السعى توجهاً وفراراً لمن يريد.. وبإذن الله يكون المستفيد.