خلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى فتح مكة
من مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة بعد تطويره
وزير الأوقاف يهنئ سيادة الرئيس والشعب المصري بذكرى فتح مكة ودخول العشر الأواخر من رمضان
ويشكر الرئيس على اهتمامه بعمارة بيوت الله (عز وجل) بصفة عامة ومساجد آل البيت بصفة خاصة
ويوجه رسالة لكل العاملين بالأوقاف:
تهجدنا الحقيقي واعتكافنا الحقيقي في هذه الأيام هو خدمة بيوت الله (عز وجل) وخدمة الراكعين والساجدين والمتهجدين والمعتكفين
كتب عادل احمد
احتفلت وزارة الأوقاف اليوم الجمعة 19 رمضان 1445هــ، الموافق 29 مارس 2024م بذكرى فتح مكة من مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بمحافظة القاهرة عقب صلاة التراويح، بحضور معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وسيادة اللواء/ خالد عبد العال محافظ القاهرة، وأ.د/ نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية نائبًا عن الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، وسماحة الشيخ/ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية وأ.د/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور/ هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني، والدكتور/ عبد الله حسن مساعد وزير الأوقاف لشئون المتابعة والمتحدث الرسمي، والدكتور/ خالد صلاح مدير مديرية أوقاف القاهرة، وعدد من القيادات الدينية والشعبية.
وفي كلمته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن افتتاح هذا المسجد العامر في مناسبة فتح مكة يعتبر فتحًا من الله (عز وجل) أيضًا، وهذا المسجد على هذا النحو الذي ترون وتشاهدون ليس المسجد الأول على هذا النحو، ففي رمضان قبل الماضي كان افتتاح مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، كما تم افتتاح مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، وها نحن نشهد افتتاح مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها)، وبينهم افتتاحات كثيرة سواء في مساجد آل البيت تطويرًا كما كان في افتتاح مسجد السيدة رقية (رضي الله عنها) والسيدة فاطمة النبوية (رضي الله عنها) وكذلك افتتاح مسجد الظاهر بيبرس بعد إغلاق تام دام أكثر من 225 عامًا في العام الماضي فضلًا عن الإنشاء الجديد لأيقونة المساجد في العصر الحديث مسجد مصر ومركزها الثقافي الإسلامي ودار القرآن الكريم التي لا مثيل لها في العالم، وكذلك قبلها مسجد الفتاح العليم وغيرها من المساجد التي بلغت 11887 بتكلفة نحو 18 مليار جنيه في هذا العصر الميمون، مما يجعلنا أن نتوجه إلى الله (عز وجل) بالحمد والشكر، ومن باب قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لم يشكر الله من لم يشكر الناس”، فكل الشكر والتقدير لسيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الذي يولي مساجد آل البيت اهتمامًا خاصًا يتابعه بنفسه متابعة دقيقة لكل تفاصيله.
مؤكدًا أن هذا البناء العظيم صار محط إعجاب كل من زاره مما يشهد بحضارتنا العظيمة في بناء بيوت الله (عز وجل)، فكل الشكر والتقدير للهيئة الهندسية التي أشرفت على هذا البناء والتطوير سواء في مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) أم في مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) أم هنا في مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها).
كما أكد أن فتح مكة من معجزات النبي (صلى الله عليه وسلم) ففي خواتيم سورة الفتح في الآية رقم (27) يقول الحق سبحانه: “لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً”، حيث رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل صلح الحديبية في منامه أنه يدخل هو وأصحابه البيت الحرام، فمنهم من كان مُقصِّرًا ومنهم من كان مُحلِّقًا، وقد حقق الله (عز وجل) لنبيه (صلى الله عليه وسلم) هذه الرؤيا يوم فتح مكة.
وفي الآية رقم (28) التي تليها يقول الحق سبحانه: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً”، وكأن الله (عز وجل) يقول لنا من حقق هذه الرؤيا لنبيه (صلى الله عليه وسلم) لهو محقق هذا الوعد بقدرته، وكفى به سبحانه وتعالى شهيدًا على ذلك.
وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: “واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ”.
وفي مستهل سورة الفتح يقول الحق سبحانه: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً”، قال المفسرون: إن الفتح هنا هو صلح الحديبية، وقد سماه القرآن الكريم فتحًا إعلاء لشأن هذا الصلح، وقال بعضهم عبَّر بالماضي وأراد المستقبل لأن ما عند الله (عز وجل) محقق الوقوع، فالماضي والحاضر والمستقبل في علمه وقدرته سواء.
وعبَّر سبحانه وتعالى بقوله: (ليغفر لك الله) ثم قال: (ويتم نعمته) أي يتم هو، وقال: (ويهديك) أي ويهديك هو، ثم قال (وينصرك الله نصرًا عزيزًا)، فجاء لفظ الجلالة (الله) مظهرًا وليس مضمرًا تعظيمًا لشأن هذا النصر، وتأكيدًا على أن النصر لا يكون إلا من عند الله.
وإذا ذكر النصر في القرآن الكريم ذكر منسوبًا إلى الله (عز وجل)، حيث يقول سبحانه: “وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ”، ويقول سبحانه: “إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ”، ويقول سبحانه: “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ”، ويقول سبحانه: “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، وأي نصر في الحياة فانسبه لمن أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.
ولكن لمن النصر؟ الجواب في قوله تعالى: “وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”، وقوله تعالى: “وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”، وقوله تعالى: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً”، وقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.
ورمضان شهر الانتصار على النفس قبل الانتصار على العدو، وأهم ما فيه حسن مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، والصوم عن كل ما يغضب الله (عز وجل) وبخاصة المال الحرام، فمن صام حقًّا عن الحلال من أذان الفجر إلى أذان المغرب فحري به أن يتحرى الحلال في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه، فما انتفع بعبادة من صلاة أو صيام أو حج أو عمرة أو زكاة مَنْ طعامه مِن سُحت أو غِش أو احتكار أو استغلال، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “كلُّ جَسَدٍ نبتَ مِنْ سُحْتٍ فالنارُ أولَى بِهِ”.
وهذه هي التخلية التي تعقبها التحلية وأداء النوافل من تهجد واعتكاف وذكر وصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم).
وختامًا أقول لكل العاملين بالأوقاف تهجدنا الحقيقي واعتكافنا الحقيقي في هذه الأيام هو خدمة بيوت الله (عز وجل) وخدمة الراكعين والساجدين والمتهجدين والمعتكفين، أسأل الله (عز وجل) أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر، وأن يجعلنا في هذا الشهر الكريم من المقبولين ومن عتقائه من النار.