كتب سامية الفقى
هي قطر الندى اسماء بنت خمارويه بن احمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية التي توفيت عام 900 م.
كانت جميلة للغاية ويضرب بجمالها المثل ، زفت الى الخليفة العباسي المعتضد بعد مشاكل كبيرة بينه وبين الانفصالي خمارويه الذي استقل ابيه بمصر رغم ربطها ببغداد شكلياً ، ويذكر اسم الخليفة العباسي على منابر مصر .
قطر الندى التي أحبّت قائد جيوش مصر، “أبو عبد الله بن سعد”، وخُطِبت له بالفعل، ولكن صراعات السلطة ونزواتها بين قصر الخلافة العباسى فى بغداد، وقصر حكم الطولونيين فى مدينة القطائع فى مصر، أهدتها قربانًا إلى الخليفة العباسى الذى يفوق والدها فى العمر، لتساهم فى استقرار حكم والدها، وفى إفلاس مصر، حيث كانت خزينة مصر عامرة بالاموال ومزدهرة يقول المقريزي في تجهيز قطر الندى:
أن خمارويه أخذ في تجهيز ابنته جهازا كان يضاهي به نعم الخلافة، رغم أن المهر الذي قدمه المعتضد لم يكن يليق بزواج الخليفة، لكن خمارويه لم يبق طرفة من كل لون وجنس إلا وحمله مع ابنته، فكان من بين الجهاز دكة تتكون من أربع قطع من الذهب، عليها قبة من ذهب، مشبك في كل عين من التشبيك قرط، في كل قرط جوهرة لا تقدر بثمن.
ومن بين الجهاز مئة هون من الذهب، وألف تكة ثمنها عشرة آلاف دينار، والتكة سروال حريمي. واستعان خمارويه بابن الجصاص، أشهر تاجر للجواهر في بغداد، لكي يتولى مهمة تجهيز قطر الندى.. يقول المقريزي إن ابن الجصاص بعدما أكمل الجهاز تبقى معه أربعمئة ألف دينار، فمنحها له خمارويه.
أما ابن كثير فقد ذكر أن خمارويه بعدما أتم تجهيز ابنته، أعطى لابن الجصاص مليون دينار لرحلة بغداد، ليشتري من تحف بغداد ما لم يكن موجودا في مصر، ويضيفها إلى جهاز عروس مصر.
كانت الرحلة من الفسطاط في مصر إلى قصر صاعد في بغداد، حيث استقرت قطر الندى، أطولَ رحلة عرفتها مواكب الأعراس، ففي كل استراحة بين القاهرة وبغداد، بنى خمارويه قصرا لاستقبال موكب الأميرة في فترة الراحة.
خرج مع العروس، عمها وعدد من الأعيان، ويذكر المؤرخون أنها كانت تعامل معاملة الأطفال في المهد، فيقول المقريزي: كأنها في رحلتها من مصر إلى بغداد، تنتقل من مجلس إلى آخر في قصر أبيها.
دخلت قطر الندى بغداد يوم الفطر، فخرج أهل المدينة عن بكرة أبيهم ليروا الموكب المصري. وفي مقدمة الموكب سارت زرافة تتهادى في زهو وخيلاء، ووراءها بغل أشهب قد حُمل على ظهره صندوقان طُليا بالذهب، ويتبع البغل عشرون فرسا عليها سروج محلاة بالذهب والجواهر، وعليها رجال قد لبسوا الديباج وتمنطقوا بالأحزمة المذهبة، وبأيديهم حراب من فضة، ووراءهم عشرون بغلا تحمل من المتاع والحرائر والطيب ما لا يعرفه أهل بغداد، ولم يجربه أهل مصر، وما لم تبح به بلاد الهند والسند.
عندما رآها للمرة الأولى، أسَرَت قطر الندى لبّ الخليفة المعتضد.. كان حنان عينيها ورقتها وجمالها الأخاذ قد فعلوا فعل السحر في قلب أمير المؤمنين، الذي هام عشقا بالشابة الصغيرة، وأوْلاها رعاية واهتماما لم يكونا لامرأة قبلها.
ظل هذا بضع سنوات حتى جاءه خبر مقتل خمارويه، الذي آذن بانهيار الدولة الطولونية، وهو ما تمناه طويلا.. لم يفرح المعتضد لما حدث، ولكنه حزن لحزن الحبيبة التي لم تعد أبدا كما كانت، حتى لحقت بأبيها بعد ان دست لها السم زوجته الجارية ( شغب ) وهي في بداية العشرينيات من عمرها، فدفنها المعتضد في قصر الرصافة بجوار أبيه الموفق.
هكذا خرجت قطر الندى وهي تسحب كل خزينة مصر وقوت الفقراء والمحتاجين وتجعلها قاعاً صفصفاً وتنهار بعدها الدولة الطولونية رغم قوتها ومتانة اقتصادها ، وهكذا اهدى خمارويه مصر كلها وابنته لنزوات الخليفة الذي امتلأ قصره بالجواري الحسان!!