يبدو ان الاجازات ونظامها بدأ يتحول الى كابوس أصبحت هما بالليل والنهار..معضلة للفرد والجماعة خاصة بعد ان بدأت تلقي بظلال غير مريحة على الحركة الاقتصادية عامة وبدات الجهات تطرح المزيد من الأسئلة هل الاجازة نعمة ام نقمة هل مصر تحديدا في حاجة الى هذا الكم الرهيب من الاجازات طوال العام على فترات متقطعة بعد ان وصل اجمالي الراحات للموظف في السنة الى اكثر من 104 أيام ؟أي حوالى ثلث العام أي سنة كاملة كل ثلاث سنوات؟!
هل فيض الاجازات المتتالية يتناسب والتطلعات المشروعة والملحة للخروج من الازمات او لمواجهة التحديات الكبيرة في مختلف المجالات وضرورة تحقيق قفزات وطفرة تليق بمصر ومكانتها ودورها القومي والعالمي؟..
أيضا الاجازات المتعاقبة طولا وقصرا اغرقت المسئولين والموظفين في حسبة برما الشهيرة..في العدد والقيمة والبدل والتقديم والتاخير مدفوعة او بدون ووهكذا..
السؤال الأكثر أهمية ويحتاج الى إجابة جادة علمية هو هل يفرح المصريون بالاجازة ام انها تحولت الى وجع إضافي لاسباب كثيرة لم تعد خافية على احد.؟!
لا يخفى على احد ان هناك دراسات كثيرة ومقترحات حول الاجازات وتأثيراتها على الأصعدة كافة ومقترحات اكثر حول الترشيد وإعادة النظر في كثير منها ولكنها لم تلق اذانا صاغية او على الأقل الاهتمام الواجب لتحقيق مصلحة الفرد والوطن أيضا..
وهنا يجدر الإشارة الى الجهد الدؤوب للنائبة امال
عبدالحميد عضو لجنة الخطة والموازنة واصرارها على مدى سنوات تحت القبة لعرض القضية بجوانبها المختلفة وطالبت بإعادة النظر في الكثير من الإجازات والعطلات الرسمية في مصر موضحة انالإجازات المرتبطة بالأعياد والمناسبات الوطنية تصل إلى 18 يومًا وإجمالي الإجازات في العام الواحد 122 يومًا من أصل 365 يومًا في السنة بما يعادل ثلث السنة!
لعل اهم ما اشارت اليه النائبة الدراسة التي اعدتها وكشفت عن الأثر السلبي الواقع على إنتاجية المنشآت والمصانع بسبب كثرة الإجازات الرسمية في مصر لاسيما المرتبطة بعقود والتزامات تصديرية كما تناولت فيها تداعيات الإجازات الرسمية الطويلة في مصر على قطاعات البنوك والبورصة والاستثمار!!
اخشى ان يصاب العامل والموظف المصري بداء ادمان الاجازات ويضاعف من رصيد التنبلة المتزايدة ويفقد قدرته الإبداعية ومهارته التي اشتهر بها عالميا في سوق العمل..
اذا كانت فلسفة منح إجازة هي تعزيز الفرحة وتأكيدها بالمناسبة فلا ينبغي ان يغيب عن الاذهان ان حالة الافراط في الاجازات بمناسبة ودون قد أدى الى نتائج عكسية او سلبية وأصيب الناس باحباط الاجازة واكتئاب ما بعد الاجازة فضلا الانتكاسة النفسية والمعنوية لعدم القدرة على الاستمتاع بالاجازة نظرا لضيق ذات اليد او صعوبة وضع مكان للاجازة في سلم الأولويات او جدول الضروريات رغم الحاجة اليها أحيانا للتنفيس والترويح عن النفس على مستوى الفرد والاسرة..
نحن بحاجة الى إعادة النظر في نظام الاجازات دون الاخلال بالنظرة والتقدير والتعظيم للاعياد القومية والدينية ودراسة النظم المعمول بها في الدول المتقدمة كما في كوريا واليابان وفرنسا وألمانيا والتي لا تتجاوز فيها أيام العطلات العشرة أيام او الأسبوعين تقريبا والإفادة منها ولإعادة الاحياء وبث روح جديدة قادرة على صناعة المستقبل المشرق ويؤكد قيمة وقدرة المصري على العمل الخلاق والبناء دون كلل او ملل..
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com