كتب عادل احمد
تستضيف مكتبة الإسكندرية 24 أبريل 2024 مؤتمر “الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة” الذي يعقده المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة والبنك الدولي. أفتتح المؤتمر الأستاذ الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية بالترحيب بالحضور، وأكد على ضرورة دراسة تمكين المرأة والكوابح التي تمنع تمكين المرأة في المجتمعات العربية المتمثلة في عدد من الأعراف والأدوار منها الثنائية التي تحكم الفكر التقليدي في المجتمعات والتي مفادها أن المرأة مسئولة عن الأسرة والمنزل وأن دور الرجل العمل وكسب العيش، وفكرة الذكورية وأن الرجل أقوى من المرأة بينما المرأة ضعيفة لا تستطيع العمل إلا في أعمال محددة وهو ما تناوله العديد من علماء الاجتماع في العالم. ومن ثم تعد الأعراف والقيم والقواعد السلوكية أحد المؤثرات الهامة على تمكين المرأة ودعم مشاركتها الاقتصادية. ثم تحدث الأستاذ الدكتور ماجد عثمان عن أهمية مناقشة هذه الدراسة في مكتبة الإسكندرية في ظل قيادتها من قبل د. أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع الجليل والذي شارك في وضع الإطار النظري للدراسة قبل توليه رئاسة المكتب وكان له دور كبير في التأصيل النظري لقضية الأعراف، كما توجه بالشكر للدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة على اهتمامها بقضية الأعراف الاجتماعية. وأكد د. عثمان على أن هذه الدراسة لم تكن لترى النور دون دعم البنك الدولي لمرصد المراة المصرية ولهذه الدراسة. وأشار عثمان إلى أن الدراسة تضيف بعد جديد للأعراف الاجتماعية حيث توضح الدراسة أن قرارات الشخص وسلوكياته ليست نتيجة أعرافه وقناعاته الشخصية فقط، لكنها أيضاً تتأثر بما يعتقده الشخص أنه يتوافق مع أعراف المجتمع وقناعاته مما سيعيد صياغة التدخلات التي التي تهدف إلى تطوير الأعراف الاجتماعية بهدف زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة. وقد توجهت الأستاذة نهلة زيتون أخصائي أول الحماية الاجتماعية بالبنك الدولي بالشكر للمجلس القومي للمرأة على الشراكة المتميزة معه، والتي تم في إطارها إطلاق دراسة في عام 2019 حول العوائق والفرص للتمكين الاقتصادي للمرأة شارك فيها عدد كبير من الخبراء، وكانت إحدى توصيات الدراسة ضرورة التركيز على الأعراف الاجتماعية، فوضع القوانين وحده لا يكفي حيث يتأثر تنفيذ القوانين والالتزام بها بالأعراف الاجتماعية السائدة. ومن هنا بدأنا نهتم بدراسة الأعراف من خلال المنهجيات التي طبقها البنك الدولي في العديد من الدول والمنهجيات التي وضعها مركز بصيرة وشارك د. احمد زايد في صياغتها. نتمنى بعد إطلاق الدراسة أن نبدأ حوار مجتمعي حول الأعراف الاجتماعية السائدة. وفي كلمتها توجهت د. مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة بالشكر لمكتبة الإسكندرية ود. أحمد زايد الذي بذل جهد كبير في وضع الإطار النظري للدراسة. كما توجهت بالشكر للدكتور ماجد عثمان الرئيس التنفيذي لمركز بصيرة والذي يدير مرصد المرأة المصرية الذي يقوم بمتابعة وتقييم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة. وأعربت د. مرسي عن سعادتها بإطلاق دراسة الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة، حيث إنها عامل ضروري ومكمل للقوانين التي تهدف إلى زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة، وقد استوقفني عدد من النتائج الهامة للدراسة منها أن المرأة المصرية تتعامل مع الأعراف السائدة بصورة مسلم بها وتوافق عليها، مما يضع عليها ضغوط. وأشارت د. مرسي على أن المجلس القومي للمرأة يقوم بالعديد من الجهود لزيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة وكسر الحواجز التي تضعها الأعراف والقيم الاجتماعية على المرأة. وأكدت مرسي على أن المرأة عليها دور كبير في توصيل رسائل إيجابية لمن حولها حول مشاركة المرأة، وأن تلعب المرأة العاملة دور في إتاحة فرص عمل للشابات وتدريبهم لخلق جيل جديد من المرأة العاملة المؤهلة. وخلال الجلسة الأولى عرضت الأستاذة نهى الخرزاتي الباحث بمركز بصيرة سابقاً منهجية الدراسة التي أجراها مركز بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة حيث أشارت إلى أن التنمية المستدامة تعتمد على الاختيار الواعي من قبل المواطن و إتخاذ القرارات مستندة على الآدلة من قبل متخذ القرار من أجل تحقيق الرفاهية لجميع الأجيال الحالية والمستقبلية. وتعتمد منهجية دراسة الأعراف الاجتماعية على قياس 4 أوجه هم المعتقدات الشخصية للفرد، تصورات الفرد حول معتقدات المجتمع، ما يرى الأفراد أن مجتمعاتهم يقومون به بالفعل، السلوك الفعلي. وفي الجلسة الثانية عرضت الدكتورة حنان جرجس نائب الرئيس التنفيذي لمركز بصيرة نتائج الدراسة والتي ركزت على مؤشر الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة، والذي يعد أول مؤشر من نوعه يسمح بالقياس الكمي للأعراف الاجتماعية المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة مما يسمح بمتابعة التغير الحادث في تلك الأعراف. وأشارت جرجس إلى أن المؤشر يعتمد على خمسة محاور هم حق المرأة في العمل، دور المرأة داخل وخارج الأسرة، دور الرجل، ظروف العمل، والتمييز ضد المرأة في العمل. وأوضحت النتائج أن منظومة الأعراف الاجتماعية في مصر غير مواتية لزيادة المشاركة الاقتصادية للمراة حيث يرى 89% من المصريين أنه عندما تقل فرص العمل يجب إعطاء الأولوية للذكور عن الإناث، كما يرى 69% أن الستات لاتصلح للشغل إلا فى أعمال معينة، كما يرى 76% أن السبب الأساسي إللي يخلي الست تشتغل الحاجة المالية لأسرتها، ولم تتجاوز قيمة مؤشر الأعراف الاجتماعية 45 نقطة مئوية مما يعكس منظومة أعراف اجتماعية غير مواتية للتمكين الاقتصادي للمرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية. وتوضح النتائج أن قيمة مؤشر الأعراف الاجتماعية أعلى بين الإناث مقارنةً بالذكور، وبين الأعلى تعليماً مقارنةً بالأقل تعليماً. وأشارت جرجس إلى أن الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة أكثر إيجابية بين الإناث مقارنةً بالذكور، وأن تصورات المرأة المصرية عما يعتقده المجتمع تجاه المشاركة الاقتصادية للمرأة أكثر إيجابية مما يعتقده الذكور، كما تشير المؤشرات الفرعية للأبعاد الخمسة إلى أن مؤشر حق المرأة في العمل هو الأكثر إيجابية بينما التمييز ضد المرأة في العمل هو الأكثر سلبية. وفي الجلسة الثالثة عرض الأستاذ الدكتور ماجد عثمان الرئيس التنفيذي لمركز بصيرة أهم توصيات الدراسة، حيث أشار إلى أن الدراسة أظهرت نتائج يمكن الاستفادة بها في تصميم تدخلات إعلامية وتوعوية (بما في ذلك الرسائل الإعلامية والدراما التليفزيونية والرسائل على الاعلام الاجتماعي) ويشمل ذلك إعادة النظر في بعض الثوابت السائدة، إعادة ترتيب أولويات العمل في المجال التنويري، تصميم تدخلات / رسائل تميز بين الشرائح الاجتماعية، تصميم تدخلات / رسائل موجهة لكل شرائح المجتمع. كما أكد عثمان على أن نتائج هذه الدراسة مقارنةً بالدراسات السابقة تؤكد حدوث تراجع في بعض الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة في مقابل تحسن بعض الأعراف الأخرى مما يستلزم تكرار هذه الدراسة بصورة دورية لمتابعة أثر التدخلات المختلفة التي تهدف إلى تحسين تلك الأعراف بما يمكن من زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة.