أما بعد..
فهناك دموع لا تُرى..
لاتسكبها العين..
وإنما ينزفها القلب..
فكيف نقنع هؤلاء أن ثوب حزننا أسود..
لايرى منه العابرون، وإن أمعنوا؟!..
فكيف بمن كان العمى دليله يا ترى؟!..
يليه..
وإني أعلم..
أن أوجاعنا لم تغير وجه الدنيا..
ولم ينقص حزننا العميق من عمرها شيئا..
إنما نموت في صمت..
وهم يحتفلون بالنجاة..
وكأننا أتينا عالمهم كلعنة..
وإنَّا حين حملنا قلوبَنا تمائم..
فقدمناها لهم قرابينَ ودٍ..
إنما كنا نقدمُ لهم أكفانَنا، ليخيطوها كما يشاؤون..
وقد سبق الخذلان والغدر..
رسائل الوداع المغلفة باعتذار باهت..
ثم..
وإنِّي حين هُزمتُ..
لم يكنْ ضعفا مني ولا غباء..
إنما كنتُ أود بقاءك..
ولم أكن أعلم أني أستبقي غيرَ ذي أهلٍ للبقاء..
فاذهب لا لوم ولا أسف..
لا أمل في غد يأتي ولا لقاء..
-#ثم..
سلامٌ على تلك الريحِ التي حملتكَ بعيدا عن أرضي..
أيها الموغلُ في المدى بعدا..
ليتك تخبرُ القوافلَ..
أنَّا لمْ نعدْ ننتظرُ قميصَ البشارة..
فمنذ أول غياب..
مات القلب كمدا..
وبشرت سوق الصبر بالخسارة..
انتهى..