نزحت أسرته من الوجه البحري، أقاموا بالقاهرة في منزل متواضع اشتروه من مدخرات الأب، وأشقائه الثلاثة ، عمل بمهن عدة، قدر عليه رزقه ، لكنه الصابر الراضي القانع،تزوج وأشقاؤه الثلاثة ،كل في حجرة بالمنزل ، مع والده ووالدته ،رزقوا بأولاد وبنات ، رزق بولد ،ضيقت نسوة أشقائه على زوجته،خاصة بعد مرض أمه التي كانت حاكمة للبيت ،تدفع عنها مكرهن،بل أذاقوها والأم الويل بعد مرضها ،طلبت الطلاق،حاول أن يثنيها ،صممت ،رفعت دعاوي عدة متفننة في الانتقام منه ،مع أنه قد أعطاها حقوقها كاملة ،أرهقته ماديا ونفسيا ،حتى يوم محاكمة بالقضاء الشرعي ،تحدث معه القاضي ،اقتنع بأنه أعطاها كل حقوقها ،صرفه بحكم براءة ،ظل طليقته تكيد له،تغيظه بالولد،حطمته نفسيا حتى دعا على ولده بالموت كي يستريح من العذاب،ولم تمض عدة أشهر إلا وتوفى ولده،بكاه بمرارة وأسى،ضاق به الحال فترة،لم يركن للكسل واليأس ،بل كان يقبل أي عمل حلال ،مستعينا بالصبر والصلاة،انفرجت أحواله ،عرض عليه أقارب أمه أن يزوجوه ابنتهم،ولن يرهقوه من أمره عسرا ،لم يك قد رآها من قبل ، سافر ووجدها ريفية رقيقة جميلة ،تم الزواج،عاد بها للقاهرة في رفقة أمها وأبيها ،ولما دخل الغرفة ،كشفت عن وجهها ، صعق من مرآها قصيرة ،دميمة،تكسو التجاعيد وجهها ،ليست هي التى رآها ،كظم غيظه ،علم أن أقاربه أروه زوجة أخيها ،تحمل نفس الاسم ،لم يشأ فضيحة أقاربه ،تقبلها مرضاة لله ،فليس لها ذنب في هيئتها وملامحها القبيحة ،عاش صابرا محتسبا ، عاش مستورا ،انفرجت أحواله ، لم يرزق بأطفال،مشاعر أبوته فاضت عطفا وحنانا على أبناء أشقائه وشقيقاته ،حتى لاقى ربه.