يقول الكاتب الفرنسي أندريه موروا: ” تنكشف الأخلاق في ساعة الشدة.
إبان مرحلة طفولتي لم أكن أعلم ما تعنيه كلمة الغدر أو الخيانة أبدا، ولما صرت شابا يافعا علمت وقتها معنى الغدر لكني بقيت أبحث لوقت طويل عما تتضمنه كلمة الخيانة، وما يمكن أن تختزله من أبعاد ومضامين إلى حين أن بلغت أشدي وصرت رجلا في مقتبل العمر.
هكذا بدت لي الحياة بكل عفوية بادئ الأمر، بعدها اكتشفت أن الحياة ليست دائما عادلة كونها من حين لآخر تصفعنا بألم شديد لنستفيق من سذاجتنا ونتنبه من إفراطنا منحنا ثقتنا الزائدة واللامشورطة لمن هم حولنا سيما منهم أولئك الدخلاء الغرباء الذي يقتحمون حياتنا من باب الصداقة والمودة، لنستنتج في نهاية المطاف أننا حقا نستحق كل ما جرى لنا وما نعانيه الآن من خيبة الأمل إزاء نوع من البشر لا يحملون من هذا السم سوى الهيئة الآدمية دونما اتصافهم بأية رجولة أو مروءة أو قيم وأخلاق.
لذا، كفانا أذية لأنفسنا، كفانا عيشنا في العذاب الكبير عذاب سببه حيرتنا في اتخاذ القرار إزاء فئة حثالة البشر الذين تحدثت عنهم بكل تأكيد، فلطالما كان لدينا أمل في أن ينصلح حالهم ويعدلون عن غيهم ويتخذون خطوات خير وصلاح وسدا لكني كنت مخطئا نتيجة نسياني قول الشاعر الأمريكي والت ويتمان : “هل تعتقد أنك تعلمت من الأشخاص الذين امتدحوك ورفقوا بك، أم تعلمت من الذين انتقدوك وتهجموا عليك .. تذكر أن كتب التاريخ ممتلئة بأسماء بشر دمرهم المنافقون الذين أمطروهم بالمديح والرياء”.
ورفقا مني بحالتي النفسية، قررت بشكل لا رجعة فيه إيلاء نفسي سكينتها المستحقة، وعقلي راحته المتطلبة، وصحتي الجسدية ما يوافقها من عناية واهتمام، لعلي أجد راحتي المنشودة وصحتي الفقودة، أما عن بقية من غدروا بنا فالأيام المقبلة وحدها كفيلة لتخبر العالمين أي منا على صراط مستقيم “وفقكم إبليس يا أيها القوم الضالين”.
كيف لي أن أثق في بعض حثالة البشر وأنا الذي سقطت لأكثر من مرة ولم أجد بجانبي إلى أمي بعد ربي خالقي، كيف لي أن أنسج علاقات مع العناكب وأنا على علم أن خيوطها من أوهن الخيوط، كلا ثم كلا لا لعلاقة المصلحة، لا لعلاقة التصنع، لا لعلاقة تقلبات أحوال الطقس “العلاقات الموسمية”.
رفع القلم … وجفت الصحف