وجد أنه لابد أن يطلقها طلقة بائنة هذه المرة، فذلك هو الحل الوحيد. نعم لابد له أن يفعل ذلك فلم يعد باستطاعته الاستمرار في حالة التردد هذه فلينهِ الأمر برمته بكلمة واحدة ويستريح ويبدأ حياة جديدة. إنها لا تشعر به ولا تستحقه وتستنزفه تماماً، وكم لام نفسه على العيش معها طوال تلك السنوات، يتحمل في كل لحظه أذاها الذي لا تمل منه ولا تعرف غيره، والذي لا ينتهي أبداً. ليس لديها إحساس ولا تعرف إلا الأخذ والأخذ والأخذ، وإن أعطت فإنما هي لحظات لا أكثر، ولم يسمع منها أبداً كلمة واحدة تبعث على الرضا. إنها تعتبر أن حبه الشديد لها وولعه بها قد جعله أسيراً لديها أو عبداً تفعل به ما تشاء. ولها الحق في ذلك طالما لا ترى منه إلا الخنوع والانصياع لها دائماً كيفما شاءت وكيفما أرادت. فكم هجرها وطلقها من قبل ولكنه كان دائماً يعود إليها خانعاً ذليلاً يقبلها ساعياً لها مهما تكلف في سبيل ذلك. لا .. لا .. لن يضعف هذه المرة ولن ينصاع لها أبداً فقد أخذ القرار وانتهى الأمر، كفاها ما فعلته به حتى أنهكته تماماً وأورثته المرض.
دخل إلى المنزل مكفهر الوجه والشرر يتطاير من عينيه، والعزم يدفعه، فلا يمكن الآن أن يلويه عن تنفيذ قراره شيء. واتجه إليها من فوره في إصرار، وصاح: أنتِ طالق بالثلاثة طلقة بائنة لا رجعة فيها، فاغربي عن وجهي فلا مكان لك هنا ولا في حياتي بعد الآن. ولم يشعر بنفسه في ثورة غضبه إلا وهو يقبض عليها بيده ويلقيها من النافذة. وجلس هادئاً يلتقط أنفاسه المتلاحقة، فقد استطاع أخيراً أن يتخلص من علبة سجائره……….!