ان اول كلمة نزل بها القرأن الكريم هي كلمة ” اقرأ” التي تشكل مفتاحا مهما للفهم والعلم والمعرفة الا اننا لم نستفيد من تراثنا الحضاري المرموق. فلا عجب.. إن أصول العلوم التي يفتخر بها الغرب الان منبع أصولها وأساسياتها من حضارتنا الإسلامية الجليلة بل ان علماءنا هم اول من وضعوا أسس الهندسة وأسس الطب ومنهم من فسر كيف نرى وكيف ممكن أن نطير ولولاهم لما عرفنا اليوم البوصلة في الوقت الذي كان الغرب يأكل بعضه بعضا ويعيش في عصور التخلف والظلام. ان الامر الذي يتفق عليه الجميع ان العلم والمعرفة والبحث العلمي يمثلان أحد اهم ركائز التنمية بل ان ما نعيشه ونستخدمه في حياتنا الان من منتجات عديدة وخدمات متنوعة ندين بها لجهود العلماء والباحثين ورواد الاختراع والابتكار في العالم. ان البحث العلمي هدفه الأساسي انشاء تقنيه جديدة او معدلة يمكن ان توفر ميزه تنافسية على كافة المستويات والمجالات. كما انه محور المجتمعات والنواة التي تقوم عليها الدول المتقدمة وبعض الدول النامية التي تسعى الى استعمال نتاج البحث العلمي دون تنفيذه في الواقع. وتقوم الدول المتقدمة بتسخير كافة امكانياتها واستغلال مؤهلاتها وامكانياتها للحصول على لقب الدولة المتقدمة في مجال العلوم والبحث العلمي حيث تخصص جزءا من الناتج القومي الإجمالي وجزءا من إيراداته لخدمة العلم والعلماء حيث دخلت البلدان فيما بينها في مجال المنافسة في أوجه البحث العلمى المتنوعة .
واننا للأسف كعرب ومصريين مكتفين بإن نكون مستهلكين للإنتاج الغربي والغير الغربى طالما نملك الأموال التي تمكنا من شراء تلك المنتجات ونحن لا نفكر بان الاعتماد على الاستيراد من تلك المنتجات يحد من قدرتنا على الاستقلالية والتحرك وفق مصالحنا الوطنية
ان الأوان ان نهتم بالبحث العلمي لأنه المسئول الأول عن تحقيق التطور والتقدم في كافة المجالات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ولذا أصبحت قضية تطوير ودعم البحث العلمي قضية امن قومي لما له من دور في صناعة الحاضر وضمان مستقبل افضل للأجيال القادمة واصبح الاستثمار في مجال البحث العلمي هو من اهم وافضل أنواع الاستثمار في العالم حيث ايقنت الدول المتقدمة ان البحث العلمي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة فأولت له العناية المستحقة ووفرت للباحثين المناخ الملائم والوسائل اللازمة للعمل كما احتضنت الابداعات والاختراعات واستثمرت العقول المبتكرة وفق خطط واهداف محددة ورغم توافر الموارد البشرية والمادية الكافية لدى العرب والمصريين الا ان الفجوة العلمية والتكنولوجية بيننا وبين العالم الغربي ما زالت تتسع ومن اهم أسبابها ان البحث العلمي لايزال يعانى من معوقات وتحديات عديدة تثبط عزيمة العلماء والباحثين وتؤجل ظهور نهضة شاملة طال انتظارها . من المعروف ان دولا اسيوية كالصين والهند وكوريا الجنوبية على سبيل المثال بدأت جهودها التنموية في الستينيات من القرن الماضي بل كنا كمصريين متفوقين عليهم. وذلك بسبب عدم انفاقنا على البحث العلمي بالقدر الكافي الذي يؤهلنا ان نكون من الدول المتقدمة. لو نظرنا الى دولة الكيان الصهيوني تخصص 1% من أجمالي الناتج القومي الإجمالي للبحث العلمي وبلغ ذلك أكثر من ستة مليار دولار وقد أدى ذلك ان هذا الكيان يصدر برمجيات بنحو 20 مليار دولار سنويا. كما ان الصين والهند تحققان نجاحات كبيرة في مجالات الاتصالات – شركة هواوى – او في مجالات التسليح وتقنيات الفضاء كما ان الهند أصبحت معروفه بأنها تمتلك أشهر خبراء التقنية والكمبيوتر في العالم فضلا عن قدرتها في مجالات الاتصالات والتسليح وأصبحت هي الأخرى من رواد الفضاء. وفى كل الحالات كان البحث العلمي هو السبيل الى التقدم والرقى ومازال الشباب الخريجين من العرب والمصريين يطمحون في تكملة دراساتهم العليا والعمل في أمريكا والدول الأوروبية التي توفر لهم البيئة العلمية الملائمة لتطلعاتهم وند وكذلك ونجدهم يحققون تفوقا ملحوظا في مجالات عملهم هناك سواء كان في كرة القدم او الذرة او الفضاء وتقنيه النانو او علوم الطب والهندسة وغيرها من العلوم الأخرى ولا نلوم ابناءنا على هجرتهم ولا على تفوقهم خارج بلادهم وذلك لسبب بسيط هو ان المسؤولية الأولى عن هجرتهم تقع على عاتق دولهم التي لم تتمكن من توفير البيئة المناسبة وتوفير المناخ القادر على الاستفادة منهم كعلماء وباحثين ومبتكرين دون محاكمة للنوايا أوكبت ومصادرة للأفكار بشكل او بأخر . ان القطاع الخاص في الدول المتقدمة يقوم عبر شركاته بدور الانفاق على البحث العلمي في المجالات المرتبطة بتلك الشركات والاستفادة العلمية من نتائج البحوث عبر امتلاك حق الملكية الفكرية لها وهو امر شائع سواء في مجالات الدواء او في مجال النقل والاتصالات وتقنيات الطاقة المتجددة والكهرباء والزراعة وغيرها من العلوم الأخرى فان البحث العلمي بعتبر بمثابة القاسم المشترك الأكبر بين جميع الدول التي استطاعت تخطى عتبة التخلف في السنوات الأخيرة سواء بالنسبة لدول النمور الاسيوية او بالنسبة لبعض الدول الافريقية والأوروبية الشرقية ولكن الصحيح والمؤكد اننا لسنا رافضين للبحث العلمي وللتطور ولكن المشكلة تظل مشكلة إدارة ومشكلة خيارات واولويات تحددها الدول والحكومات في النهاية.
ويبقى التساؤل قائم – متى وكيف تقوم الدول النامية بتطوير ودعم البحث العلمي بكافة صوره ومجالاته ؟!
المحامى — مدير احد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا