العالم الذي نعرفه لن يشبه من قريب أو بعيد العالم الذي سوف تتمخض عنه الأحداث، تلك الأحداث الجارية بالفعل، أو تلك التي تنتظر اللحظة المناسبة، فلا تبقي ولا تذر.
يستحيل تفسير ذلك هنا، في هذا الموضع الضيق، وحسبنا أن نشير إلى العناوين الحاكمة:
1- الصين تنطلق لابتلاع الاقتصاد العالمي.
2- روسيا تضع خطًا أحمر، دونه الحرب النووية.
3- أوروبا حائرة تتخبط.
4- أمريكا في حالة فوضى عارمة، نتيجة انقسام حاد في المجتمع، لم تشهده منذ أيام الحرب الأهلية، ما بين جناح يميني قومي متطرف يقوده دونالد ترامب شعاره أمريكا للأمريكيين، وبين جناح يساري تقوده المؤسسة التي اخترقت المجتمع الأمريكي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وسيطرت على المال والإعلام بكل صوره، كما سيطرت على الساسة والمجلسين التشريعيين والـ CIA والـ FBI والبيت الأبيض، فهي قابضة على أمريكا من جميع النواحي، وجعلتها ليست للأمريكيين وإنما لمصالح جماعات بعينها مسيطرة على الدولة، إلا الجيش الذي لم يسمح باختراقه ومازال مؤسسة وطنية مستقلة، ويرشح هذا الجناح مرشحة الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية في انتخابات نوفمبر القادم 2024.
هي مسألة حياة أو موت للطرفين، لن يتنازل فيها طرف قيد أنملة للطرف الآخر، ومن ثم سيفرض الصدام الخشن نفسه بينهما ويصبح أمرًا حتميًّا. طرف خطته تفكيك الهوية الأمريكية، وطرف خطته القضاء على الدولة العميقة، ونذر ذلك واضحة الآن لمن يتابع الأحداث. ومن ثم فإن نتائج الانتخابات الأمريكية، سوف تكون هي ساعة الصفر لتفجير الأوضاع. فإما أن يفوز دونالد ترامب، ونحن نشك كثيرا في إمكانية ذلك، فحينئذ لن تقبل الدولة العميقة تدميرها، فتشعلها نارا تأكل الجميع، وإما أن ينتصر الديمقراطيون ممثلو الدولة العميقة، فحينئذ لن يقبل التيار الوطني ضرب المعول الأخير في تفكيك هويته.
نصف الشعب الأمريكي في مواجهة نصفه الآخر، فهي حرب أهلية، لا نشك في ذلك، وبالتالي فإن انهيار الاقتصاد الأمريكي مرجح جدا، ومن ثم اقتصاد العالم كله، في كارثة لم نشهدها من قبل.
ثمة احتمال لا يمكن استبعاده، هو أن أصحاب القرار سيدخلون أمريكا في حرب، إما مع الصين حول تايوان، وإما مع إيران، وهو الأرجح، قبل شهر نوفمبر، فلا تكون انتخابات، ويكون لديهم الوقت الكافي لمعالجة أمر ترامب، لا يمكن استبعاد ذلك، على الرغم من أنه بعيد.
أقول: لن يكون قادرا على إنقاذ أمريكا من الحرب الأهلية، ومن ثم إنقاذ العالم، إلا الجيش الأمريكي، المؤسسة الوطنية الوحيدة التي لم تسمح باختراقها.