• كنت طفلة قد بدأت رياحين الشباب تطرق أيام عمري وتنثر شذاها في قلبي ..وترسم لي دروبا حالمة كمعسول الرؤى ما بين أجنحة السبات…
ثنايا كثيرة أكاد أتوه بينها…لا أعرف أي الدروب أسلك..هنا شيء في صدري ،والسكرية، وقصر الشوق، وبين القصرين، واللص والكلاب،….. أسلك ثناياها وأنشدّ لخان الخليلي والأسواق والاحياء الشعبية،والسيدة زينب، .ويذوب قلبي الصغير في قصص الحب والغرام التي تلهب أزاهيري فتتفتح وتطرح شوقا لكل شبر من هذه الأماكن التي كان حبي لها عذريا …ولي في حبها فنون…فكم تمنيت أن تكون لي فساتين شادية ،وسعاد حسني.وكم رددت بعض أغانيهما في أفلامهما.. وكل مرايا بيتنا شاهدة على تلك السنفونية التي كانت أغاني الأفلام تعزفها على أوتار وجداني فتراقصني آيات الإعجاب.وأمارس هذه الطقوس القدسية في غياب والدي المحافظ ..وأمي الحازمة..أمارسها..فأشعر أنني طير لا يروم الأرض بل يسمو إلى السماء..وأحلم بفارس من فرسان أحلامي الكثر …يأخذني على حصان ويطوف بي مصر من القاهرة إلى شواطئ الإسكندرية الجميلة إلى سهول الصعيد التي ألهمني عظماؤها.من سعد إلى أم كلثوم إلى عميد الأدب العربي…والايام وعلى هامش السيرة . فنحتت في ملامح رائعة ماتزال آثارها إلى اليوم على صفحات ذاكرتي التي وإن شابت النواظر مني فلا تزال تتضح تفاصيلها يوما بعد يوم… فأدمن سماع الست حين تصدح ذكريات حبي وحبك ما انسهاش.. وفريد الأطرش يردد تونس ايا خضراء يا حارقة الأكباد..فينمو حب هؤلاء في كل جارحة من جوارحي بدون استئذان..وحال سبيلي يقول هو صحيح الهوى غلاب….وقدري أن أهوى عالما بلا عنوان…عالما يبدوسحريا لكنه صعب المنال…فيواسيني محمد عبد الوهاب حين يشاطرني ما أشعر به خلوني أحبو على هواي
وأعيش في حبو سعدي وشقاي.
• وخطت بي الأيام خطواتها واكتشفت بين مقاعد الدراسة،وبين سطور التاريخ أن عشقي لمصر ليس عشقا محرما كما كنت أعتقد، فمن هنا على أرض المهدية…رسم المعز لدين الله الفاطمي خطته لفتح ام الدنيا..وإطلاق اسم قاهرة المعز عليها…ومن الخضراء عاش حلمه في اتخاذ أرض النيل عاصمة عريقة لحملته أمنت كل الأعراق والعقائد العيش فيها وتغنى بحبها الشعراء والولهانون و..إذا فلي فيها قرابة ،دم ومصاهرة، وأحباب، وخلان ،ولي فيها أبطال، وشهداء قد ارتقوا دفاعا على الأرض والعرض والمجد… اليوم صار حبي شرعيا…فتونس هي قلب مصر ،ومصر مني ولي… وسأصرخ عاليا أنا حفيدة المعز…ولا شيء يمنعني من هواها…سأصرخ أن بلاد العرب اوطاني والأمة كلها أهلي وأحبابي وخلاني …ولابد من تشييد جسر أعبر به بين أوطاني دون قيد ولا جواز سفر.. انتهت