أول إجازة من عمله بعد خمس سنوات قضاها بعيدا عن الوطن ، قتله الحنين لكنه فضل غربة أخف ،غربة حقيقية لأجل لقمة العيش وتحسين أحوال عائلته ،نجح خلالها بالفعل في شراء شقة بإحدى المدن الجديدة بعيدا عن الحي الشعبي الذي ولد ونشأ فيه ،كانت زوجته وابنته الوحيدة تقضيان إجازتيهما كل عام معه ، لقد عاد بعد أن أخبرته زوجته بأن وكيلا للنيابة يريد خطبتها ،تعرفت عليه في صف الدراسات العليا في الكلية التي تعمل معيدة بها ، فرح جدا ،وحضر العريس وأمه وأبوه، استقبلهم أحسن استقبال ، قدم أبو العريس نفسه وولده أحس أن اسم وشكل العريس ليس بغريب عليه ، وكيف أن ابنه مجتهد فلقد تخرج في كلية الشرطة ،وعمل دراسات عليا ،والتحق بالنيابة ،ويسعى للحصول على الدكتوراه ،وهو يسعى لتحقيق حلمه أن يعمل قاضيا ،انفصل بذهنه مستجمعا ذاكرته،بعد محادثة قصيرة فاتحه أبو العريس في أن يشرفهم بقبول طلبهم يد ابنته الدكتورة لابنهم وكيل النيابة ، بدون تردد أجابهم فلتسل ابنك الضابط السابق وكيل النيابة الحالي الذي يسعى أن يكون قاضيا هل ترك لي بقية من كرامة حين صفعني على وجهي أثناء تواجدي بقسم شرطة…. إذ استدعيت لدفع غرامة ، وأنا الذي لا أخالف القانون ، سمع ضجيجا من مجموعة كانت معي بغرفة الحجز، وصفع الجميع بكل جبروت وعنفوان ، وأنا أولهم ، لم يكلف نفسه بالتحقق ،لم يراع سني ، لم أعرف لمن أشكو ،لملمت أوراقي وسافرت للعمل بالخارج ، غربة بغربة بدلا من غربتي في بلدي وبين أهلي ،الأمر متروك لك يا ابنتي هل توافقين على من أهان أبيك وجرح كرامته ،غادرت البنت باكية بعد أن حضنت أبيها طبعا لا .