منذ أن تولى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وقد أخذ على عاتقه تحقيق ماهية العدالة الاجتماعية ونصرة أصحاب الحقوق؛ حيث إيمانه الراسخ بأنه لا انحياز ولا تحيز؛ فالعدالة تحكمها القوانين لتستقر المجتمعات وتتمكن من أن تحقق نهضتها وترتقي ويزدهر نتاجها، وتسير الحياة بكافة مناشطها في تناغم وانسجام، وهذا بالطبع مرهون بتفعيل نصوص القانون سواءً أكان ذات طابع اجتماعي، أم سياسي، أم جنائي.
والعدالة الناجزة تدفع جموع المواطنين إلى مزيد من العمل وبذل أقصى ما في الجهد؛ كي يبلغ الفرد مراده المشروع، كونه اطمئن على مسار استقامة المعيشة؛ فلا يتجنى عليه أحد، أو يظلمه أحد، أو يسلب حقه كائن من كان، وهذا الوصف يؤدي في مآله لأمر جامع؛ ألا وهو حب الوطن وعشق ترابه؛ فلا إفراط، أو تفريط نجده، أو نرصده، أو نلاحظه، كما أن صورة الترابط والتكاتف والتوافق والمؤازرة والتكافل تجدها بين أبناء المجتمع الواحد؛ حيث إن العدالة رسخت للقيم النبيلة التي تحفظ نسيج المجتمع، بل وتعضده وتثبت أركانه.
والمُناخ الذي يعززه سيادة الرئيس يؤكد على صورة الاندماج الاجتماعي الذي يشير إلى علاقات المودة، والعطف وحب الآخرين، والتعاون، واحترام حقوق الغير، والتعلم العميق الذي ينتج أفكارًا مثمرة تؤدي إلى مزيد من التفاعل الاجتماعي مع المجتمع الذي يستوعب الإنسان ثقافته ولغته، ونكاد نصف الاندماج الاجتماعي بأنه يشكل العملية الاجتماعية التي تُمكن الأفراد من الانصهار في مجتمعاتهم أفقيًا بتمثل قيمها وعاداتها وأنماط معيشتها، ورأسيًا باكتساب هوية سياسية تعزز انتسابهم لمؤسسة الدولة وتوطد ولاءهم لها.
وفي ضوء غاية الاندماج الاجتماعي النبيلة التي سبق الإشارة إليها، وجه فخامة الرئيس لتدشين العديد من المبادرات الرئاسية التي تعزز صورة الشراكة الفعلية بين المجتمع ومؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية في شكل علاقات أفقية قائمة على التنسيق بين عناصر الحياة الاجتماعية؛ لتنقذ أصحاب العوز من الضياع، وترسم خريطة لمستقبلهم المشرق عبر مسار تنموي فعلي، ومن ثم تتشكل نماذج جديدة وعلاقات قوية بين الدولة ومؤسساتها ومواطنيها، وتسهم في إزالة الحواجز القائمة بين الطبقات أو الجماعات المختلفة داخل المجتمع الواحد، ويزيد من مستوى التلاحم والتضامن، والترابط، والتشابك، والوحدة.
وهذا يتناغم مع رؤية مصرنا الحبيبة 2030 في منطوق نص هدفها الثاني الذي يؤكد بأن الدولة تسعى عبر أجندتها الوطنية إلى تحقيق العدالة من خلال تحقيق المساواة في الحقوق والفرص، وتوفير الموارد في كل المناطق الجغرافية، في الريف والحضر على حد سواء، وتعزيز الشمول المالي، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجاً، ودعم مشاركة كل الفئات في التنمية، وتعزيز روح الولاء والانتماء للهوية المصرية.
ونعي أن الفكر التنموي للدولة المصرية في تلك المرحلة التي تمر بها المنطقة والعالم بأسره بالعديد من التحديات والأزمات والنزاعات يقوم على فلسفة التنمية بالمشاركة، بما يعني أن التنمية لا تقوم إلا من خلال مشاركة جميع مؤسسات المجتمع وأفراده مع مؤسسات الدولة؛ لتحقيق التنمية بشموليتها واستدامتها وعدالتها، بغرض تحقيق طموحات وتطلعات المجتمع ومؤسساته، ليتحقق التقدم والنمو المستمر والمتواصل والمخطط له وفق استراتيجية مصر الوطنية.
إننا على يقين من أن العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها يقوم على العدل؛ لذا تحرص الدولة المصرية استنادًا على توجيهات مباشرة ومتابعات حثيثة من القيادة السياسية الحكيمة بشأن استدامة الداعم التام والمتكامل لكافة الطبقات الفقيرة بشتى ربوع الوطن؛ حيث العمل على توفر الاحتياجات الأساسية، وإقامة المزيد من المشروعات بتنوعاتها المختلفة؛ لينخرط أصحاب الخبرة في المجالات النوعية التي تتناسب معهم، ويتم تأهيل آخرين كي يحصلوا على فرص عمل تضمن لهم حياة كريمة؛ بالإضافة إلى جذب أصحاب العمل نحو المشاركة الإيجابية الواعية المسئولة في مشروعات الدولة القومية.
إننا نثمن ما تقوم به الدولة المصرية من إنجازات تلقى قبولًا وتوافقًا مجتمعيًا واسعًا؛ حيث إنها تستهدف العمل على تلبية حقوق واستحقاقات المواطنين؛ فتقدم عبر مشروعاتها ومبادراتها المستمرة مقومات الأمن الاقتصادي؛ لتشمل رعاية الذين يبلغون الشيخوخة، والعجزة، وأصحاب الهمم، والأطفال، والأشخاص الذين يعانون من وطأة الفقر المدقع، والعاطلون عن العمل بسبب من الأسباب الخارجة عن إرادتهم، وهذا ما أدى إلى أن يندمج كل فرد أو فئة اجتماعية في أنشطة المجتمع المختلفة؛ ليحدث الاندماج الاجتماعي في صورته المنشودة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر