لإعلام الجديد هو مصطلح حديث يتضاد مع الإعلام التقليدي، كون الإعلام الجديد لم يعد فيه نخبة متحكمة أو قادة إعلاميين، بل أصبح متاحاً لجميع شرائح المجتمع وأفراده الدخول فيه واستخدامه والاستفادة منه طالما تمكنوا وأجادوا أدواته.
يمثل الإعلام الجديد مظهراً جديداً كلياً، ليس في إطار دلالات علوم الاتصال فقط، ولكن في مجمل ما يحيط بهذا النوع المستحدث من الإعلام من مفاهيم خاصة كونه ما زال في معظم جوانبه حالة جنينية لم تتبلور خصائصه الكاملة بعد.
وبرغم التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام الجديد إلا أنها لم تلغ وسائل الاتصال القديمة، ولكن طورتها، بل غيرتها بشكل ضخم، وأدت إلى اندماج وسائل الإعلام المختلفة والتي كانت في الماضي وسائل مستقلة لا علاقة لكل منها بالأخرى بشكل ألغيت معه تلك الحدود الفاصلة بين تلك الوسائل، حيث أصبحت وسائل الاتصال الجماهيرية تتسم بالطابع الدولي أو العالمي.
ويكتسب الإعلام ضمن إطار ثقافي وتاريخي وحضاري سمات العصر الذي يولد فيه وخصائصه، وفي الواقع، أن عصر المعلومات أفرز نمطاً إعلامياً جديداً يختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامية السابقة، كما يختلف في تأثيراته الإعلامية والسياسية والثقافية والتربوية الواسعة النطاق لدرجة أطلق فيها بعضهم على عصرنا هذا اسم (عصر الإعلام)، ليس لأن الإعلام ظاهرة جديدة في تاريخ البشرية، بل لأن وسائله الحديثة قد بلغت غايات بعيدة في عمق الأثر وقوة التوجيه وشدة الخطورة أدت إلى تغييرات جوهرية في دور الإعلام، وجعلت منه محوراً أساسياً في منظومة المجتمع.
وتعتبر قضية العمل التطوعي من أهم القضايا التي أصبحت تحتل مكانة بارزة في العلوم الاجتماعية والفكر الاجتماعي المعاصر وخاصة نتيجة لما يشهده العالم من تحولات وتغيرات جعلت القطاع التطوعي يحظى باهتمام كافة المجتمعات والحكومات، وذلك لما يقدمه من تنمية وتقدم،
وأصبح هذا العمل يمثل ركيزة أساسية في النسيج الاجتماعي للمجتمعات ومظهرا من مظاهر تقدمها يعكس مدى مساهمة أفراد المجتمع في بناء منظومة التكافل الاجتماعي بما يعزز جهود الدولة في التنمية، ويعمل على تخفيف المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمع. وبذلك تحتاج الجمعيات الخيرية التطوعية إلى توظيف مختلف وسائل الإعلام والاتصال في مخاطبة الجماهير واقناعها والتأثير فيها هذا من جهة وتنفيذ مشاريعها من جهة ثانية.
هناك العديد من العوامل التي تعطي أهمية لعمل التطوعي في المجتمع العربي المعاصر والتي يمكن تلخيصها بالتالية :
– عدم قدرة الدولة في المجتمع المعاصر على الاستجابة لكل الحاجات المجتمعية أو تلك الخاصة ببعض فئاته لأسباب مالية بحتة من حيث عدم القدرة على توفير المصادر المالية الكافية لسد كافة حاجات أفراد المجتمع أو لأن الدولة بأجهزتها الإدارية البيروقراطية المركزية غير قادرة على الاستجابة لحاجات الناس وبالوقت المناسب أو لأسباب أخرى من حيث أن الدولة قد لا تكون لديها القدرة أو الاستعداد لتوفير وتعبئة المصادر المهمة من أجل سد حاجات الفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع والتي لا صوت لها ومن هنا تبرز أهمية القطاع التطوعي حيث يستطيع توفير الخدمات التي توفرها الحكومة ويعود ذلك لما تتمتع به مؤسسات العمل التطوعي من مرونة وقدرة على الحركة السريعة ومن هنا فإن العمل التطوعي يأتي مكملاً لعمل الحكومي وداعماً له لصالح المجتمع عن طريق رفع مستوى الخدمة أو توسيعها.
– إن القطاع التطوعي عادة ما يكون أقدر على التعرف على الفجوات الموجودة في نظام الخدمات في المجتمع وبالتالي التنويه لها وجذب الاهتمام إليها .
– إتاحة الفرصة للمواطنين لتأدية الخدمات بأنفسهم مما يقلل من حجم المشكلات الاجتماعية في المجتمع
– تمشياً مع المبادئ الرئيسية التي تركز عليها المجتمعات فإن العمل التطوعي يمكن المواطنين من خلال تعليمهم وتدريبهم ومساهمتهم بالأعمال المختلفة والمساهمة بالمشاركة باتخاذ القرارات التي تمس حياتهم وحياة مجتمعهم بشكل ديمقراطي .
– إن العمل التطوعي هو مؤشر على الجانب الإنساني بالمجتمع ويعمق روح التكامل بين الناس ويشجع على التعاون وتنمية روح الجماعة .
وباختصار يمكن القول بأن أهمية العمل التطوعي تكمن بأنه تعبير مهم عن حيوية وديناميكية الجماهير ومدى إيجابيتها وأصبح يقاس تقدم المجتمع الإنساني بحجم المنظمات التطوعية وإعداد المتطوعين به .
العوامل المؤثرة ودور الإعلام في تطور العمل التطوعي
هناك العديد من العوامل والمؤثرات التي كان لها دور في بدايات تشكل العمل التطوعي في العالم العربي، وقد أشارت د.أماني قنديل إلى أنه كانت هناك عدة عوامل رئيسة قد أثرت على بدايات العمل التطوعي وهي :
– تأثير الإرساليات التبشرية الدينية الوافدة من الغرب، والتي كان لها أثر كبير في تحفيز وظهور العديد من الجمعيات لمواجهة الغزو الثقافي والدفاع عن الهوية الوطنية العربية والإسلامية وحماية المستضعفين من الإرساليات .
– تأثير الأقليات الدينية والأثنية في القطار العربية على بدايات العمل التطوعي من خلال نشوء جمعيات ومنظمات أهلية خاصة بتلك الأقليات والتي كانت في غالبيتها جمعيات خيرية تقدم المساعدة ليس فقط لأبنائها وإنما لأفراد المجتمع بشكل عام . وتجلت هذه الحالة في كل من لبنان والأردن وفلسطين ومصر فالاعلام بدوره الوظيفي يكشف الستار عن حاجات وثقافة المجتمع ككل وذلك لأحداث التغيير التنموي والوعي المطلوب للمجتمع وبالتالي يعمل على تشكيل البناء الإدراكي السليم لسلوك الأفراد والمجتمع وتدفعه نحو المزيد من العمل التطوعي والمساهمة الحقيقية في التنمية والبناء الوطني الشامل سواءً ماديًا او معنوياً، وبالتالي تبرز هنا اهمية وجود استراتيجية تحمل توجه إعلامي تنموي مجتمعي متطور لتوعية المجتمع وافراده ووضعهم تحت مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية من خلال تحفيز وتنظيم وتقنين العمل التطوعي، وبالتالي سيكون من نتاج هذه الاستراتيجية خطاب إعلامي هادف يحمل قيما إنسانية راقية تنبع من قيم ومبادئ المجتمع من خلال البرامج الإعلامية المختلفة والدراما الهادفة والتي تساهم بفعالية في تعزيز قيم المشاركة والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والتكامل والعطاء وروح الجماعة وابراز القيم الدينية والاجتماعية التي تشجع على العمل التطوعي .
وبلا شك سيكون للإعلام أفضليته ايضاً في إبراز قصص النجاح بالعمل التطوعي سواء في الدول المتقدمة في هذا المجال او تجربة العمل التطوعي المحلية نتائجها الايجابية الكبيرة في إبراز المتفوقين بالعمل التطوعي سواء الاشخاص او الجماعات وبالتالي اظهار أهمية مبدأ الثواب لهؤلاء المتميزين وتكريمهم من القطاعين العام والخاص مما يساهم بتحفيز الاخرين مؤسسات وافراد لحذو حذوهم بالعمل التطوعي، وهنا لا بد من التنويه ان كان هنالك قصور في دور الاعلام في ابراز اهمية العمل التطوعي فقد يكون هذا القصور مرده الى احد طرفي العملية واقصد هنا وسائل الاعلام او هيئات العمل التطوعي والقائمين عليها، فوسائل الاعلام يجب ان تضع في جدول اعمالها اهمية هذا العمل كاستراتيجية وطنية مجتمعية لها ولا بد لها من اختيار الوسيلة الاعلامية الامثل التي تناسب الجمهور وهنا لا يخفى دور وسائل الاعلام الرقمي والتواصل الاجتماعي للوصول لفئة الشباب، اما هيئات العمل التطوعي فإيمانها بأهمية دور الاعلام في ابراز جهودها والتواصل الداعم مع الإعلاميين وتوفير ما يحتاجونه من بيانات ومعلومات مطلوبة سيكون بلا شك خطوة بالاتجاه الصحيح في إبراز جهودها بالعمل التطوعي .
.
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا