تتنامى النزاعات المسلحة يومًا تلو الآخر في خضم خلافات ايدولوجية ومطامع خلقتها ماهية الجيوسياسية؛ حيث اهتمام بعض الدول بآليات البحث المستدام عن احتياجاتها وغاياتها لتنمو وتتمدد خارج حدودها، وهذا في مجمله يعضد فكرة الصراعات المستدامة التي تخدم مصالح دول دون أخرى، ومن ثم تعمل على إيجاد حالة من ضعف استقرار مناطق بعينها، وهو ما يجعلنا أن نكون أكثر تضافرًا وتماسكًا واصطفافًا خلف وطننا وقيادته الحكيمة لحماية أمنه، وبقائه مستقرًا وسط لهيب وعواصف الحروب اللامتناهية.
وتبذل القيادة السياسية المصرية الجهود المضنية كي تستطيع الدول المصرية الماضية في مسار نهضتها أن تواجه التحديات الجيوسياسية؛ فإنهاء النزاعات ووقف نزيف الدماء، من أولويات الدبلوماسية الرئاسية، ناهيك عن المضي قدمًا تجاه تعزز التعاونات وتجلب الشراكات التي تسهم في جذب مزيد من الاستثمارات التي تصب في بوتقة الاقتصاد المصري؛ لتتحقق غايات برنامج الإصلاح الاقتصادي ومخطط التنمية المستدامة في شتى المجالات بوطننا الحبيب.
إن ما يعنيه فخامة الرئيس من تماسك الدولة يكمن في أنه مهما بلغت التهديدات والتحديات والمخاطر فنحن شعب مصر من خلف الدولة وقيادتها داعمون، وأن جبهتنا الداخلية المصرية متماسكة، وستظل في حالة اصطفاف دائم، ولن تفتر عزيمتها، أو تضعف إرادتها تجاه استكمال مسيرة العزة والشموخ؛ فالقاصي والداني يدرك أن مصر تتميز بقوة نسيجها المستمد من إيمانها بقيم نبيلة وأخلاق حميدة؛ فالولاء والانتماء وعشق تراب الوطن شعار أجياله المتعاقبة.
والرئيس دومًا يراهن على محبة الشعب العظيم وإخلاص مؤسسات الدولة الوطنية؛ فقد رأينا عين اليقين أنه عندما يُهدد أمن مصر القومي نجد اصطفافًا عجيبًا يدهش العالم بأسره؛ فيدرك الكبير والصغير أن دعم الوطن بات أمرًا قطعيًا من كافة فئات وأطياف المجتمع، ومرجعية هذا الأمر تعود إلى أن الوعي المصري أضحى عميقًا ومتجذرًا تجاه ما يحاك ضد الدولة من أصحاب الأجندات المغرضة.
وفي ضوء ما يعانيه الشرق الأوسط الآن من حالة ضعف وهشاشة، بل وإن شأت فقل حالة من شفا الانهيار؛ نتيجة للتغيرات الجيوسياسية التي غمرت المنطقة ومناطق أخرى وشكلت تحديات لا حصر لها؛ فقد أضحى تماسك الجبهة الداخلية المصرية واصطفاف الجميع خلف الدولة وقيادتها أمرًا يحقق ماهية الأمن والأمان والاستقرار ويدحر كل محاولة بائسة تستهدف النيل من مقدرات هذا الشعب العظيم.
وما تتفرد به المائد المصرية في تناولها لقضاياها، يعضد فلسفة الشفافية والوضوح في عرض وتناول هموم الوطن؛ إذ أنها محل الجميع دون استثناء؛ فلا أغلى ولا أهم من وطن آمن مطمئن مستقر، ومن ثم كان هناك حرص على طرح الرؤى والأطروحات التي من شأنها تُسهم في حل القضايا وإن بدت شائكة، أو معقدة، أو تشكل معوقًا من معوقات التنمية في مجالاتها المختلفة.
وما تمخض عن جلسات الحوار الوطني من نتائج وتوصيات خير شاهد على المرونة في استيعاب كافة وجهات النظر، وما يتم تداوله على الساحة المصرية محل تقدير واهتمام، وما يثار على مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال المنتديات المباشرة سواءً أكانت منظمة أم غير منظمة، تصب جميعها في بوتقة الصالح العام؛ فلا مزايدة حول الإجماع في حب الوطن.
ولضمان تماسك الدولة كابد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب الرؤية الثاقبة والفكر المستنير في أن يغير من الفلسفة القديمة في إدارة شئون الدول؛ حيث عضد فلسفة الشراكة بين الحكومة والشعب في إطارها الصحيح؛ ليتم تحمل المسئولية بشكل جماعي تجاه تحقيق غايات الدولة الكبرى؛ فصار المبدأ الرئيس قائمًا على الشفافية والنزاهة والمعيارية؛ فلا توجد غرف مغلقة، ولا قرارات تدبر بليل؛ فهذا هو الحوار الوطني أصبح مسار وشعار المرحلة الآنية والمستقبلية، إيمانًا بأن ما يرتئيه العقل الجمعي قابلًا للتنفيذ يصبح محل احترام واهتمام ومتابعة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
بكلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر