جبر الخواطر مصطلح عظيم له من قوة التأثير الكثير في القلوب ولا يختلف على قدره وأهميته أحد وهو من مكارم الأخلاق، والغريب أن هذا المصطلح لم نجد له نصا شرعيا صريحا، ومن هنا تكمن أهميته وقوته إذ إنه وصف بالعبادة وذلك في مقولة للإمام سفيان الثوري يقول فيها ” ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”
وهنا نجد التصريح بأن هذا الخلق هو عبادة تقربنا الى الله ما أجملها عبادة وما أعظمها عبادة .
فإذا تفقهنا في كثير من المعاني والأخلاق الاسلامية التي يدعو لها ديننا الحنيف سنجد أنها تحث بشكل أو بآخر عليه وتدعو له ، وهو خلق عظيم له من الفضل والتأثير في النفوس قدر كبير لا يستهان به ، وجبر الخواطر كما أشرنا من قبل ليس له تصريح شرعي أوصفة معينة رغم معناه الواضح الجلي العظيم ، فالعطف على المحتاجين جبر خاطر، وإدخال السرورعلى القلوب جبر خاطر، ومساعدة الناس وإكرام الضيف وحسن المعاملة وحسن الخلق وبشاشة اللقاء والكثير الكثير من المعاني والأخلاق الاسلامية تنطوي في داخلها على معنى جبرالخاطر، وصفات الرسول الكريم الذي وصف بأنه على خلق عظيم كلها دعوة لجبر الخواطر، فعندما ذهب الى السيدة خديجة “رضي الله عنها ” مروعا عندما جاءه الوحي وقال لها لقد خشيت على نفسي، قالت له ” كلا والله لايخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقوي الضعيف، وتعين على نوائب الحق” إذا تفقدنا هذه المعاني نجدها تصب في معنى جبر الخواطر فصلة الرحم ومناصرة المحتاجين والمعدومين وإكرام الضيف والاعانة على المصائب كلها جبر خواطر، وكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تشير إلى صلة الرحم وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد الآية الكريمة ” فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر”، والحديث الشريف ” من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” كثيرة هى الآيات والأحاديث والمعاني والأخلاقيات التي تشير الى هذا الخلق العظيم، وإذا أمعنا النظر في ثواب وجزاء هذا الخلق نجد الكثير من الجوائز والفضائل من رضا الرحمن ورضا الناس ودعواتهم بالخير ووعود الخير كثيرة ، ولكن اذا نظرنا الى عدم فعل ذلك فنجد أن “الجبر” في اللغة هو التصليح والترميم والاستعادة لذا فإن عدم الجبر هو الكسر أو ترك الكسر، فنجد أن كسر الخاطر هو كسر للقلوب وهو إثم عظيم لا يضاهيه إثم .
ومن عظمة هذا الخلق أنك تجزى به ومن نفس جنس العمل وهناك قول مأثور عظيم يشير إلى عظمة جزاء هذا الخلق وهو ” لعل الخاطر الذي تجبره يحبه الله ، فيحبك الله بجبرك لخاطر تحبه”
وكما أشرنا من قبل أنه وصف بالعبادة للتقرب إلى الله وهل هناك ما هو أفضل من التقرب الى الله، لذا فلا تستهينوا بهذه العبادة وهذا الخلق الذي يمكن أن يغير حياة الكثير من الناس للأفضل وينشر الخير والمحبة بين الناس، فالمجبر خاطره يقبل على الحياة بحب وسلام وطمأنينة لوجود هؤلاء الذين يعينون ويقدمون للناس أملا في حياة أفضل، وجابر الخاطر يجزى بثواب العظيم ، ويبشر بالخير في الدنيا والآخرة، وتجده مطمئن النفس، مرتاح البال لمساعدته للآخرين .
وجبر الخواطر فضيلة من أجمل الفضائل التي تجعل المجتمع أفضل وتنشر الخير والسلام والطمأنينة فيه .
والحق أننا كلنا في حاجة لجبر خواطرنا، لذا فاللهم أعنا على جبر الخواطر والتي بها نسألك من فضلك أن تجبر خاطرنا .
Omarfawzi3041966@gmail,com
نشر بجريدة النهار الكويتية