لماذا اهتز العالم لموت هنية ومن بعده السنوار ؟
الجواب في بطن السؤال، أو كما قال الجاحظ، المعنى في بطن الطريق… والمعنى الجلي لأولي الألباب والنهى، إنما في حصر كل مناطات القدوة في هذين الرجلين، بكل ما اصطلح الواقع على غثاء بشري لا يغني عن ماء نقي مرجو، وأعني بالغثاء هاهنا مليار مسلم استوفوا المعنى الحرفي للتكليف…
يأخذني السياق إلى الاعتراف الأسيف، بغياب القدوة في الديار الإسلامية على الإجمال… وإلا ما رأينا هذا التعسف في كل طرائق مناشدة العلو والتمكين….
كأن هنية والسنوار تباعاً، هما القدوة العامة المنشودة والمأمولة في كل دروب الحياة، فلما قتلا شهيدين، ضجت على موتهما الأرض بما رحبت، إلا المنافقين والكافرين…
وأعود لمقدمة الطرح الاستفهامي، لماذا اهتز العالم لموت هنية ومن بعده السنوار؟
ففي كليهما القيادة السياسية الغائبة عن عالمنا العربي والإسلامي جملة وتفصيلا، وفي كليهما القيادة من ألفها إلى ياءها،..
القيادة الأبوية، المدرسية، الدعوية، الجهادية، الإيثارية، النفسية، المعنوية، التطلعية حالاً واستقبالاً… عزة في الدنيا، ثبات قبل الموت، شهادة عند الموت… كأنك ترى في هذين الرجلين، الداعية المخلص، والأب الحنون الصارم، والمعلم المثقف، والحكيم المتريث، والمحدث المفوه، والملهم الخبير، وما ينبئك مثل خبير …
مات خالد بن الوليد رضي الله عنه، فكان في الجيش مائة خالد على طرازه ومنواله، ومات عمر بن الخطاب رضي الله عنه فخلف من بعده عظماء مطبوعين على فن القيادة كأنهم صنو عمر… ومات العز بن عبدالسلام وابن تيمية وابن القيم، فحاذاهم في الفضل كثيرين….
ولكن لما مات هنية والسنوار… شعر الناس بمرارة الفقد، لندرتهم في زمن طفا فيه الغثاء والرويبضة…..