يا عبدَ القدوسِ، أيُّ عطرٍ عَبَرتَ بهِ إلى الوجود؟
كأنك فجرٌ مفعمٌ بالألوانِ، زهرٌ نديٌ، ونورٌ يطفحُ في الأرجاءِ
متى جاءَت تلكَ اللحظةُ، فانتزعتني من شغفِ الشكِّ
ووهبتني فرحةَ الكائناتِ، وصوتَ الأملِ في كلِّ الآذانِ
أيُّ بلاغةٍ تنبعثُ من صرخاتكَ البريئةِ، كأنها أنغامُ الطيورِ
تُعزفُ على أوتارِ القلوبِ، فتُحلقُ بي في سماءِ العواطفِ
أنتَ الندى الذي يغسلُ أحزاني
أنتَ الملاكُ الذي أشعلَ النارَ في خيباتِ الليلِ، ونثرَ النجومَ في عينيَّ
قد كنتُ أراكَ في كلِّ خطوةٍ تخطوها
فتتحركُ الأرضُ برعشةِ وجودكَ
كأنما الحياةُ تُعيدُ صياغتها في ظلالكَ
وتتراقصُ الأقدارُ طربًا لاسمكَ، لتكتبَ الفصولَ الباهرةَ في قصتي
يا ولدي، فيك تجلَّت القيمُ الساميةُ
فالكرمُ في روحكَ يسري، كأنه شمسٌ تُشرقُ على الأفقِ البعيد
فلتكنَ حكيمًا كالعصافيرِ
تُغني للحياةِ، وللأفراحِ التي تسكنُ عيونَ المحبين
إنني أراكَ، كأنك مرآةٌ للعالم
تعكسُ الأملَ في كلِّ قلبٍ يطلبُ السكون
وتغرسُ بذورَ الحبِّ في كلِّ كيانٍ يشتاقُ إلى النور
فتبقى في قلبي نبضًا متجددًا، ومُلهمًا للأنفاسِ الأبدية
أنتَ ورثةُ الحكمةِ، والنورُ الذي ينيرُ الدروبَ
فتسلحْ بالعزيمةِ، ولا تخشَ من زوابعِ الزمانِ
فالنجومُ تعكسُ خطواتكَ، وتؤنسُ وحدتكَ
فكن كما أنتَ، وتقبل الحياةَ بحبٍ، واعتزازٍ، وشجاعةٍ
عند غيابِ القمرِ، ستبقى أنتَ الفجرَ
وعند هبوبِ الرياح، ستبقى شجرةً صامدةً
لا تخلعُ جذوركَ عن الأرضِ، بل امضِ قُدمًا
فالحياةُ محفلٌ عظيمٌ، تنبضُ في نبضاتِكَ، وتشرقُ في عينيكَ
يا عبدَ القدوسِ، أراكَ شمسًا في الأفق
تُشرقُ لتضيءَ الدروبَ المظلمة، وتُغني الأرواحَ بحكاياتِ الوجود
فما أعظمَ الحبَّ الذي يجمعُنا
وما أجملَ الوجودَ حين يكونُ بوجودكَ، فتفيضُ بالبهجةِ والمسرات