في مسار الدعوة الإسلامية إبان مهدها الأول، خلبتني طائفة من المؤمنين في مضامين براقة، تلك التي عُرفت بالأنصار، بشقيها الأوس والخزرج،،
هؤلاء الأنصار انتصروا على أنفسهم في كل مواطن تحريك نوازع الشر والاستئثار، ليحرزوا في كل موقع أجل معاني الخير والإنتصار، فرسموا لنهايتهم أجمل لوحة يتغياها الصالحون،،
في الإيثار كانوا هم السابقون، وفي الغزوات كانوا أول المقاتلين، وفي الفداء يضحون، وعلى أنفسهم في الغنائم للمؤلفة قلوبهم يؤثرون، وفي خواتيم المعارك شهداء منتصرين، …
وكانت أجمل صور النهايات، لهذه الفئة المؤمنة، بعد رحلة من جهاد النفس، والصبر والمثابرة وتثبيط اليأس، فهم الذين قاسموا إخوانهم المهاجرين مأكلهم ومشربهم وثيابهم ومأواهم وزروعهم وتجارتهم، بل إن أحدهم وهو سعد بن الربيع رضي الله عنه، عرض على أخيه المهاجري عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه، أن يطلق إحدى زوجاته فيتزوجها بعد قضاء عدتها، وأن يعطيه شطر ماله ….
الأنصار تحملوا كل مصاعب البدايات، فنالوا المجد في الخواتيم والنهايات…
قتل منهم خمسة وستون صحابياً بين أوسي وخزرجي يوم أحد، من إجمالي سبعين شهيداً..
وقتل منهم ثمانية صحابة يوم بدر من جملة ستة عشر شهيداً… فضمن هؤلاء وأولئك الفردوس الأعلى… وأي درجة تقارع الشهادة تحت لواء سيد النبيين…
وآثر ثابت بن أبي الدحداح بستان نخيله ذي الستمائة نخلة، نظير نخلة في الجنة…
وآثر عبدالله بن حرام العودة إلى الدنيا وهو في البرزخ، نظير رؤيته لله كفاحاً من غير حجاب…
واهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ الأوسي ابن ست وثلاثين سنة، نهاية مرجوة…
واستشهد معاذ بن جبل الخزرجي أعلم الأمة بالحلال والحرام في طاعون عمواس وهو ابن أربع وثلاثين سنة .. نهاية مرجوة..
واستشهد حنظلة بن أبي عامر الأوسي يوم أحد صبيحة عرسه… نهاية مرجوة…
واستشهد الأب والابن، خيثمة وابنه سعد رضي الله عنهما في بدر وأحد، بعد أن اقترعا يوم بدر على من يشترك …
وآثر الأنصار جميعاً على أنفسهم نصيبهم من الغنائم يوم حُنين، لتأليف الإيمان في قلوب المهاجرين حديثي عهد بإسلام… وعندها قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لو لم أكن من الأنصار لوددت أن أكون من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً ووادياً، لسلكت شعب ووادي الأنصار، الأنصار دثار والناس شعار.. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ] …