بعد 25شهرا تقريبًا أو بعد عام و27يومًا من بدء الإبادة الأمريكية الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة على مشهد من العالم الذي يسمونه حرًا ما زالت المفاوضات جارية دون توقف ،ودون أن تصل إلى حل لأن قوى الإبادة لم تصل إلى بغيتها من الحرب ولأنها تفهم معنى وقف إطلاق النار أو الوصول إلى حل عكس ما يفهمه الآخرون .
فالعالم الذي يتابع يفهم وقف الحرب بمعنى أن تحقق أهداف طرفي الحرب المنطقية بأن يستعيد الاسرائيليون أسراهم وأن يستعيد الفلسطينيون أسراهم مع انسحاب الإسرائيليين خارج قطاع غزة ويتم تحريك قضيتهم لتصل إلى حل ،لكن الأمريكان والإسرائيليين يفهمون الأمر على غير ذلك تماما حيث يعتبرون أن وقف الحرب والوصول إلى اتفاق يتمثل في استسلام القوات صاحبة الأرض والتي تدافع عن أرضها لعدوها يفعل بها ما يشاء وهذا هو العدل من وجهة النظر الأمريكية الإسرائيلية ،ويفهمون أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وليس لأصحاب الأرض حق مقاومة المحتلين لأرضهم ولا المطالبة بانسحاب المحتل منها مثل بقية شعوب العالم لأنهم الأمريكان والاسرائيليين لايعتبرون الفلسطينيين شعبًا له حق ولا يعتبرون العرب أمة من حقها أن تكون لها كلمتها في أرضها بدليل أن نتانياهو يتحدث عن تغييرات في الشرق الأوسط دون أن يضع في اعتباره من يعيشون في هذه الأرض وإنما ما يراه
هو فقط والمتمثل في سيطرة إسرائيل على الشرق الأوسط بدليل الخريطة التي لاتفارقه للشرق الأوسط الجديد.
لذا فقد شن أحد الكتاب الاسرائيليين هجومًا حادًا على المرشحة الأمريكية للرئاسة” كاملا هاريس” في مقال له بجريدة معاريف تحت عنوان :”تستمر في الحديث بعبارات مبتذلة ..كاملا هارس ترفض مواجهة الواقع ” لأنها تتحدث عن الحل الدبلوماسي ولاينسى مهاجمة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الذي يستخدم نفس المفردات رغم أنهما لا يختلفان في الهدف ألا وهو القضاء على أي مقاومة لاسرائيل في الشرق الأوسط فضلا عن المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان
لماذا يعيب عليهما استخدام الحل لأنه كما يقول:” يحد من الخيارات العسكرية” أي الإبادة التامة للعدو كما تقول التوراة وكما تعلم في المدارس وكما شحنه به الإعلام الإسرائيلي صباح مساء حتى آمن أن مهمته التي يلقى بها الله وهو راض عنه أن يبيد الفلسطينيين ويخضع العرب حتى يحقق إسرائيل الكبرى ويقيم الهيكل ولا يتحقق ذلك إلا بإراقة دماء وتدمير كامل للمنطقة.
لا يتوقف الكاتب عند ذلك وإنما تبلغ حساسيته مبلغا شديدًا فلا يتحمل قول كاملا أو استون في حديثهما :”كلا الجانبين” وهما يشيران إلى الفلسطينيين والإسرائيليين لأن في ذلك معاملة لهما بنفس المساواه ولأنه يعني أنهما يتجاهلان “أن هناك جانبًا يهدد الآخر ويرفض الاعتراف بحقوق ” يقصد أن الفلسطينيين أصحاب الحق وبإمكاناتهم الضئيلة يهددون الإسرائيليين الباغين وإمكاناتهم التي تتمثل في قدرات أمريكا وإسرائيل وكثير من دول أوروبا التي تعلن صباح مساء مسئوليتها عن أمن إسرائيل .
كأن أسرائيل لا تتوقف صباح مساء عن الإعلان عن رفضها إقامة دولة فلسطينية وعلى رأسها نتانياهو وكأن حماس نفسها التي تقود المقاومة لم تعلن منذ سنوات قبولها الاعتراف بإسرائيل لتكون هناك دولتان متجاورتان فلسطينية وإسرائيلية .كما أن الطرافة تبدو في قوله “إن هناك جانب يهدد الآخر “في لحظات تقوم إسرائيل بإبادة مصورة صوت وصورة للاخضرواليابس ولكل ما يتحرك في غزة .
ثم يبلغ الكاتب ذروته وهو يؤكد أن لا ينبغي السعي إلى وقف إطلاق النار إلا عندما يخسر الطرف الآخر أي استسلام الفلسطينيين واللبنانيين .
ثم يقدم خلاصة فكرته ونصيحته حين يقول : تحقيق التغيير يتطلب نصر عسكريًا ساحقًا ومقنعًا من شأنه أن يؤدي إلى تغيير في الوعي على أرض الواقع.
يريد الإبادة التي تتم بالفعل بحيث تكون الهزيمة للمقاومة مذلة إلى درجة ييأس فيها أي شخص أو دولة من التفكير في أن يقاوم العدو أو يطالب بحق لاترضي عنه أسرائيل ،وبالتالي يتغير الوعي والوعي هنا هو قناعات العرب أن الحل هو الخضوع التام للعدو وإلا وقعت لهم إبادة مماثلة.هذا الكلام تم ترديده في أول الحرب على لسان بايدن ومسئولين امريكان بلغة دبلوماسيةىأحيانا ولغة صريحة حينا آخر لكنها تحمل نفس المعني .