أما بعد..
فما زلت أذكر صفعة الخذلان تلك..
لكنني لم أعد أبكي..
ليس لأن الدموع جفت، فمحاجري تختنق بالدمع..
لكن لأن قلبي بات مملوءً بالخوف..
خائف لدرجة الذعر..
أخبرني..
قلب الخائف، كيف يعود لمن صنع خوفه؟!..
لمن أعد له قوافل الوجع..
ومهد للظلام دروبه..
وطوع للحزن طرق الوصول إليه..
قلب الخائف يا سيدي، ربما يصفح..
لكنه لا يعانق مجددا..
لا يحلم..
لا يثق..
ولا يعود..
قلب الخائف يا سيدي، ينضج سريعا..
يتعلم كيف يقيم كسره بنفسه..
حين تنقطع كل وسائل النهوض..
يؤمن جيدا أن الوعود تُخلف..
وأن العهود تُخان..
وأن القلوب تتغير..
وأن الوجوه التي كانت تستقبل صاحبه كفارس منتصر، قد تعافه تماما..
وتوليه ظهورها..
قلب الخائف يا سيدي لا يطمئن مجددا..
ولو أقسموا له على البقاء، وعلى الوفاء والتوبة..
قلب الخائف يا سيدي ليس إلها ليفتح صفحة جديدة، وينسى..
بل تظل تلك الصفحة القديمة دوما مفتوحة على جرح ملعون لا يبرأ..
فلا تلم رصاصة الغدر لماذا أصابته..
ولكن، اسأل الواقفين خلف أفواه البنادق..
ماذا كنتم تريدون حينما صوبتم..
لا تسأل الجرح، لماذا بقيت نازفا؟!..
ولكن اسأل من أطلق الرصاص..
بأي أغنية للفناء افتتحت المراهنة؟!..
وعلى أي لون من الخيانة عاهدت؟!..
اسأل تلك الحفرة التي خلفها الرحيل في صدره..
بأي معول صنعت؟!..
وبأي ساعد أعدت؟!..
سيعتريك الذهول حينما يأتيك الجواب..
ستجد أن من صنع المأساة كلها، هو ذات الشخص الذي عهد إليه أن يكون وطنك حينما تتناوشك المنافي، وأن يكون طعمة قلبك من الجوع حين تغلبك الفاقة..
ستجد أن من نصب الشراك..
هو بعينه، ذات الشخص الذي عُهد إليه أن يكون أمانك في زمان الخوف..
فبدل وغير، وأسقط وزور..
ليكون هو مصدر خوفك الوحيد، على مر الزمن..
فبأي بِر قدم، قد يغالبك قلبك ليعود؟!..
وخطاياه كل ما تحوي الصحف..
قل لي، كيف تُغرى الأقلام بالعودة إلى هنا؟!..
لتكتب غير الذي كان..
آه يا سيدي..
لو كان بالمقدور أن تفعل..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..