يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) فرع من علوم الحاسوب هدف الأنسان من خلال العلم والمعرفة إلى تطوير أنظمته وبرمجياته لتصبح قادرة على أداء مهام تتطلب عادةً ذكاءً بشريًا، وتمثل في تطوير قدرات الحواسيب أو الأجهزة الآلية (مثل الروبوتات) لتصبح قادرة علي محاكاة القدرات العقلية للبشر، مثل التفكير، وحل المشكلات والتحليل، والتعلم من التجارب السابقة من خلال معالجة البيانات وتحليلها، والتعرف على الأشياء مثل الصور والأصوات، وفهم اللغة وتعلمها والاستجابة لها، واتخاذ القرارات باستخدام تقنيات مثل الخوارزميات الذكية والنماذج التنبؤية.ويساهم الذكاء الاصطناعي في الوصول لمراحل التكيف من خلال تطوير الأداء بناءً على المعلومات الجديدة التي تضاف اليه، والأتمتة واتخاذ القرار من خلال تنفيذ قرارات مستندة إلى البيانات بشكل تلقائي، مثل القيادة الذاتية للمركبات، فالذكاء الاصطناعي هو مزيج من تقنيات متعددة تهدف إلى جعل الآلات قادرة على تحليل البيانات والمعلومات والأوامر التي ذود بها والتصرف بذكاء يحاكي الإنسان، من خلال الجمع بين التعلم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، وأضحي الذكاء الاصطناعي يُستخدم على نطاق واسع لتحسين الحياة اليومية وتطوير القطاعات المختلفة مثل التعليم، الطب، والصناعة.وثمة استثمارات متسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) حول العالم، في ظل التحديات الحديثة مع إدراك الحكومات والشركات العالمية لأهميته المتزايدة في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الابتكار، حيث جاءت جائحة كورونا لتكون نقطة فارقة وتحول كبيرة، فلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تتبع انتشار الفيروس، وتحليل البيانات الصحية، وتطوير اللقاحات.وساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تحليل البيانات الضخمة بسرعة لتوقع الكوارث الطبيعية أو التخفيف من آثارها ومواجهة آثار التغير المناخي من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتطوير أنظمة إدارة الموارد البيئية، وتطوير حلول ذكية للتحديات البيئية، مثل تحسين كفاءة استخدام الطاقة ومكافحة تغير المناخ.كما ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي علي تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية من خلال الأتمتة والتحليل الذكي للبيانات والتكيف مع الثورة الرقمية حيث يمثل أساسًا لتطوير الابتكارات مثل المدن الذكية، والمركبات الذاتية القيادة، وأنظمة التجارة الإلكترونية وتحسين كفاءة العمليات في مختلف القطاعات، مما عزز القناعة بضرورة توسيع نطاق استخدامها وتطويرها.ويحقق الذكاء الاصطناعي ماهية التعليم التفاعلي من خلال تطوير تطبيقات ومنصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتوفير تجارب تعليمية تفاعلية وشاملة، واستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتقديم محتوى تعليمي مميز وجذاب، وتقديم المساعدة الافتراضية من خلال الاعتماد على روبوتات الدردشة (Chatbots) والإرشاد الافتراضي لتقديم الدعم التعليمي للطلاب على مدار الساعة؛ للإجابة على أسئلة الطلاب وتوجيههم لاستخدام الموارد المناسبة.ويتطلب استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مواجهة التحديات المرتبطة به لتحقيق أقصى استفادة منه بشكل مسؤول ومستدام، مثل حماية خصوصية بيانات الطلاب والمستخدمون له وضمان استخدامها بشكل آمن، والتأثير على التفاعل الإنساني، وقد يقلل الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي من التفاعل المباشر بين الطلاب والمعلمين، وللإفادة منه لابد من توفير استثمارات مالية كبيرة لتطوير وتنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي وتدريب الكوادر من تأهيل المعلمين والإداريين لفهم هذه التقنية واستخدامها بكفاءة، وتوفر البنية التحتية المناسبة في جميع الأماكن للاستفادة المتكافئة من الذكاء الاصطناعي.وهناك فوائد للذكاء الاصطناعي تساعد في جودة التعليم حيث يعمل علي تحسين كفاءة العملية التعليمية، وتقليل الأعباء الإدارية على المعلمين، مما يُمكنهم من التركيز على تطوير وتنمية قدرات ومهارات الطلاب، كما يُساعد على تحديث المحتوى التعليمي بانتظام ليواكب التغيرات السريعة في المعرفة والتكنولوجيا، وسد الفجوة التعليمية من خلال تقديم فرص تعليمية متكافئة للطلاب في المناطق النائية أو الذين يواجهون تحديات في الوصول إلى التعليم التقليدي، ودعم الطلاب والمعلمين بأدوات تساعد على استكشاف حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات التعليمية.ونؤكد الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا عصرية، بل أداة استراتيجية تمثل مفتاح الحلول للتحديات الراهنة والمستقبلية ويتطلب تحقيق إمكاناته الكاملة تخطيطًا دقيقًا، واستثمارات مستدامة، وتعاونًا عالميًا لضمان استخدامه بشكل فعّال وأخلاقي ومع استمراره في التطور، سيظل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في تشكيل مستقبل أكثر تقدمًا واستدامة للبشرية.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر