في العاشر من ديسمبر من كل عام، يتجدد التفاف ما يُسمون بأرباب النظم السياسية والمنظمات الدولية حول وسم حقوق الإنسان، في ملمحٍ شديد المغالطة والمخادعة، مؤداه زخرفي في الشكل عبثي بالمضمون، تكشفه خطايا النظم الاستبدادية في الداخل العربي، فضلاً عن التعنصر الغربي تجاه المسلمين، بوشاية العصبة الصهيو أمريكية…. فما الفرق بين حقوق الإنسان الفعلية في الماضي، من غير منظمات جحافلية غوغائية، وبين ما نراه اليوم من أوكارٍ ذات معايير ازدواجية مشبوهةٍ تكيل بمكيالين،،،
باديء ذي بدء
في طول الدعوة المكية التي دامت ثلاث عشرة سنة، لم يُقتل من المسلمين إلا نفسين اثنين هما ياسر وسمية والدا عمار بن ياسر رضي الله عنهم، وفي كل العهد النبوي الثلاثة والعشرون، كان عدد القتلى من المسلمين والكفار ١٠١٨ قتيل فقط،،،
ألف وثمانية عشر قتيلاً حصيلة احتكاكات المسلمين والمشركين خلال ثلاث وعشرين سنة، دون وجود مواثيق تقيد المشركين وتكبل شهوتهم نحو الدماء، لكنها نخوة الضمير المكنون في تعظيم حرمة الدماء ( لكم دينكم ولي دين )..
فبرزت شهامة عبدالله بن جدعان في حلف الفضول، والحارث بن عوف المري الذي أنهى حرب داحس والغبراء حقناً لدماء الكهول والأيامى والرضع، ومروءة أبي جهل في ألا يتسور بيت رسول الله يوم الهجرة، فيكشف سر نسائه، فتعايره العرب بذلك، ورقي حاتم الطائي أكرم العرب في إعانة المكروب، والمطعم بن عدي وزهير بن أمية وزمعة بن الأسود ونقضهم لصحيفة حصار شعب أبي طالب، ومن ثم خروج النبي صلى الله عليه وسلم بصحابته من هذا الحصار بعد ثلاث سنين…
وفي تاريخنا الحديث وعلى خلفية مقتل ١٥ مليون إنسان في الحرب العالمية الأولى، و٤٩ مليون آخرين في الحرب العالمية الثانية، ندد أساطين السياسة والقناصل والدبلوماسيين بحتمية إنشاء مؤسسات وهيئات دولية، تحول دون تكرار كارثتي الحرب العالمية، فتأسست هيئة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والباذنجان….
كانت المواثيق المبرمة تحقن دماء غير المسلمين محضاً، وتنأى عن دماء المسلمين والأقليات منهم في جنبات العالم ( وهم ينهون عنه وينأون عنه) …
من بعد الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا، تم العبث بالدم المسلم وحده، تارة من عواصف الكيان الصهيوني على الفلسطينيين واللبنانيين، والعدوان الروسي على الشيشان، والبطش الصربي اليوجوسلافي بمستضعفي البوسنة والهرسك، والاجتياح الصيني لمسلمي الروهيجنا ( بورما ) ، وهاهم الهندوس يستمرءون منهج أسلافهم في إبادة الكشميريين المسلمين المستضعفين، ما لهم من دون الله من ولي ولا نصير…
ومما زاد الطين بله، سفك دماء المسلمين بإخوانهم المسلمين، أو إن شئت فقل، المتأسلمين، المارقين، وما فجيعة الشعب السوري منا ببعيد …
شعارات حقوق الإنسان تُرفع لغير المسلمين فقط…
وكأن شعار حقوق الإنسان يتمثل في هذا البيت قتل امريء في غابة جريمة لا تغتفر وإبادة شعب مسالم مسألة فيها نظر..