أن تكون في حضرتك حفظة كتاب الله..لا بل صفوة الحفاظ .. المتنافسون فيما يجب وفيما يحب الله ورسوله.. فأنت في عالم علوي من الصفاءات واشراقات الانوار البهية التي تملأ الدنيا مهابة ونعيما وبرا.. أنهم أهل الله وخاصته..الاقتراب منهم يمنحك شعورا بالفخر والعزة ويغرقك في فيوضات من الآمال ويحي عظيم رجاءات تكاد أن تنقطع لولا شهاب من رحمة الله وقبس من انوار النبوة..
نعم هم الامل الحقيقي..فهم يتنافسون من أجل مستقبل غير مستقبلنا ويستعدون لزمان مغاير لهذا الزمان التعيس..زمان سوف ينتصرون فيه للحق وبالحق باذن الله ..الحق الذي يستعجلون عملية وأده..الحق الذي يطارده شبح وإذا المؤودة سئلت ..
نعم أنهم يطاردون أهل القرآن على وجه التحديد لم ييأسوا في كل زمان ومكان باستخدام كل الأسلحة المتاحة لهم حتى ولو كانت محرمة دولياً..
على مدار التاريخ لم يتركوا مركزا من مراكز الاسلام الحقيقي الا وضربوه .. استعمروا أرضه واستعبدوا أهله .. مرة في صورة استعمار عسكري مباشر.. مرة في صورة حملات صليبية مرة في استدعاء رهاب الإرهاب ومكافحته ويوهمون العالم بذلك مع انهم هم الإرهابيون الحقيقيون وصناعه ومحترفو ادارة شئونه وإشعال الفتن به ومن حوله بامتياز خاصة في العالم العربي والإسلامي على وجه التحديد..
لذلك فإن قوافل الحفاظ للقران الكريم المتدفقة في كل زمان ومكان من ارض الإسلام هي مشاعل النور وهم أصحاب البشارات الحقيقية للنصر القادم ينصر يفرح أبناء الإسلام ويغيظ العدا في كل مكان..نصر يقطع دابرهم ويستأصل شأفتهم ويريح الأرض من شرورهم وينثر ورود السعادة ورياحين المحبة على كل البلاد والعباد..
القران هو خط الدفاع الأول القوي والحصين في كل المعارك الحضارية ..في الصدارة منها معارك الهوية الثقافية للأمة .. معارك الاخلاق ومواجهة حالات التردي والاسفاف اللاأخلاقي باسم التغريب والمدنية الحديثة..في مواجهة الانزلاق الحاد والسقوط في هاوية الشذوذ والانحلال والفسق والفجور.. في مواجهة دعوات الزنا المقنع والصريحة وغيرها.. في مواجهة دعوات الخروج على كل ما استقر من قيم وأخلاق وعادات وعرف يقره الشرع الحنيف ..
اهل القرآن الكريم هم ونحن معهم بإذن الله المتمسكون بحبل الله المتين..هم حاملو الراية بإخلاص الصابرون المثابرون على كل الثغور حتى لا ينفرط العقد الفريد وحتى لا يمس خصائص الامة الإسلامية او يشوه رونقها او يلوثها أي من المفسدين في الأرض والعابثين بالعقول والمتمردين على كل قيمة او دين الرافضين لكل فضيلة او أي من مكارم الاخلاق..
ولعل هذا ما يفسر سر انزعاج القوى المعادية للمدارس القرانية في البلاد الإسلامية وأسباب إعلان الحرب عليها بعد تناميها بصورة ملحوظة..
النماذج الجديدة من اهل القران مبشرة وواعدة فهي ليست كالسابق .. فالجيل الحالي من اهل القران مرتبط بالقران عن علم ودراية .. جيل يعيش عصره ومتفاعل مع كل التطورات التقنية وغيرها ويوظفها ويستفيد منها وبعض النماذج تشعر وكانها اقوى من الكومبيوتر في الحفظ والمراجعة واستحضار البيانات والخصائص والصفات والمتشابهات القرانية وقد شاهدنا نماذج شديدة الابهار والاعجاز على هذا الصعيد ومن بينهم غير الناطقين بالعربية والامر يتجاوز كل حدود المعقول واللامعقول وياخذك الحدث مباشرة الى الإقرار بحقيقة الوحي ورسالة السماء.
من هنا تاتي أهمية وضرورة المبادرة التي اعلن عنها السيد الدكتور أسامة الازهري وزيرالأوقاف عن احياء الكتاتيب وتبني وزارة الأوقاف لها في كل القرى والمدن..نأمل ان تلقى المبادرة هذه المرة التي اطلق الوزير شرارتها من دار الشيخ محمود ابوعامر بقرية كفر الشيخ مركز تلا بالمنوفية ما تستحق من دعم ومساندة مستمرة ولائقة ولا يتوقف الامر عند مجرد الإعلان واعتماد مبلغ ما للمشرفين على الكتاتيب ثم تموت الفكرة والدعوة وتعود ريما لعادتها القديمة..
لابد ان نشير هنا الى ان خطة اضعاف الكتاتيب والقضاء عليها هي في الأساس خطة استعمارية بامتياز حاربتها بريطانيا وفرنسا بكل قوة بعد دراسات علمية استعمارية حاقدة عن تأثير وقوة الكتاتيب في بناء شخصية المسلم بعد ان اكتشفوا صعوبة تحقيق اختراق حقيقي في العقلية المسلمة وعدم الاستجابة لحملات التضليل وغسيل المخ التي يقومون بها رغم ما ينفق عليها..
الدراسات البريطانية اكدت دور الكتاتيب في الحفاظ على اللغة العربية وقوتها لدى الصغار خاصة من يحفظون القران كاملا في الصغر حيث وجدوا ان القران يوفر عددا كبيرا من جذور اللغة للطفل العربي المسلم بالالاف وهو ما تعجز عن توفيره برامج التعليم للغة الإنجليزية!!
لذلك كان القرار بإلغاء الكتاتيب لعل وعسى..
لم تفلح المحاولة مع الكتاتيب التي ظلت جذوتها مشتعلة فقرروا الدخول من باب تعليم اللغة اللغات الأجنبية للأطفال وبعد ان كان تعليم اللغات الأجنبية في المراحل الثانوية تسللوا الى الإعدادية ثم الابتدائية والان اقتحمت اللغات رياض الأطفال المراحل التاسيسية وهي المرحلة التي كان يقضيها الطفل مع القران الكريم..
العجيب ان الاسر المصرية وقعت في الفخ الا من رحم الله وبدلا من تحفيظ القران الكريم في المراحل التمهيدية المسماة كي جي يهتمون بتعليم الأطفال حروف اللغة الإنجليزية والفرنسية بل ويجلبون مدرسين خصوصيين للمهمة ويصعب ويعز عليهم لو أشار احد عليهم الاستعانة بمحفظ للقران الكريم!!
لن ينصلح حال الأمة كلها إلا بالعودة إلى حبل الله المتين..الكفيل باخراجنا مرة أخرى من الظلمات إلى النور..ليفتح ما انغلق من آفاق ويزيل ما تراكم من عثرات..
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com