تشهد مناطق شمال قطاع غزة منذ أكثر من شهرين عمليات تدمير ممنهجة لكل مظاهر الحياة هي الأعنف على الإطلاق وما يمارسه جيش الاحتلال في بلدة بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا تلك المناطق والبلدات والمخيمات الواقعة أقصى محافظة غزة حيث تعيش تحت وطأة قصف طائرات الاحتلال الحربية ومدفعيته وهمجية جيش الاحتلال، وان كل شيء مباح في تلك المناطق ولا محرمات على جيش بدون أخلاق ولا قيم، وما خلفه التدمير في تلك المناطق يفوق الوصف البشري ولا يمكن استيعابه أطلاقا فتشهد تلك المناطق مسح كامل للمباني والمنشئات ليتم إخلائها من السكان وإخضاعها للسرقة وإعادة بناء مستوطنات إسرائيلية عليها فالاحتلال يسعى لتدمير آخر المناطق التي تصلح للحياة في شمال قطاع غزة بهدف إفراغها من سكانها وتسويتها بالأرض .
جيش الاحتلال وخلال الأسبوع الماضي قام بتنفيذ سلسة من الغارات الجوية العنيفة والمكثفة والمعروفة باسم “الأحزمة النارية” على شوارع ومنازل تؤوي بعض من تبقى من مواطنين بالتزامن مع استهدافها بالقذائف المدفعية وان هذه الهجمات أجبرت الكثير من العائلات على النزوح القسري إلى مدينة غزة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي عانوا معها إثر تشديد الجيش حصاره على المحافظة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية.
غارات الاحتلال دمرت بالكامل منطقة كراج بيت حانون وشارعي شبات وغزة في بلدة بيت حانون كما كثف الجيش غاراته في محيط آخر مركز إيواء يضم نحو 300 عائلة على الأقل نزحت في أوقات سابقة من مناطق مختلفة من البلدة، وقام جيش الاحتلال بتدمير وإحراق مستشفي كمال عدوان وتعرض المستشفى للقصف والاستهداف الإسرائيلي المتواصل، وألقت الطائرات المسيرة، قنابل في باحاته، وعلى سطحه، ما يهدد مرة بتوقفه عن الخدمات في وقت يمنع الاحتلال إدخال الدواء أو الطعام، أو طواقم طبية، وإسعاف، وأي خدمات أخرى .
يأتي ذلك ضمن إطار هجوم ينفذه جيش الاحتلال على محافظة الشمال منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حينما شرع جيش الاحتلال بقصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في محافظة الشمال ألحقه بعد بعملية برية في المنطقة، وتعمل حكومة الاحتلال المتطرفة على إعادة احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، وسط دعوات يطلقها يمينيون إسرائيليون لإعادة احتلال القطاع والاستيطان فيه ودفع الفلسطينيين للهجرة .
يعيش ما تبقى من سكان في شمال قطاع غزة منذ بدء العملية العسكرية أوضاعاً صعبة جدا لا يمكن تخيلها في ظل نقص حاد في الطعام والشراب وعدم وجود أي خدمات طبية أو مستشفيات تخدمهم وما تتعرض له بلدة بيت حانون من إبادة جماعية واضحة المعالم تماما حيث يستهدف الاحتلال كل شيء في تلك المناطق وان لا احد يتحرك لإنقاذ حياة من تبقى من السكان في شمال قطاع غزة الذي يتعرض لتطهير عرقي شامل ومنظم .
ويتعرض النازحين من تلك المناطق للاستهداف والقتل والاعتقال في محاور الإخلاء والطرق التي يحددها جيش الاحتلال، كما أنه ينصب فيها حواجزا عسكرية وأمنية للتفتيش حيث بات العيش في شمال غزة مستحيل وسط الظروف الحالية وان صمود من تبقى هناك كل هذا الوقت يعتبر معجزة بكل المقاييس حيث يعمل جيش الاحتلال بكل الوسائل على إفراغ مناطق شمال قطاع غزة من السكان ويوصل رسائل أن من لم يخرج سيكون مصيره الموت حتما .