اللعب بالتدين والمتدينيين واحد من أخطر الأدوار التي يلعبها الذكاء الاصطناعي في مراحله المتقدمة حاليا والتى يحاولون فيها تطويره الى ذكاء ينافس الذكاء البشري وربما اقوى بحسب زعمهم..
بدأت المعركة تتكشف في العبث بالنصوص الدينية المقدسة في آيات القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية الشريفة وبعض المرويات والأحداث التاريخية وتوجيهها لصالح تيارات فكرية دينية أو سياسية ولخدمة أهداف أو سرديات خاصة للتأثير على الرأي العام العالمي والمحلي ايضا..
في الأيام الأخيرة انتشرت مواد ومقاطع فيديو على الفضاء الإلكتروني تحمل اسئلة وأجوبة عن الإسلام والمسلمين يقوم بها شخصيات أجنبية بعض المواد مثير للدهشة والإعجاب وربما تجعلك تشعر بالزهو عندما تجد إجابات صحيحة عن الإسلام كدين سماوي وكأن المجيب أحد علماء الدين الثقات..وربما العجب من باب الشعور بأن هناك من ينصف الاسلام وان الوقت حان لمواجهة علمية جادة ضد الحملات المغرضة على الإسلام والمسلمين خاصة بعد الحرب الضارية عليه تحت رايات محاربة الإرهاب والديموقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك من شعارات سقطت بقوة وأرغمتها المواجهات الأخيرة مع الصهيو-أمريكية-غربية أن تكشف عن ساقيها وتأبى أن تقتدي ببلقيس وترفع الراية وتقر قائلة وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين..
على الجانب الآخر اكتشف بعض الباحثين وجود تحريف واضح وصريح لآيات القرآن الكريم بوضع آيات في غير موضعها أو نهايات غير صحيحة لبعض السور..
والمشكلة أن التغيير والتداخل بين الآيات يصعب على القارئ العادي اكتشافه بسهولة ويزداد الأمر صعوبة وتعقيدا عند غير الناطقين بالعربية ومن يحفظون القران خارج ديار الإسلام..
قد يتصور البعض أن في الأمر مبالغة أو إفراط في إبداء المخاوف بحكم حالة الضعف والهوان التي تمربها الأمة ..لكن الحقيقة أن المسلمين غائبون ومغيبون عن معارك وصراعات الذكاء الاصطناعي وعلومه المتطورة بسرعة رهيبة..بعد ان نجح الغرب في تحقيق قفزات مرعبة في شتى المجالات بالذكاء الاصطناعي على طريق السيطرة على العالم..اخرها ما اعلنه عالم الكمبيوتر البريطاني ـ الكندي الملقب بـ«الأب الروحي» للذكاء الاصطناعي جيفري هينتون من أن وتيرة التغيير فى التكنولوجيا «أسرع بكثير» من المتوقع. ووفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية قال هينتون الذى حصل هذا العام على جائزة نوبل فى الفيزياء لأبحاثه فى مجال الذكاء الاصطناعي أنه «خلال الأعوام العشرين المقبلة سنعمل على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاء من البشر. هذه فكرة مخيفة للغاية. وأن البشر سيكونون مثل الأطفال الصغار مقارنة بذكاء أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية للغاية.!!
هذه التصريحات واشباهها تؤكد حقيقة أن من يملك الذكاء الاصطناعي والقدرة على التحكم به في المستقبل سوف يستطيع السيطرة على الكثير من قرارات البشر وثرواتهم.
*هنا يطرح البعض سؤالا مهما ما المشكلة اذا كان الامر علميا؟!
*والجواب ليس كم يظن البعض بان القضية علمية مجردة او بحتة ولكن الخطورة تكمن في التوظيف او ما يمكن تسميته بالتلاعب بالعلم بما يخرج به عن المقاصد السامية للغرض من التطور في العلوم.. او ما يسميه العلماء والمتخصصون في الذكاء والبرمجيات بالتحيز واللعب في الخوارزميات بما يجعل البيانات تسير في اتجاه معين لخدمة اهداف بعينها..
وهنا اسوق ما قاله البروفيسور المغربي أنس باري من جامعة نيويورك:
الخطر الرئيس هو التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي فعالمنا اليوم مليء بالتحيزات المجتمعية الكبيرة المدمجة في مجموعة من البيانات ونرى ذلك جليا في فجوة الأجور بين الجنسين مثلا أو معلومات الشرطة المعتمدة أو منح البنوك للقروض.
وقال أيضا ولا ننسى أن تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي يستند أساسا على مجموعة بيانات مخزنة قد تحتوي بالفعل على تحيز مضمّن فيها وبيانات تعكس عدم المساواة والعنصرية في العالم الحقيقي مما يؤدي إلى تنبؤات وإصدار قرارات غير عادلة.
وأجاب انس عن تاثير الذكاء الاصطناعي على العدالة والمساواة في التعليم العالي..
قال :أن كل تقنية تأتي بعيوب ومزايا والقاعدة تنطيق بالتأكيد على الذكاء الاصطناعي.فيما يخص الجانب الإيجابي يمكن نشر أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى المواد الأكاديمية والتعليمية بشكل كبير بما في ذلك البرامج التعليمية عبر الإنترنت والبرامج التعليمية الموصى بها من قبل الذكاء الاصطناعي والتعلم المخصص .أما إذا تم تصميم وإدارة الذكاء الاصطناعي بشكل سيئ فقد يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة والتمييز عن طريق تدريب الخوارزميات على البيانات المتحيزة خاصة في مجالي التعليم العالي والطب وهو ما سيخلق مخاطر متعلقة بخصوصية البيانات.
وقد يؤدي ضخ المعلومات بكميات هائلة عن الطالب أو المريض إلى خلق مخاوف أخلاقية جادة وهو ما سيجعل مؤسسات وجامعات أبحاث الرعاية الصحية بحاجة إلى إنشاء سياسات وإرشادات لجمع البيانات وتخزينها واستخدامها لفرض الحماية في عمليات تصميم ونشر الذكاء الاصطناعي.
التحيز واللعب في البيانات قضية خطيرة لا يمكن اكتشافها بسهولة وهو ما دفع خبراء الاعلام الى التحذير من التسليم بنتائج البحث عن طريق أدوات الذكاء الاصطناعي واكدوا أن الكثير من المؤشرات تدل على أن الخوارزميات والروبوتات أصبحت تستخدم للتلاعب بالرأي العام عن طريق بناء الأجندة الإعلامية والمجتمعية وتغيير مسار مناقشة القضايا العامة..
وللحديث بقية عن موقف العرب والمسلمين مما يجري على هذا الصعيد الخطر وماذا هم فاعلون ؟ّ!
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com