الإسلام دين العدل والإنصاف ، بل هو دين الألفة والمودة ، لا ينسى فضل الغير ولا يتنكر له ، بل يذكره ويعلي من شأنه ولا يجد في ذلك حرجا ولا يطيق بذلك صدرا.
ولو تدبرنا القرآن الكريم سنجد أنه أظهر محاسن الدين المسيحي واصفا أتباعه بأجل الصفات ومحاسنها.
فتارة نجده أي: القرآن الكريم يصف المسيحين بالمودة والتواضع والأدب الجم والعلم والعبادة قال الله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) والمعنى: لتجدن أيها التالي لكتاب الله أو المستمع له أقرب الناس مودة للمسلمين الذين قالوا: إنا نصارى ؛ ذلك بأن منهم علماء بدينهم متزهدين وعبادا متنسكين، وأنهم لا يستكبرون عن قبول الحق.
هذا والعلم مع الزهد والعبادة ، كل ذلك يلطف القلب ويرفقه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم ؛ فإن الزاهد المتواضع أقرب إلى الخير والبر.
وتارة نجد القرآن الكريم يصفهم بالرأفة والرحمة قال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً) والمعنى: أي: جعلنا في قلوب الذين آمنوا بعيسى عليه السلام رأفة ورحمة فكانوا متوادين، متراحمين وفيه إشارة إلى أنهم أمروا في الإنجيل بالصلح وترك إيذاء الناس فألان الله – عز وجل -قلوبهم لذلك.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا “صراحة” أنه أولى الناس بعيسى عليه السلام ففيما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بابْنِ مَرْيَمَ، وَالأنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، ليسَ بَيْنِي وبيْنَهُ نَبِيٌّ)
فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين هنا أنه أخص الناس بعيسى عليه السلام وأقربهم إليه.
واستنادا على ما سبق وغيره…وجدنا شريعة الإسلام أباحت للمسلمين طعام المسيحيين ومصاهرتهم مما يؤذن بإقامة علاقات اجتماعية حميمية بينهم قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ) والمعنى: أن الله تعالى أسبغ عليكم نعمه وأكمل لكم دينه ويسر لكم شرعه ومن مظاهر ذلك أنه أحل لكم التمتع بالطيبات، كما أحل لكم أن تأكلوا ذبائح أهل الكتاب.
وكما أحل لكم ذلك أحل لكم الزواج بالكتابيات المحصنات ؛ لتشكروا الله تبارك وتعالى على تيسيره لكم فيما شرع ولتطلبوا من وراء ذلكم إقامة علاقات اجتماعية سليمة مبناها المودة والاحترام والتعايش المشترك.
ورحم الله شوقي حين قال:
أعهدتنا والقبــــط إلا أمــــــة * للأرض واحـــدة تــــروم مَـــــراما .
نُعلي تعاليم المســـيح لأجــلهم * ويوقِّرون لأجـــلنـــا الإســــــلامــا .
الدين للـــديان جــــل جـــلاله * لو شـــاء ربــــك وحـــد الأقـواما .
يا قوم بان الرشد فاقضوا ما جرى ** وخذوا الحقيقة وانبذوا الأوهاما .
هذه ربوعـــكم وتلك ربــــوعنــــا * متقــابليــــنا نعالــــج الأيامـــا .
هذه قبــــوركم وتلـــك قبـــورنـــا * متـــجاورينا جــماجماً وعظاما.
فبحــرمة المــوتى وواجب حقهم * عيشوا كما يقضي الجوار كراما .
وهكذا نجد أن دين الإسلام دين يجمع ولا يفرق وأن المسيحية والإسلام..مودة واحترام.