جاء قرار المحكمة البرازيلية الذي أدان جنديا إسرائيليا، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوان الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لقد كانت خطوة مهمة وبالاتجاه الصحيح على طريق محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة المنظمة من ضباط وقادة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد جاء هذا القرار بناء على شكوى جنائية تقدمت بها إحدى المؤسسات الحقوقية، في خطوة اعتبرت انتصارا للقانون الدولي والعدالة الإنسانية .
وما من شك بان محاكمة مرتكبي الجرائم من الإسرائيليين وصدور هذا القرار يشكل تطورا إيجابيا في مسار محاسبة جنود الاحتلال ومستعمريه الإرهابيين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، خاصة بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق المجرمين “نتنياهو” ووزير حربه السابق “غالانت”، وبات من المهم العمل على نطاق واسع وأهمية استمرار هذه الجهود عالميا لضمان محاسبة الجنود والمستعمرين المتورطين في جرائم الحرب وجرائم الإبادة، وفقا للقانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية .
ولا بمكن ان تستمر جرائم الاحتلال بدون أي عقاب وخاصة في ظل المواقف العلنية التي تدعو إلى إبادة الشعب الفلسطيني وما صرح به بشكل علني وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إن “قرية الفندق ونابلس وجنين يجب أن تبدو مثل جباليا”، في تحريض علني على توسيع الإبادة بحق أبناء شعبنا، وطالب سموتريتش رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالدعوة إلى اجتماع عاجل من أجل مناقشة التصور الأمني، واجتثاث “الإرهاب” -على حد قوله- في الضفة بصورة حقيقية” فيما كتب وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، عبر منصة إكس: “لن نسمح أن يكون الواقع في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) كما كان عليه في قطاع غزة”.
وعلى حسب ما ورد في بعض وسائل الإعلام الدولية فان العديد من المنظمات الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني بدأت بالفعل في تقديم أكثر من 50 شكوى في محاكم محلية حول العالم، ضد جنود احتياط إسرائيليين لارتكابهم جرائم في قطاع غزة، وحسب وسائل أعلام إسرائيلية فان الأشهر الماضية شهدت ارتفاعا في محاولات ملاحقة جنود الجيش الإسرائيلي قضائيًا في الخارج، منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تم تقديم العديد من الشكاوي ضد جنود احتياط، فتحت 10 منها تحقيقات في الدول المعنية، دون تسجيل أي اعتقالات حتى الآن .
وعلى مدار 15 شهرا من حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال في غزة، عمد مئات الجنود إلى التباهي بنشر فيديوهات توثق جرائمهم في القطاع، بينها: قتل، وإساءة، وتعذيب، واعتقال، ونسف مبانٍ سكنية، حيث تتواصل جرائم الإبادة وبدعم أميركي وترتكب سلطات الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 154 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم .
ويجب على جميع دول العالم، وخاصة الدول التي يحمل جنود الاحتلال والمستعمرين جنسياتها السير على خطى البرازيل، وتفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية مرتكبيها، والتركيز على محاسبتهم الجنود والمستعمرين مزدوجي الجنسية من الإسرائيليين، وسحب الجنسيات منهم على طريق عزل ومقاطعة دولة الاحتلال .